لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
لقد كان رسولنا الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم معلماً للبشرية جمعاء ومازلنا حتى يومنا هذا نستقي من علمه وسنظل إلى الأبد ننهل من معين ذلك العلم. إنها مهنة الرسل والأنبياء عليهم السلام، المهنة العظيمة الشريفة. وهكذا كل معلمٍ مخلص في كل مكان، سيبقى أثره في كل الأرجاء وعطرُ تأثيره في كل الأنحاء حتى بعد مماته.
إن إدراك المعلم لعظم ما بين يديه من الرسالة تجعله الأكثر تأثيرا في المجتمع فمهنة التعليم وإن كانت مهنة مأجورة إلا أنها تحمل ابعاداً أعظم وأهدافاً أكبر وما على المعلم سوى أن يدرك تلك الأبعاد فيبدع في عمله وينجح في إثبات ذاته.
بين يدي المعلم رسالةٌ وأمانة
نعم إنه مؤتمن على التلاميذ يبذل مافي وسعه لتطويرهم ورفع مستواهم التعليمي والتربوي. إنه مسؤولٌ عن كل فرد في الفصل (الضعيف والمتوسط والمبدع) . يساوي بينهم في المعاملة ولا يفضل أحدهم على الآخر. يستشعر بأهمية إتقان دوره كمعلم ومربي فيكون الأب الحاني والصديق القريب لكل التلاميذ. ولا أريد أن أتكلم بعيداً عن الواقع فضغوطات التدريس قد تؤدي أحياناً إلى أن يفقد المعلم انضباطه الانفعالي فيصرخ في وجه هذا أو يضرب ذاك فيتحول الفصل إلى ساحةِ معركة يريد كل من الطرفين فيها أن يثبتَ أنه على صواب.
قد تحدث هذه السلوكيات في كثير من الأحيان لكن هذا لا يعني ألا نعالجها للتخلص منها وأولى مراحل العلاج اعتراف المعلم أنه قد أخطأ في علاج الخطأ ولا تأخذه العزة فيفقد علاقته الإيجابية بالأمانة التي بين يديه (الطلاب) فيردون على أستاذهم بالمثل ثم بعد ذلك يشتكي المعلم من قلة احترام طلابه ناسياً او متناسياً أنه سبّب ذلك ابتداءً. الاعتراف بالخطأ كالماء الرقراق ينساب بسهولة عند أي معلم مخلص في عمله هدفه الأول تغيير التلاميذ إلى الأفضل علمياً وتربوياً.
ماذا عن تعديل سلوك الطلاب؟
هل تعلم أيها المعلم الفاضل أن التعليم لا يحقق أهدافه إن لم يركز المعلم على تعديل سلوك طلابه. إن تعديل السلوك يسير بشكل موازٍ مع التعليم، لا يستوي أن أعلمهم دون أن أعدل سلوكَهم. فلربما كان هناك طالب ضعيف لأنه يعاني من سلوكيات تحتاج لتغيير وبمجرد أن بحدث التغيير يرتفع مستواه. لذلك تقع مسؤولية تعديل السلوك على عاتق المعلم المحب لطلابه المريد لهم الخير والصلاح.
تعديل السلوك هدية المعلم لطلابه
إنني أعتبرُ تعديلَ سلوكِ الطلاب هدية معنوية يهديها المعلم لطلابه وأولياء أمورهم فيفرحون بها فرحا شديداً كما الهدايا المادية تماماً. لأنه غيّرهم إلى الأفضل وبذر بذرةً إيجابية في نفوسهم. فالآباء الذين أرسلوا أبناءهم إلى المدارس يتأملون خلق جيلٍ صالحٍ وبيئةٍ إيجابية يشعر بذلك المعلم المخلص في عمله فيسعى للتطوير سعياً ذاتياً وإن لم يُطلب منه أو يُكلف بذلك. إنها وظيفته الأولى التي لابد أن يفكر بها قبل أن يحضر الدرس. ونستطيع أن نسمي المعلم الذي وضع تعديل سلوك طلابه نصب عينيه بالمعلم المربي.
ما هو تعريف تعديل السلوك؟
تعديل السلوك هو علاج يهدف منه المعلم المربي إلى إحداث تغييرات إيجابية لدى المتعلمين لجعلهم أكثر فاعلية تجاه أنفسهم والمجتمع المحيط فتتحقق الأهداف التعليمية والتربوية على حد سواء. قد يبدو الأمر للوهلة الأولى صعباً لكن هذه الصعوبة تزول إن استشعر المعلم المربي بمتعة التغيير، بل إنه سيبذل جهده وهو راضٍ مستمتع، والفرحة الكبرى عندما يرى بعينيه أن بذرة التغيير بدأت بالإنبات وأن اللون الأخضر المبهج بدأ بالانتشار. إنها السعادة الحقيقية.
رسالة إلى المعلم
سمعت ذات مرة عبارة من معلمة لا أستطيع أن أنساها وهي من العبارات التي صدمتني كيف خرجت من لسان معلمة يُفترض أن تكون تربوية، قالت: (وهل علي أن أربي من لم يربّه أهله ولم يجتهدوا في توجيهه) إن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن مهنة التعليم أضحت (مهنة من لا مهنة له). صديقي المعلم صديقتي المعلمة إن تعديل سلوك الطلاب لهو جزء لا يتجزأ من رسالتك السامية ووظيفتك العظيمة. فليس هناك ما يمنع أن يجمع المعلم بين الإثنين ليحقق هدفه الذي خرج إلى المجتمع من أجله وليوصل رسالة إلى الآباء والأمهات مفادها (لا تقلقوا فأبناؤكم في أيدٍ أمينة).
لذلك على إدارات المدارس الاهتمام باختيار المعلم وتطويره قبل تطوير الطالب. عليهم أن يهيئوا بيئة إنسانية آمنة يرتع فيها الطالب بكل أريحية. إن اختيار المعلم المؤهل علمياً وتربوياً مسؤولية ليست سهلة تحتاج لتأنٍ ومعايير دقيقة بالإضافة إلى غض الطرف عن العلاقات الشخصية التي قد تفتح الباب لغير المؤهلين لولوج بيئة التعلم فيقع الطالب ضحية لسوء الاختيار. ولا ننسى ماقاله الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (إذا وُسّدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).