تتنوع المشاريع الريادية في عالمنا العربي ولكنها تنحصر في نطاقات معينة غالبا،وهذا يجعلنا أمام مجالات خصبة لأفكار ريادية جديدة واعدة
لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
لا نستغرب لو كان مصطلح "ريادة الأعمال" من أكثر المصطلحات شيوعا في السنتين الأخيرة، حيث الجميع صار رائد أعمال، أو يريد أن يكون كذلك أو يدعي أنه كذلك. ولا نستغرب أيضا لو سألنا الناس في الشارع عن معنى ريادة الأعمال فقالوا: " ريادة الأعمال تعني مشاريع تطبيقات الهواتف" أو قالوا "إطلاق تطبيق أكل وتوصيل". ربما لأن كثيرا من المشاريع الريادية تركز على الجانب التقني وتطبيقات الهواتف المتعلقة بخدمات الطعام والتوصيل والاستهلاك عموما. ريادة الأعمال بلا شك أوسع من ذلك بكثير وما زالت السوق بحاجة لمشاريع نوعية وابتكارية في مجالات قد تكون أساسية أو ثانوية ولكنها غير مخدومة وبعيدة عن رادار الرياديين عامة.
مشاريع الدراجات
بيئة الدراجين في المملكة العربية السعودية في اتساع متسارع، ففي كل مدينة -أو على الأقل المدن الكبيرة- مجموعات متعددة من الدراجين الهواة، ولهم فعالياتهم الخاصة الرسمية وغير الرسمية.
هذه الفئة الشغوفة بهواية الدراجات لا بد وأن يجد فيها الريادي فرصة سانحة لمشروع جديد. سواء فيما يتعلق بالبيع أو الصيانة أو تنظيم الفعاليات أو غيرها. بل إن المطّلع على رؤية التحول الوطني ٢٠٣٠ سيدرك توجهًا عاما نحو المدن الذكية والمسؤولية تجاه البيئة، والرياضة المجتمعية وهذه مفاهيم ستسهم في زيادة مستخدمي الدراجات سواء كخيار رياضة وترفيه أو حتى وسيلة تنقل ومواصلات. وهنالك مشاريع ريادية كثيرة حول العالم متعلقة بالدراجات والدراجين ليس آخرها
موبايك - الخدمة التي تتيح استئجار ومشاركة الدراجات وركوبها وتركها في أي مكان مقابل مبلغ يسير.
مشاريع الزراعة
ومن المجالات التي يغفل عنها الرياديون مجال الزراعة وكل ما يتعلق بها من تجهيزات وأدوات وإنتاج ومصادر معرفية. الفرصة تكمن في أن هنالك توجهًا عامًا لدى الناس نحو الزراعة المنزلية وتحديدا استغلال سطوح المنزل وتزيينها بالنباتات، فلن يكون هدفك المزارعون التقليديون فقط. غالبية الناس الآن تتجه للمشاتل العامة دون خبرة، فاستغلال الفرصة يكون بإطلاق مشاريع تعليم حول الزراعة المنزلية أو تزويد بنباتات موسمية أو تصميم حدائق أو غيرها. هنالك حاجة وهنالك من سيدفع المال لمن يقدم الخدمة الزراعية. مشاريع مثل
متجر مانقو جازان و
رمان بيدة أمثلة رائعة لمشاريع ريادية زراعية رغم أنها لم تتجاوز مفهوم الأطعمة.
مشاريع السياحة
ومما ينبغي للرياديين الالتفات له مشاريع السياحة الداخلية والترفيه المرتبط بها. البلد يفتقر للفعاليات الحركية وهنالك حاجة ماسة لها. لو نظرنا مثلا حال المزارع لرأينا الغالب منها لم يُستثمر وإنما هي مزار لأهلها وأصدقائهم، ولكن ماذا لو تم استغلال بيئة المزرعة لتصميم فعاليات حركية مثلا مناسبة للمجموعات؟ ماذا لو تم تحويلها لمزار موسمي لقطف ثمار الموسم؟ الأفكار كثيرة جدا ومن لا يريد التفكير فبإمكانه استنساخ تجارب محلية أو دولية في المجال نفسه. قبل أن أتحول إلى النقطة التالية أود الإشارة إلى مشروع سياحي محلي مميز وهو دروب العرب لتنظيم رحلات الإجبال، ورغم ضيق الفئة المستهدفة ومحدودية ثقافة الإجبال عندنا وتدني البنية التحتية إلا أن الإقبال على نشاطاتهم مثير. فيا معشر الرياديين التفتوا للسياحة، فليست مشاريعها مقتصرة على متنزهات وحدائق ومدن ألعاب.
