لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
من أكثر العبارات التي يرددها أخصائيو التنمية البشرية عبارتان رئيسيتان، وهما “كن نسخة أفضل من نفسك الحالية”، والجملة الأخرى عبارة عن تساؤل، وهي “ما شغفك وهدف حياتك؟”، وللأسف أغلبنا يجهل كيفية الوصول لأفضل نسخة من نفسه، ولا يزال هناك كثيرون لا يستطيعون الإجابة بدقة عن سؤال الشغف، ليس لجهلهم بالمعلومة، ولكن السبب يكمن في شعورهم بأن هناك أكثر من مجال يجذبهم وهناك أشياء كثيرة تشعرهم بالسعادة.لذا لا يعرفون ما هو بالتحديد هدفهم لأنهم ببساطة يخشون الاختيار ظنًّا منهم أن اختيارهم سيكون خاطئًا وأن الشيء المناسب لهم لم يختاروه بالفعل، وتلك المعضلة – مع الأسف – يشعر بها البشر لأنهم يخشون الندم، وفي علم النفس هناك قاعدة غريبة جدًّا تقول: “عندما تتعدد الخيارات لن تستطيع الاختيار”، وتسمى تلك القاعدة بـ”فرط الاختيار”؛ لأن كثرة الخيارات تضر بعملية الاختيار برمتها؛ لذلك علماء النفس يقولون أن البشر لا يستطيعون التعامل مع أكثر من خمسة إلى سبعة اختيارات فقط، ولهذا ينصحون من تتعدد اختياراتهم باستبعاد باقي الخيارات الأخرى والقيام بالاختيار بين (5) أو (7) اختيارات فحسب.وقبل أن أحدثكم عن كيفية تصميم حياتنا أريد أن أوضح لكم معنى التصميم من وجهة نظري، ولكن أولًا دعونا نتخيل أن حياتنا عبارة عن قطعة أرض كبيرة، وسنقوم ببناء مشاريع كثيرة عليها سواء كانت مشاريع استثمارية أو تعليمية أو مشاريع خيرية.. إلخ.والآن لنأتي لأهم سؤال، وهو “ما الخطوة الأولى؟” وبديهيًّا يجب أن تكون الخطوة الأولى هي معرفة إمكانياتنا، وأين ومتى سنبدأ المشروع الأول، وأيّ مشروع منهم سنبدأ به أولًا، وكيف سندير المشروع بنجاح، ومتى سنبدأ مشروعنا التالي، وهل نستطيع أن نقوم بمشروعين في وقت واحد أم لا؟ كل تلك الأسئلة وإجاباتها هي “عملية تصميم الحياة” من وجهة نظري، ولا أخفي عنكم سرًّا أنا حاليًا أتخبط في حياتي لأني تجاهلت الجانب المادي في العامين المنصرمين ظنًّا مني أني لست بحاجة للادخار، ولكن أدركت أن الحياة قد تخدعك وتمشي معك بسلاسة، وفجأة ستطلب منك كل شيء بأثر رجعي؛ لذا عش حياتك بشعار الكشافة “كن مستعد دائمًا Always Be Prepared”.والآن لنذهب في جولة سريعة لمعرفة كيف تُصمم وتدير حياتك، وفي تلك الجولة سنحصل على (5) مفاتيح سحرية ستفتح لنا أبواب الجاذبية والعالم الموازي.
المفتاح الأول
الباب الأول هو باب الأهداف، وللأسف لن نستطيع عبوره إلا بعد الإجابة على سؤال “ما هدفك/ شغفك في الحياة؟” طبعًا كلنا نرغب في ترك بصمة في الحياة، والإرث إما سمعة طيبة أو علم ينتفع به أو حتى ثروة لأولادنا وأحفادنا، ولكن كيف نحقق ذلك، وهل سنكون سعداء في رحلة حياتنا أثناء تحقيق ذلك؟ والمفتاح الأول سيساعدك على ترك بصمة في الحياة وأن تفعل ما تريده بسعادة، ولكن أولًا يجب أن تجيب على تلك الأسئلة، وهي:
- من أنت؟
- ما قيمك ومعتقداتك؟
- ماذا تفعل في هذا العالم؟
- ما معني الحياة بالنسبة لك؟
- كيف ترى العالم؟
- لماذا يحتاج العالم إليك؟
بالنسبة لي سؤال “من أنت؟” هو أصعبهم على الإطلاق؛ لأني ما زلت أكتشف في شخصيتي جوانب جديدة كل يوم، ولكن على الأقل أستطيع أن أصف نفسي بأني “خُلقت لأُنقذ الآخرين ردًّا لمعروف القدر الذي أنقذني مرارًا”، ومعتقدي الراسخ منذ صغري هو أن البشر يحملون الخير والشر في شخصيتهم، ودوري أن أحفز خلايا الخير بداخلهم، وبالتالي معنى الحياة بالنسبة لي ممكن أن أصِفه بكلمة واحدة فقط، وهي “حلم” بإمكانك أن تجعله حلمًا جميلًا، وبإمكانك أيضًا أن تحوله لكابوس، ولهذا أرى العالم وكأنه عبارة عن لعبة كبيرة وكل شخص فيها اختار -قبل الاشتراك فيها- مشاعره وأفكاره مسبقًا.لهذا نجد أنواع مختلفة من البشر منهم الناجحون والأشقياء والسعداء، والقادة والأتباع، وهناك أيضًا من اختار لنفسه أدوارًا ثانوية، ومن لم يختر من الأساس واكتفى بدور الكومبارس، أما بالنسبة لآخر سؤال “لماذا يحتاج العالم لي؟”، فالإجابة عنه هي: لأني سأغير أفكارهم وسأجعلهم ينظرون للحياة بإيجابية وسألهمهم لاكتشاف أنفسهم.أعلم يقينًا أن بعض الأسئلة تحتاج وقتًا للإجابة عليها، ولكن حاول عزيزي القارئ أن تجد إجابة للأسئلة السابقة -بأسرع ما يمكن- لتستطيع الدخول لباب الأهداف.
المفتاح الثاني
وهذا المفتاح يخبرنا أن العالم سيختبرك بمواقف صعبة ومشاكل لا حلول لها، والباب المؤدي لهذا العالم يُعرف بباب “الجاذبية”، وسبب تسميته هو إعطاؤك تحذيرًا ألا تقاوم كثيرًا؛ لأن تلك المواقف الصعبة والمشاكل المستحيلة تشبه الجاذبية، وكلما أردت مقاومتها كلما جذبتك إليها مجددًا، ولهذا السبب لا يجب أن تدخل عالم الجاذبية إلا بعد معرفة كيف تحول الأمور لصالحك وتخرج من تلك المواقف بأقل الخسائر وبطريقة عملية بدلًا من إنهاك قواك في إيجاد حلول لمشاكل الجاذبية.
المفتاح الثالث
والمفتاح الثالث مرتبط بالعالم الموازي، ومن خلاله سندخل لباب الخطط الثلاثة، ولكن قبل دخوله عليك أن تقرر (3) طرق تريد أن تسلكها في حياتك، يعني لنفترض أن تخصصك هو الاستثمار إلا أن حلم طفولتك كان الغناء أو التمثيل أو الرسم، ولكنك أهملت كل شيء في سبيل التركيز على الاستثمار فحسب.. إذن حان الوقت لدخول العالم الموازي وتبدأ في تخصيص جزء من وقتك لعالم الرسم وعالم الغناء.وبعد دخولك لتلك العوالم الموازية عليك أن تضع (3) خطط لكل شيء، وثلاث سيناريوهات لكل خطة، كذلك حاول أن تختار ثلاث أفكار لأيّ مشكلة تعمل على حلها؛ لأن الخطط البديلة ستحول بينك وبين مشاعر القلق والتوتر، وستُقلل من الضغط النفسي إذا حدثت مشكلة في الخطة الأولى.
المفتاح الرابع
المفتاح الرابع ينصحك بأهم نصيحة في حديثنا اليوم، وهو كيفية التعامل مع الإغراءات؛ لأن بمجرد دخولك من الباب الرابع ستجد أمامك طرق جميلة قد يخدعك بريقها وتُظهر لك الربيع وفي باطنها الخريف؛ لذا يجب أن تضع نموذجًا أوليًّا لكل شيء في حياتك، وتستعد له وتخطط لمواجهة عقباته ومخاطره قبل أن تجازف وتقوم بتجربته؛ لأن الاندفاع والحماس قد يأتيان بنتائج عكسية.
المفتاح الخامس
والمفتاح الأخير هو مفتاح الاختيار الجيد، ويُخبرنا أن الحياة عبارة عن دروب كثيرة تنتظرنا لاتخاذ قرارات صحيحة، ومن أجمل العبارات التي سمعتها مؤخرًا كانت “لا فائدة من اتخاذ قرار جيد بشكل سيء”، وتلك الجملة تحمل معاني كثيرة ولكني فهمتها كالآتي: أن القرار الجيد يجب أن تُصاحبه طرق صحيحة لتنفيذه؛ لأنه لا فائدة من اتخاذ قرار جيد في حين أن طريقة تنفيذه قد تجعله يبدو وكأنه قرار سيء، وتلك هي النصيحة الأخيرة للمفتاح السحري الأخير.. اختر جيدًا وستجد أن حياتك تسير في الطريق الصحيح.
في الختام
أحب أن أوضح أن موضوع حديثنا اليوم كان بسبب محاضرة على منصة “TED”، وكان موضوع المحاضرة “Designing your life”، وبما أني استفدت منها كثيرًا أردت أن أكتب لكم ملاحظاتي التي دونتها من تلك المحاضرة، وهنا أود إنهاء المقالة بأجمل مبدأ تعلمته في الحياة، وهو أن تنسبوا الفضل دائمًا لأهله وأن تكونوا صادقين مع أنفسكم ومع أحبائكم؛ لأن كلما كانت الحياة بسيطة وتخلو من الزيف كلما كانت أجمل.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد