Loading Offers..
100 100 100

اللغة وأصلها – رحلة ملهمة في أيام العزل

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

عُرِفْت بأن لي عقلًا لا يهدأ، كثير السؤال كيف، وأين ومتى، وإن كان يرهقني قليلًا، إلا أنني أستمتع دائمًا بتساؤلاته، يبدأ من لا شيء وغالبًا ما ينتهي بالوصولِ إلى شيء، لا أخفيكم أن عقلي أصبح كنبعٍ يفور بالماء يتدفق عليّ بطرح الأسئلة في فترة العزل المنزلي.بينما كنت أتبادل الحديث مع صديقتي، هي من أهل اليمن الطيب -أعاد الله لليمن السعيد سعادته- أرسلت لي مقطعًا يوتيوبيًّا لشابّ يمني يتكلم بأسلوب ساخر عن مرض العالم "كورونا" كانت متحمسة جدًّا لرؤيتي له فهو يذكرها باليمن وأهل اليمن، أما أنا فأحب أن أشاركها اهتماماتها فهي أيضًا تثير في عقلي الأسئلة، ولكني لم أرغب في رؤيته، اعتقدت أنه يتكلم اليمنية كما يتكلمها أهلها في شوارعها. عندما رأيت المقطع اليوتيوبي وانتهيت، قلت لها: وأنا أشاهد المقطع خَطَرَ في بالي أمران، عليك أن تسمعي ما حدَّثني بهِ عقلي والآن:الأول: أن الوسطية في كل أمر هي خير، حتى في أبسط الأمور "اللهجة" حين لا يكون الإنسان فيها وسطيًّا يميل عن الصواب، فلو أن أحدًا لم يتكلم بلهجته فكأنه انسلخ من هويته، وإن تحدَّث بها مع كل طبقات المجتمع، فيصعب على الأشخاص الذين ليسوا من مجتمعه فهمه. الأمر الثاني: كان الشابّ يتكلم اللهجة اليمنية البسيطة يفهمه اليمني وغير اليمني، وهذا أمر مهم عند النشر للعامة فهو لم يتخلَّ عن لهجة أهل بلده ولكنها واضحة ومفهومة، أذكر أنني قرأت قصائد لشاعر عربي، لم أفهم معاني قصائده لكثرة المصطلحات التي لا يفهمها إلا أهل بلده.انتهى الحديث بيني وبين صديقتي، لكن لم يهدأ عقلي، فبدأت أتساءل:

ما مصدر اللغات؟ وكيف انتشرت اللغات؟ وكيف تطوَّر الأمر وأصبح لكل لغة عدة لهجات؟

في ذات اللحظة أُصِبتُ بالصداع ونمت.ولكن السؤال عاد مرة أخرى بجواب من الله تعالى عندما تلوت سورة البقرة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) فبحثْتُ في تفسير "ابن كثير" فوجدت قول ابن عباس: عَرَض عليه أسماء ولده إنسانًا إنسانًا، والدواب، فقيل: هذا الحمار، هذه الناقة، هذا الفرس.ووجدت عدة نظريات لعلماء قالوا إن الإنسان تعلم اللغات تقليدًا لأصوات الحيوانات والطيور أو افترض أن الكلام هو عبارة عن حركات اللسان ونتيجةً لتكرار الحركة يصبح الصوت مسموعًا، وغيرها من النظريات التي نقدت في الوقت الحالي، فوَجَدت مقولة "لابن عثيمين" –رحمه الله- :
"إنَّ اللغات توقيفية وليست تجريبية".
"توقيفية" بمعنى أن الله هو الذي علم الناس إيّاها، ولولا تعليمُ اللهِ الناسَ إيّاها ما فهموها. وقيل: إنها "تجريبية" بمعنى أن الناس كوَّنوا هذه الحروف والأصوات من التجارب، فكان الإنسان أوَّلًا أبكم لا يدري ماذا يتكلم، لكن يسمع صوت الرعد، يسمع حفيف الأشجار، يسمع صوت الماء وهو يسيح على الأرض، وما أشبه ذلك؛ فاتخذ مما يسمع أصواتًا تدُلّ على مُرَاده، ولكن هذا غير صحيح، والصواب أن اللغات مبدؤها توقيفيّ؛ وكثير منها كَسْبِيّ تَجْريبيّ يعرفه النَّاس من مُجْريات الأحداث؛ ولذلك تجد أن أشياء تحدث ليس لها أسماء من قبل، ثم يحدث الناس لها أسماء؛ إما من التجارب، أو غير ذلك من الأشياء.هنا، أدركت أن أصل اللغة هو علم علمه ربي اختص به أبانا آدم -عليه السلام-. وما زلتُ أتلو القرآن حتى وصلتُ لقول ربُنا الحق: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِين) (الروم)أوقفتني كثيرًا أخذت أتأمل في اختلاف لغاتنا فهي إذًا من آيات خالقنا, فهو القادر على أن تكون لغةً واحدة يتكلم بها الناس، ولكن في اختلافها دلالة وحجة على أنه لا يعجزه شيء، وأنه هو القادر على فهم كل اللغات ومقاصدها، تأملوا معي يوم عرفة؟ كيف أنّ الباري يعرف كل لغات الذين جاؤوه كسارى ليَجْبُرهم، ويَفهم مُبْتغاهم ويعرف حاجاتهم كُلٌّ بلغته، فسبحانك (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِين).لكن ما زلتُ أتساءل كيف انتقلت اللغات في عالمنا أكثر من مائة لغة يتكلم بها الناس وَفْق ما تم تسجيله في الموسوعة الوطنية السويدية عام (2010م)؟

كيف أصبح للغة الواحدة عدة لهجات؟

وجدت في قول "لابن عاشور":
إن اللغة في أصلها كانت واحدة حين كانوا في مكان واحد، وما اختلفت اللغات إلا بانتشار قبائل البشر في المواطن المتباعدة، وتطرَّق التغيير إلى لغاتهم للحاجة عن التعبير عن أشياء لم يكن للتعبير عنها حاجة، فتبدلت اللغات بالتخفيف والحذف والزيادة بحيث يتغير الأصل إلى لغات كثيرة.
قول "ابن عاشور" كافٍ لكنهُ غير واضح لفتاة تريد معرفة أصل الإجابة فما زلتُ أبحث. فإذا بي أقضي (30) دقيقة مستمتعة بطرح الشاب حسين عبدالله في قناته على اليوتيوب. اختصر أجوبة كل الأسئلة التي دارت في ذهني بطريقة جعلتني أضحك، وأفهم. يمكنك مشاهدة المقطع من هنا معلومة غريبة: إن اللغة قديمًا كانت لا تُسمى لغةً، كانت تُسمَّى لسانًا كما في قوله -عزَّ وجل-: (بلسانٍ عربي مبين) الشعراء.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..