لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
من يشعر بتدنّي مستوى الضغط في عمله يظل يبحث عنه في أوقات فراغه. وقد يكون في صورة رياضةٍ خطيرةٍ مثل تسلّق الصخور، أو القفز من المرتفعات برباطٍ مطاطي، أو حتى بالذهاب إلى الملاهي وركوب “قطار الموت”
فالضغط رد فعل شخصي قد يكون بالنسبة لك إيجابيًا ولغيرك سلبيًا، مثل التحدث أمام الجمهور. لذلك الأمر متوقفٌ عليك. علمًا أن الضغوط تعمل على إبعاد الملل وبثّ البهجة في حياتك، ولكن قد تصبح الضغوط المفرطة قوةً سلبيةً ضدك، إلا أن إتقان مهارات إدارة الحياة تساعدك فعليًا على أن تعرف السعادة الحقيقية للضغوط. هذا ما ذكره طبيب الأسرة بيتر هانسون من خلال كتابه ”السعادة الجديدة للضغوط” حيث يقوم بتزويد القارئ بأدواتٍ وأفكار حديثة تساعد على وضع إستراتيجيةٍ للتعامل مع الضغوط.
الضغوط ينبوع الشباب السرّي
يذكر هانسون بأنه تبيّن له من خلال 30 سنة من الممارسة الطبية أن السبب الأكبر في الأمراض لم يكن الحظ السيئ، ولكنه سوء إدارة الجسد، مثل ما سوء الإدارة كافٍ لأن تُفلس الشركات، ولأن تتعطّل السيارة قبل انتهاء عمرها الافتراضي. فإن سوء إدارة جسدك يمكن أن يتسبب في أن تشعر بأن عضلاتك متخشّبة ومنهكة، وأن الشيخوخة قد لحقت بمخك، وأن شرايينك تتصلب، وأن جسدك سيموت مبكرًا.
قد لا تعيش إلى ما بعد المائة، ولكن بوسعك أن تصل إلى أقصى سنٍ وأنت بصحةٍ جيدة. يذكر هانسون؛ بالرغم من أن أمريكا رائدة في مجالات البحوث الطبية والعلاج بالأدوية، إلا أن الشعب الأمريكي لا يعد من بين أطول الشعوب عمرًا، فليس لديهم سوى ثلاثة من بين كل مائة ألف يتعدى عمرهم المائة. بينما في البقاع الأشد بدائية مثل “جورجيا وهونزا في كشمير” فالعدد يصل إلى ما بين 40 إلى ستين لكل مائة ألف، موضحًا بأن كبار السن هناك يتصفون بالنشاط، والسر يكمن -بعد بحث- في عنصرٍ وحيد وهو الضغوط.
فكبار السن هنالك يواجهون ضغوطًا تزداد كلما تقدم بهم السن من الناحيتين العقلية والبدنية، ونفس الشيء عند من عاش فترة أطول من الشعب الأمريكي.
التحكم
أساس التغلب على الضغوط هو التحكم فيها والسيطرة عليها، وليس التهرب منها. من خلال تجربةٍ أجراها هانسون لمجموعتين جعلهما تعملا تحت أصواتٍ صاخبة وأحد المجموعتين لديها زر تحكمٍ لإغلاق هذه الأصوات، جاءت إنتاجية التي تملك زر التحكم أعلى إلا أن النقطة المثيرة للاهتمام هي أنهم لم يستخدموا زر الإغلاق ولكن العلم بوجود هذا الزر كان كافيًا لإزالة الضغوط. لذلك من الضروري أن توجد نوعًا من أزرار التحكّم في حياتك.
كما ينصح بتجنب متابعة الأخبار السيئة وقصص العنف، وبدلًا منها متابعة الأمور الإيجابية. ويقدم هانسون هنا أسلوب هام جدًا في إدارة الضغوط وهو تجاهل ما لا يمكنك السيطرة عليه.
علم تشريح الضغوط
لقد شبّه هانسون الجسد بالسفينة الحربية الخشبية، وفي ذات الوقت عتيقة تحمل أسلحة لاستخدامها ضد العدو، ألا وهي الضغوط. ولكن المشكلة في أن أسلحة سفينتنا جميلة التصميم إلا أنها مُعدّة للحرب الخطأ، فلقد تغيّرت الضغوط كعدوٍ مرتين عبر تاريخ البشرية بعد أن كان يواجه ضغوطًا واضحةً مثل التعرّض لهجوم حيوانٍ مفترس تتطلب استجابة غريزية إمّا القتال أو الهروب. وكانت مهيّأة للتجاوب بسرعةٍ أكبر، ولكن مع العصر الصناعي الضغوط تتمثّل في التكيّف مع مواعيد محددة.
