Loading Offers..
100 100 100

كيف تنتهك خصوصيتنا في عالم الإنترنت؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

مع انتشار الإنترنت وظهور مواقع التواصل الاجتماعي وانتقال عدد كبير من الخدمات إلى منصات إلكترونية، أصبح جمع البيانات عن الأشخاص عملية في غاية السهولة. سابقًا كانت الطريقة الوحيدة لجمع البيانات عن الأشخاص أو قياس وجهة نظرهم تجاه موضوعٍ معين هي عمل الاستبيانات ومواجهتهم وأخذ معلوماتهم بشكلٍ مباشر. ولكن هذا كله تغير وأصبحت عملية جمع البيانات تتم بسرعةٍ كبيرة وبكفاءةٍ أعلى بكثير.

ليس هذا فحسب، بل إنه يتم جمع بيانات وتفاصيل شخصية يراها البعض غير مهمة ولكنها بطريقةٍ أو أخرى يتم استخدامها لفهم سلوك الشخص واهتماماته ومن ثم الاستفادة منها بطرقٍ مشروعة وأخرى غير مشروعة. فعلى سبيل المثال، يتم جمع بيانات عن سجلك الشرائي في المتاجر الإلكترونية أو حتى المنتجات التي استعرضتها ولم تقم بشرائها، وفي محركات البحث، فعمليات بحثك محفوظة ويتم تحليلها واستخراج ماذا يطرأ عليها خلال الأيام.

وعلى سبيل العموم فقد تتم الاستفادة من بياناتك في استخراج معلومات عامة مثل نسبة من يستخدمون أجهزة الملاحة في مدينةٍ ما، أو نسبة الأشخاص الذين يفضّلون توصيل الطعام للمنزل عوضًا عن الذهاب للمطعم خلال وقت الظهيرة.

وحتى لو حاولنا إخفاء أنفسنا ولم نقم بستجيل أي بياناتٍ تخصنا فإنه يتم تسجيل عنوان بروتوكول الإنترنت IP Addres، ولكن ذلك لا يكفي في أغلب الأحيان لاستخراج بيانات مفيدة تخصنا.

إن كمية وحجم البيانات المجموعة عن الأشخاص هائلة جدًا، بدءًا من السجل الشرائي وتفضيلات المواقع وصولاً إلى محادثات مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، ولم يحدث من قبل أن تم جمع هذا القدر من البيانات عن حياة الناس بأوجهها المختلفة.

في دراسة أُجريت في عام 2011 في هولندا، وجد الباحث بأن المواطن الهولندي مسجل في نحو 500 قاعدة بيانات متنوعة ما بين حكومية وخاصة. ولك عزيزي القارئ أن تتخيل حجم ودقة البيانات التي أنتجناها حتى هذا اليوم. ناهيك عن عمليات القرصنة والمتاجرة بمحتويات قواعد البيانات والتي قد تضاعف حضورك في قواعد البيانات المختلفة.

الجانب السلبي هو أن يتم استخدام هذه البيانات في إزعاجنا بالإعلانات الموجهة أحيانًا، أو في استغلال النزعة الاستهلاكية عن طريق عرض منتجات نحب اقتناءها بشكلٍ متكرر، وقد يصل الأمر لأكبر من ذلك ويتم القيام بعملياتٍ إجرامية بناءً على بياناتنا.

ولكن على الجانب الآخر فقد تمت الاستفادة من البيانات المختلفة في تطوير منتجاتٍ جديدة ورائعة سهّلت حياتنا، بل إن عددًا كبيرًا من الشركات قامت على أساس هذه البيانات وتحليلها لتحديد المشاكل التي نواجهها وتشخيصها بدقة للوصول للحل الأمثل الذي يصب في مصلحتنا كمستخدمين ومستهلكين.

ألا يوجد قوانين تحكم هذا الأمر؟

من الجيد أن الحكومات والمنظمات بدأت أخيرًا في إصدار وتنفيذ القوانين التي تساهم في حماية البيانات وعدم استخدامها بالشكل السيئ. ومن ذلك قانون حماية البيانات العامة الأوروبي GDPR والذي تم تطبيقه في مايو 2018، ويُعنى هذا القانون بتطبيق درجةٍ عاليةٍ من الحماية لبيانات المستخدمين في دول الاتحاد الأوروبي، وجُعلت كل الأنشطة التي تقدم خدماتها لهؤلاء المستخدمين تحت طائلة هذا القانون.

ويحتوي هذا القانون على الكثير من البنود الخاصة بحماية البيانات مثل الإفصاح عن نوعية البيانات التي يتم جمعها ومدة بقائها لدى مقدم الخدمة، ويَمنح الحق للمستخدم في طلب نسخة من بياناته ومسحها في بعض الحالات.

ويوجد في المملكة العربية السعودية عدة أنظمة تختص بحماية البيانات مثل نظام المعلومات الائتمانية والذي يلزم المطّلعين على هذه المعلومات من شركات وعاملين بالمحافظة على سرية المعلومات الائتمانية وعدم استخدامها لأي غرضٍ إلا وفق النظام.

كما أصدرت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات نظام مكافحة جرائم المعلوماتية والذي يحدد هذه الجرائم والعقوبات المقررة لكلٍ منها. كما شمل نظام التجارة الإلكترونية والذي أصدرته وزارة التجارة والاستثمار في يوليو 2019 بنودًا تخص حماية بيانات المستهلك وعدم المتاجرة بها أو الإفصاح عنها إلا بموافقته. ويتم تحديث هذه الأنظمة بشكلٍ مستمر للوصول لوضع يضمن أعلى حماية ممكنة للبيانات الشخصية.

ماذا عن سياسة الخصوصية؟

سياسة الخصوصية غالبًا لا يتم قراءتها من المستخدمين، بل يوافقون مباشرةً عليها مقابل الدخول للموقع والحصول على الخدمة. في دراسةٍ حديثة لشركة ديلويت الأمريكية للاستشارات شملت 2000 مستخدم في الولايات المتحدة الأمريكية، قامت الشركة بعمل اختبارٍ بسيطٍ للمستخدمين وقام 91% منهم بالموافقة على سياسة الخصوصية بدون قراءتها، وترتفع النسبة لتصل إلى 97% للفئة العمرية بين 18 و 34 سنة. وعزت الدراسة السبب إلى إما صعوبة أو طول سياسة الخصوصية المكتوبة، وقد يكون السبب جهلاً بأهميتها.

وفي يوليو 2019 انتشر تطبيق فيس آب FaceApp والذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء صورة تبين شكل الشخص في فترة الشيخوخة بناءً على الصورة التي زودهم بها المستخدم، وقد قام بتحميل التطبيق 150 مليون مستخدم (حتى 16 يوليو 2019) المقلق في هذه الحالة أن سياسة الخصوصية للتطبيق ذكرت أن الشركة المالكة للتطبيق لا تضمن الحفاظ على خصوصية وسرية صورتك بل على العكس تذكر بأن لها الحق في استخدام صورتك واسمك وتفضيلاتك في أغراضٍ أخرى.

رغم أن الشركة أصدرت بيانًا توضح فيه أنها لن تقوم باستخدام البيانات الضخمة التي حصلت عليها في أغراضٍ أخرى، بعد أن قام عددًا كبيرًا من المستخدمين بمخاطبتهم ومخاطبة متاجر تحميل التطبيقات، ولكن من يضمن ذلك؟! والأدهى من ذلك من يضمن عدم حصولهم على بقية الصور في جوالك؟!

ما هو الحل إذن؟

ليس الحل في عدم استخدام الشبكة العنكبوتية، فهي في الغالب سهّلت حياتنا وقدمت لنا خدمات جليلة، ولكن الحل يكمن في الاستخدام العقلاني ومن ذلك:

1- قضاء جزء من الوقت لقراءة سياسة الخصوصية فإذا وجدت بنودًا لا تعجبك أو تنتهك خصوصيتك فلا تستمر.

2- تقييم الموقع الإلكتروني أو التطبيق قبل الموافقة على سياسة الاستخدام والخصوصية والسماح له باستخدام بياناتك، ولا تنسَ أن تقارن بين البيانات المطلوبة والخدمة المقدمة، فمن غير المنطق مثلاً أن يطلب موقعًا رياضيًا بيانات عن تفاصيل عملك أو يطلب تطبيق توصيل طعام إذنًا بالوصول إلى صورك أو قائمة الأرقام لديك.

3- استخدم خاصية المنع Block في المتصفح وفي بريدك الإلكتروني وجوالك وغيرها.

4- احرص على عدم الدخول أو تحميل المواقع والتطبيقات الغير موثوقة وتصفح المواقع التي ستزوها لمرةٍ واحدة أو لسببٍ لا يتكرر كثيرًا بالمتصفح الخفي.

5- استخدم السحابة الإلكترونية بعقلانية ولا ترفع فيها بيانات الشخصية عالية الأهمية، بل احفظها في وسائل التخزين المحسوسة مثل الأقراص وغيرها، واجعل لديك عدة نسخ في حال تعرضت إحداها للتلف.

6- قم بمسح بيانات استخدامك التاريخية في المواقع التي تتردد عليها كل فترة، وتتوفر ميزة إضافية في بعض المواقع الأكثر احترافية مثل قوقل Google حيث بإمكانك طلب نسخة من بياناتك التاريخية والتي تشمل كل المواقع الخاصة بقوقل مثل محرك البحث والخرائط وتقويم قوقل وغيرها. وذلك عن طريق هذا الرابط.

في كل الأحوال، هذه بعض الإجراءات الوقائية والتي لن تجعل بياناتك محميةً تمامًا ما دمت تستخدم الإنترنت، ولكنها تساهم بإذن الله بقدرٍ كبيرٍ من الحفاظ على خصوصيتك وحماية بياناتك.

ماذا يحمل لنا المستقبل؟

في ظل النمو الهائل لاستخدام البيانات على جميع الأصعدة سواءً كانت بشكلٍ واضحٍ كبيانات التسجيل في موقعٍ إلكتروني أو بشكلٍ خفيٍ كبيانات استخدام الأجهزة الكهربائية في منازل المستقبل الذكية، فإن هذا التطور يأتي مع تحديات كبيرة في مجال حماية بيانات الأشخاص.

كمية البيانات المنتجة تجعل من تتبع سوء الاستخدام أكثر صعوبة، كما أن تطور أساليب القرصنة يزيد الأمر تعقيدًا، ولكن الأمل معقود في الأنظمة والقوانين المستحدثة لمواجهة هذه التحديات، كما أن التطور التقني سيساهم في تطبيق هذه الأنظمة والقوانين لتحقيق مستوى مرضي من حماية البيانات الشخصية.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..