Loading Offers..
100 100 100

أهمية المزيد من المجلات العربية الثقافية الراقية

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

أحلم أن تكون هناك مجلة ثقافية تكون سوقًا للأدب ومهرجانًا للفكر، معرضًا للفن وموعدًا للقاء بين حاملي رسالة الحرف، وسدنة الثقافة والفكر في دنيا العرب والعروبة، فتعبر عن رسالة الوزارة في نشر الثقافة الناضجة والفن الأصيل. أتمنى أن تكون هذه المجلة مزهوًا للقرّاء العرب وآمل أن يتصل بي الزهو، ويتسامى الإعجاب يومًا بعد يوم، وعددًا وراء عدد، فيتكامل البناء، ويغتني النتاج وتتحقق الرسالة. وهذه المجلة يجب أن تكون مفتوحة الأبواب بحياد وتجرد لكل يراع ماضٍ وفكر مشرق ونتاج خير هادف. ولن تقوم وتزدهر إلا بتعاون أهل الفكر والعلم والفن والقلم، ورفدهم لها وإيمانهم بضرورة وجودها، وسمو مقاصدها ونبل أهدافها. وقد حشدنا للمجلة كل وسائل النجاح، واستنفرنا من حولها شتى الطاقات الناشطة المبدعة، فادعوا معنا لها بالنجاح والتقدم، بل اعملوا على أن تكون محاولة فريدة، وتجربة نافعة باقية. كانت الأمة العظيمة في سبيلها إلى اكتشاف الثقافات القديمة، والحضارات الراسبة، لتقود تقدمًا حضاريًا جديدًا، دون أن يعتريها الغرور أو يقف دون نشدانها المعرفة حجاب، عندما أوقعت بها عصبية العنصرية المتربصة، ودفعت الشعوبية نحو العروبة منجنيقًا مخربًا، ولم تكن الشعوبية في واقعها سوى ستار للعنصرية الحاقدة تمضي إلى استغلال إنسانية العربي، ومثاليته الفكرية وسماحته الدينية، لتهدم سلطانًا سياسيًا لو استمر واستطال بعض الأجل، لقاد النهضة الحضارية من قبل أن تذرّ في عصر النهضة الأوروبية أي شارة للنهوض. تفتحت إنسانية العربي للدعوة وأكوانها الجديدة الرائعة، وفي أولى كلمات تنزيلها الحكيم أمر الله: {إقرأ …} فانجلى للدعوة سمعه وبصره، وقلبه وعقله، أن اقرأ أيها الخامل، وتعلم أيها الجاهل {إقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم}. فكانت الدعوة إلى العقيدة دعوة إلى العلم، والتأمل، وإعمال الفكر، دعوة إلى الثورة على الجهل كوضع فكري، وعلى الجاهلية كوضع اجتماعي، وفي الوقت نفسه، نداء إلى شعور الإنسان بقيمة وجوده الذي سخرت له الأرض وما عليها. على هذه الأكوان الفسيحة المرسومة في صحف التنزيل بالوصف المبدع والبيان المعجز، تفتّح الفكر العربي للتأمل، والتجول والبحث، فكانت مجموعة العلوم الدينية والدنيوية، من فقه إلى فلسفة، إلى طب ورياضيات، وفلك وكيمياء، مما اتسم كله بمسمى التفكير وإعمال الفكر، علويًا كان أم أرضيًا، موضوعًا أم منقولاً، ومن هنا كان فقهاؤنا فلاسفة، وفلاسفتنا علماء، والشارحون اللغويون رياضيين حسابيين، وصانعوا القوافي صائغين مهندسين، وعندما نبلغ عالم الشعر نكاد نقول أن شعراءنا حكماء، كثيرًا ما أرادوا أن يغنوا ففكروا، أو أرادوا أن يتخيلوا فصوّروا، حتى أن الماجنين منهم، ملأوا كؤوسهم تأملات في الحياة والموت وأحوال الدنيا وإنسانها. على هذا النهج من التأمل والتفكير بإعمال العقل، اتجهت العقلية العربية نحو ما يوازيها ويلائم حاجاتها المعاصرة، من علوم الشعوب وفلسفاتهم، فقبس العرب عن الحضارات اليونانية والفارسية، والهندية، وترجموا عن جميع لغات الكون القديم من سريانية وعبرية إلى نبطية وسنسكريتية، فأبحروا بالبحث شرقًا وغربًا، ونقلوا العلوم والفلسفات وبعض الأدب، واستقروا حيث أرشدتهم بوصلة العقل، على أرسطاطاليس وأفلاطون ولم يستقروا على ملاحم هوميروس أو تراجيديات سوفوكاس، مثلاً -وإن يكن من المحقق أنهم عرفوها وأمثالها- لأن النزوع العقلي -أولاً- وهو طابع التفكير العربي، ثم الشعور بالامتلاء الأدبي حول فيض من الشعر ملأ الدنيا وشغل الناس -ثانيًا- والانشغال الفعلي الشاغل بالحضارة المزدهرة التي تطلب مزيدًا من العلم -ثالثًا- من العوامل الأولى التي عزفت بهم عن خرافات الآلهة وقصص الأبطال. أما البطولات، فلا نلومن قومًا بلغوا ببطولاتهم، آنئذٍ ذروة المجد، إذ أشاحوا عن قصص البطولات الأجنبية. وأما الآلهة وحكاياتها مهما بلغت من الطرافة ولونيات الخيال، فليس من العجيب ألا تثير في عقولهم أي فضول، لأنه في شرع الدين العربي، وفي منطق العقل العربي، أن الآلهة المتعددة، مهما تكن أزياؤها قد ماتت منذ أن أذراها الرسول حول الكعبة، ولم تحر جوابًا. فالبحث عن الحق والحقيقة بالمعرفة المتطورة، من تقاليد الفكر العربي. والدأب والصبر وهدر العمر وراء البحث والتأمل والتفكير، من صفات المفكرين العرب. وتطعيم الحضارة العربية بمعارف الشعوب السابقة وعلومها من أبرز ما ميّز ثقافة العرب الحضارية، وليس لنا إلا أن ندرك بعد هذا أننا لبثنا في نفق الظلام طوال أربعة قرون، فسار موكب الزمان وتخلفنا، وبات محتمًا علينا أن نعوض ما فات تعويضًا مركبًا، لنعيش في القرن العشرين، لا في القرن السادس عشر، تحت طائلة الحرمان من حق العيش أبدًا، فبأي جهد، وبأي دأب، وبأي حب للحياة، وحرص على البقاء! نقول البقاء، لأن التشبث بأسبابه، مسلك إنساني طبيعي، إن يرافقه الوعي في أدنى مراحله، فالفكر قائده في أعلاها، ليتدرج هذا المسلك من حيّز الحركة للبقاء، إلى حيّز الحركة للتقدم بالخلق والإبداع، فنحن إذ نُحيي اللغة العربية، وندفع عنها الغوائل، وننشر التراث العربي، ونجلو فيه المآثر والمفاخر إنما نعبر تعبيرًا إنسانيًا عن استحقاقنا للبقاء بإحياء مقوماته، وتوكيدها بالسابقات من أحداثه، ولسنا نفعل ذلك لهوًا أو اعتباطًا أو لغاية التفاخر بذاتها والوقوف عندها. ولكننا عندما نتصل بالثقافة العالمية ولغاتها، لننقل ونقتبس من أنوار حضاراتها، في مجالات العقل والوجدان، نكون قد اجتزنا المرحلة الأولى، وهي صيانة البقاء، إلى المرحلة الثانية الأعلى، وهي الطموح إلى التطور والتقدم. فإذا كان معنى التطور، في الاستمرار وحده، لا في مجرد التبدل والتغير، كان عزل البقاء عن التطور المستمر، عزلاً له عن الحركة التي ترفده بالحياة. وإذا كان للتطور سلوكية أخلاقية، ويجب أن يكون -كما يقول فريق من علماء الحياة- فهي إن كل ما يعزز المعرفة: معرفة الإنسان لذاته، ولكونه، وللعالم الكبير حوله مسلك أخلاقي خير.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..