أصبح الجميع كالجنود المطيعين، فحدث كبتٌ للإبداع، ومع عصر المعلومات أصبحت الضغوط في فيروسات الكمبيوتر والازدحام المروري وما تفرضه وسائل الإعلام من حملٍ حسّيٍ زائد، وهذه ضغوط تتطلب أكثر من الاستجابات والقواعد القديمة، وحتى نواجه الضغوط بشكلٍ فعّال نحتاج أن نفهم الاستجابات البدائية التي يمتلكها الجسد كأداةٍ قياسية، فحينما نتفهّم مخاطر عدم استغلال تلك الاستجابات نستطيع حينها أن نبدأ دفاعنا الإيجابي. علمًا بأن أجسادنا مهيّأة لمعركةٍ أخرى غير معركتنا، وصرنا نحتاج ولأول مرةٍ في التاريخ إلى أن نفهم ما نقاط ضعفها قبل أن نفكّر في أن نكون في مأمنٍ من ضغوط العصر الحديث.
هنا مثال في استجابات الجسد تجاه الضغوط وكيف أن ما كان يمثّل ميزةً أصليةً من قبل، صار عقبةً في هذا العصر. إفراز السكر في الدم، مع زيادة مستوى الإنسولين اللازم لعملية الأيض
الميزة الأصلية: بأنها مصدر طاقة سريع للمسافات القصيرة، يوفّر الوقود اللازم للعدو السريع.
العقبات الحالية: يمكن أن يزداد سوء حالة مرض السكري، بل وربما يكون هذا منشأه، عن طريق الطلب المفرط للأنسولين الذي يفرزه البنكرياس. والاستجابة المعتادة للضغوط في العصر الحالي من قُبيل الإفراط في تناول الطعام الغني بالسكريات أمر بالغ الضرر، حيث إن مجرى الدم يعاني بالفعل من مستويات السكر العالية والتي تمثّل جزءًا من استجابته الطبيعية لما يعانيه الجسد من ضغوط. فالأنسولين يستجيب لارتفاع السكر في الدم عن طريق إجباره على التوجّه إلى خلايا التخزين في الجسد على شكل دهون، وهو ما ينخفض بمستوى السكر في الدم، وبالتالي يطلب الجسد المزيد من السكر.
يفصل هانسون في الاستجابات الطبيعية للضغوط والتي تغيرت بناءً على الوسائل الحديثة فأصبحت استجابات مهجورة لتتحول الميزة إلى عقبة!
خيارات تخفض من مقاومتك للضغوط
- الانتباه من الجينات السيئة، تاريخ عائلتك المرضي، فحين يكون ذكور العائلة يتوفون في الثلاثين بسبب مرض القلب وأنت لا تهتم بالمتابعة مع طبيبٍ حتى وأنت في عمر الـ 29، فمن المؤكد بأنك ستواجه نفس الحظ السيئ!
- وأيضًا ينصح هانسون بالانتباه من البدانة والأرق والنظام الغذائي السيئ والسموم (كحوليات، مخدرات، كافيين وغيرها) أيضًا التدخين، والوظيفة غير المناسبة، المتاعب المالية، عدم استقرار المنزل غير المستقر، والأهداف الغير واقعية لأنه سوف تنخفض مقاومتك للضغوط.
خيارات لتكون قويًا وتقاوم الضغوط
الجينات الجيدة بالرغم من أنها غير اختيارية ولكن هانسون يدرجها بسبب صلتها الوثيقة، ولكنه يحذر من الاعتماد عليها، أيضًا حس الدعابة والضحك والتأمل والتمارين والنظام الغذائي السليم، والأمان المالي، والمنزل المستقر، تنويع الضغوط بحيث تكون الضغوط البديلة تستحوذ على تركيزك كاملًا مثل رياضة ركوب الأمواج، الأهداف الواقعية، وفهم الضغوط وآثارها فهي تمنحك التمكين، كذلك مهارات الاسترخاء والنوم الجيد، الاستعداد الكامل للوظيفة مثل بروفات مُمثّلي المسرح ربما تكون بحاجةٍ إلى "بروفة ضغوط".
وأخيرًا يؤكد هانسون على عدم النظر للمستقبل على أنه قدرٌ محتوم؛ لذا عليك أن تشارك في المعركة من أجل حياتك. لا تختبئ من الضغوط بل انطلق وواجهها وتغلّب عليها. اقلبها من عاملٍ سلبيٍ إلى إيجابي بحيث تستفيد من الإثارة التي تجلبها وتترك التهديد الذي تفرضه.