مشاريع تعليم اللغة العربية
تزيد فرصة نجاح المشروع الريادي كلما زادت الفئة المستهدفة وقلّت المنافسة. نحن نتحدث هنا عن أكثر من ٥٠٠ مليون عميل محتمل حول العالم لا ينافسك عليهم أحد. هذا عدد المسلمين فقط دون بقية المهتمين بتعلم اللغة العربية من غير المسلمين. العجيب أن الصين وحدها سيصل عدد متعلمي اللغة العربية فيها إلى خانة الملايين -حسب تصريح مسؤول صيني. والأعجب من ذلك أن مشاريع تعليم اللغة العربية تكاد تكون معدومة إلا من محاولات يسيرة جدا أو حكومية تفتقد الشغف أو أن تكون مدارس تقليدية. الحاجة إذن ما زالت ملحة، والفرصة تلوح وتلوّح للمبادرين. والجميل هنا أن الريادي لن يخترع العجلة من جديد بل هنالك مئات التطبيقات الهاتفية والبرامج لتعليم لغات آخرى يمكن الاستفادة منها.
صناعة المحتوى المتخصص
وقعت مرة على موقع إلكتروني متخصص في الأعمال اليدوية تديره ثلاث أخوات، والمثير في الموضوع أنهن ابتكرن منتجات تعليمية في مقاطع فيديو أو كتيبات رقمية. الوصول لهذا المنتجات يكون عبر اشتراك لكامل المحتوى أو دفع مبلغ رمزي لمنتجات محدودة. أعلم أنك تقول بأن فكرة كهذه لن تنجح في الإنترنت العربي لغياب البنية التحتية الجيدة وحقوق الملكية الفكرية ...إلخ ولكنك لو تأملت أيضا لرأيت هذه الأمور في تحسن، والتجارة الإلكترونية تشهد نموًا باهرًا في المنطقة، والمنافسة ليست شديدة في مثل هذه المشاريع فالفرصة سانحة إذا عرفت ماذا تقدم ثم قدمته بجودة ترضي العميل. وميزة المحتوى أنك تبيعه ١٠٠٠ مرة بتكلفة إنتاج مرة واحدة، أليس هذا مذهلا؟
علم البيانات وعالمها
وأخيرا أنتهي بمجال البيانات وهو الكنز الذي تتنافس فيه الشركات والحكومات في هذا الوقت من حياة الإنسان على هذا الكوكب، كل ما حولنا يتجه للذكاء فليست الهواتف وحدها بل البيوت والمدن والسيارات وكل ما تتخيله ومالا تتخيله، وهذا لا يكون إلا بجمع البيانات وتحليلها. لا داعي بأن أقول لك أن الفرصة سانحة جدا في عالمنا العربي، والمنافسة لم تشتد بعد، والسوق بحاجة لشركات تجمع البيانات وتديرها وتحللها لفهم سلوك الناس وتفضيلاتهم وتوجهاتهم واستثمار ذلك في مشاريع أخرى. كل هذا يعني يشير إلى أن المجال متاح لفرصة ريادية يُتوقع لها النجاح. القصد من هذه المقالة تفتيح العيون على مجالات غير مطروقة عادة حينما نتحدث عن ريادة الأعمال أو المشاريع التجارية عامة. وتعمدت هذا التنوع لأنها أفكار عشوائية خطرت في بالي منذ أن انقدحت فكرة المقال في رأسي، فهي للذكر لا الحصر، والبلاد العربية ما زالت خصبة لمشاريع ريادية نحن أولى بها، والسبق يمنح الأفضلية في كثير من الأحيان، وهنالك ألف فرصة غير مشاريع الأكل والتوصيل!
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد