لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
كثيرون تحدثوا عن الحياة، ولكن لماذا يظن البعض أن كبار السن فقط يفهمون الحياة أكثر من الشباب!! ربما لأن أغلبنا يعتقد أن كلما عشنا أكثر فهمنا الحياة أفضل وزادت خبرتنا، ولكن الحقيقة لا تكمن في الوقت ولا حتى الذكاء والشهادات ولكنها تعتمد على التجارب التي مررنا بها وما تعلمناه من البشر، ولهذا السبب لا تسأل شخصًا عن عمره ولا حتى عن شهادته الجامعية ولا منصبه وعمله بل اسأله عن كيف تخرج من مدرسة الحياة؟وفي السطور القادمة أود أن أصطحبكم معي في جولة سأحدثكم فيها عن مدرستي التي ما زلت أدرس فيها، وما زالت تختبرني بالنجاح قبل معاقبتي على الفشل، وقبل أن أبدأ أريد أن أخبركم عن أول درس تعلمته في تلك المدرسة، وهو “أنت وحدك تمامًا في هذه الحياة”، لا أستطيع أن أصف لكم شعوري بالوحدة الذي تملكني حين تعلمت هذا الدرس، وبما أني تعلمت هذا الدرس في الطفولة؛ لذا أصبح من الصعب نسيانه حتى بعد مرور أكثر من عشرين عامًا.والدرس الثاني علمني أن أجازف بكل شيء في سبيل إنقاذ ما حققته بالفعل، وهذا هو ما قررته بنفسي في عامي الثالث الابتدائي حينما أقنعوني بالتخلي عن امتحانات نهاية العام وإعادة السنة بسبب مرضي الشديد إلا أني أصررت وبشدة على دخول الامتحانات، أتذكر أني وقتها شعرت كما لو أنهم سيسرقون مني عامًا بأكمله، ولأني كنت واثقة أن المستقبل سيأتي ومعه الشفاء؛ لذلك لم أرغب في مستقبل مقترن بماضٍ فاشل حتى ولو كان بسبب المرض، وهكذا بدأت مشواري في مدرسة الحياة منذ أكثر من ربع قرن.والآن حان وقت العودة من جولتنا السريعة في مدرستي؛ لأن جولتنا الحقيقية ستبدأ الآن، وسندردش فيها عن دورنا في الحياة وكيف نترك بصمة في الحياة.
1- ابحث عن الكنز المفقود
في أعماق كل نفس بشرية يوجد كنز لم يُكتشف بعد، ولو كنت سعيد الحظ ستكتشفه بنفسك أو قد يكتشفه الآخرون، ولكن هل تعرفون الفرق بين اكتشاف الكنز بنفسك واكتشافه من خلال الآخرين؟ إذا اكتشفته بنفسك لن تحتاج لإثبات نفسك للآخرين أبدًا، ومع مرور الوقت ستُنمي موهبتك بنفسك وستبهرهم بنجاحك، ولكن إذا اكتشف الآخرين كنزك الداخلي لن تشعر بقيمة ذاتك وستحتاج لشخص آخر دومًا ليشجعك على القيام بالخطوة التالية.لهذا السبب حاول أن تكتشف كنوزك بنفسك، وحتى لو اكتشفها الآخرون قبلك حاول أن تفهم نفسك أكثر وتعرف جيدًا كيف تستغل مواهبك ومهاراتك، ولا تترك نفسك أداة في يد الآخرين؛ لأنهم قد يستغلونك لتحقيق أهدافهم ولن يكترثوا بشأنك، وتذكّر أن كل من ترك بصمة في الحياة كان يملك هبة فريدة من نوعها، وهي “الوعي وإدراك الذات”، والأمثلة كثيرة على ذلك، وأكبر مثال هو ما فعله الرئيس السادات -رحمه الله- تخيلوا لو استمع لطلب زوجته جيهان -رحمها الله- وتجاهل قلبه ولم ينضم لثورة (23) يوليو لأصبحت حرب أكتوبر الآن من انتصارات العالم الموازي.
2- اصنع الفرص
بعد عثورك على الكنز المفقود لا تنتظر أن تقرع الفرص بابك؛ لأن الفرص لا تأتي إلا للأشخاص الذين مهدوا الطريق إليها مُسبقًا.. أتذكر في شهر رمضان الماضي كان هناك شخص يسألني عن رغبته في إنشاء قناة يوتيوب لإظهار موهبته في الإلقاء الكوميدي الساخر، ولكنه كان يخشى البدء بسبب قلة الإمكانيات، وقتها أخبرته أن كاميرا هاتفه وميكرفون صغير سيسمحون له بتسجيل مقاطع فيديو صغيرة حتى ولو كانت جودتها أقل من جودة فيديوهات اليوتيوبر المحترفين.ومع الوقت سيستطيع شراء كاميرا عالية الجودة وسيتعلم المونتاج وربما يستعين بمحترفين لعمل مونتاج وإخراج جيد لفيديوهاته، والهدف من تلك القصة هو أن تصنع فُرصك بنفسك، ولا تثق كثيرًا في الحياة؛ لأنها لن تضع أمامك أبواب الحظ، ولن تنتظرك حتى تقول: أفتح يا سمسم.
3- احرق الستائر السوداء
من أجمل الكتب التي أدهشتني مؤخرًا كتاب “Donuklar” للروائي التركي “دورالي يلماز”، ولا أخفي عنكم سرًّا أن اسم الكتاب هو الذي جذبني إليه؛ لأن لغتي التركية لم تسعفني حينها لمعرفة معنى العنوان، ولكن بعد ترجمتها انجذبت للكتاب أكثر، واسمه بالعربي “المُستَلَبون”، طبعًا لن أحرق لكم تفاصيل الكتاب، ولكني سأخبركم معنى جديد للستائر السوداء، وهي كناية عن الاستسلام للوضع الراهن، والسير مع القطيع، ومعانٍ كثيرة سلبية لا يسعني التحدث عنها الآن.ولكن هنا في حديثنا أريد أن أخبركم أن تحرقوا كل الستائر السوداء التي وضعتموها أو وضعها الآخرين أمامكم وتحول دون رؤيتكم للمستقبل، أتذكر أن أستاذتي في الجامعة أخبرتنا أن نحذف جملتين من قاموسنا، وهما “لا أعرف” و”لا أستطيع”، وقياسًا على ذلك هناك جُمل كثيرة نضعها في عقولنا، وتصبح ستائر سوداء مع مرور الوقت وتمنعنا من الوصول لأهدافنا، كذلك هناك أشخاص تقف عقبة في طريقنا إما بكلماتهم أو أفعالهم، هؤلاء ليسوا ستائر سوداء فحسب بل هم مصدرها في الأساس.
4- اعمل بقلبك
يتساءل الكثيرون لماذا مجهودي لا يُكلل بالنجاح؟ لأنهم ببساطة يعملون بعضلاتهم فقط وأحيانًا عقولهم، ولكن قلبهم يرفرف في عالم آخر، عالم يوجد فيه حلمهم الحقيقي، ولأن العالم الآن يتجه للرأسمالية؛ لذا أغلب البشر بدؤوا يتخلون عن أحلامهم من أجل المال، ولهذا السبب نادرًا ما نجد أشخاصًا نجحوا في ترك بصمة وأثر في الحياة بالمقارنة مع عباقرة الماضي، ولهذا السبب يجب أن تُقرر هل تريد أن تكسب ثروة فحسب أم تريد ترك بصمتك وتترك لقلبك حرية اختيار الحياة التي يريدها؟
5- لا تنتظر المقابل
هل فكرتم من قبل في مشاعر أينشتاين أو نيوتن أثناء انشغالهم بقوانينهم واكتشافاتهم؟؟ دعونا نعيد صياغة السؤال بطريقة أخرى، هل كانوا يفكرون في الشهرة أو في تسجيل اكتشافاتهم من أجل التفاخر بها؟؟أنا متأكدة يقينًا أنهم كانوا فخورين بأنفسهم بكل اكتشاف وصلوا إليه، وأن ما سيحصلون عليه في المستقبل من إشادة أو تقدير لم يكن في تفكيرهم أبدًا؛ لأنهم ببساطة لا ينتظرون المقابل هم فقط يفعلون كما أخبرتكم في النقطة السابقة، يستيقظون كل يوم بفضول جديد وينامون بعد حصولهم على النتائج التي يردونها، هائمون في عالمهم الخاص وكأن العالم الحقيقي لا وجود له، هؤلاء الذين لا ينتظرون مقابل -سوى الوصول لأهدافهم السامية- هم فقط من يكتبون التاريخ ويتركون أثرًا لا يُمحى، وبصماتهم لا تختفي أبدًا حتى بعد آلاف السنين.
في الختام
يجب أن تتذكر أن الكون لن يتآمر من أجلك، ولن يعمل لصالح شخص لا يحرك ساكنًا ولا يسعى، وهذا ما سنتحدث عنه بالتفصيل في المقالة الجديدة، وفيها سنعرف كيف يتآمر الكون لصالحنا، وما هو أكبر سرٍّ يجب أن تعرفه في هذا الحياة.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد