لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
لأن الطعام الاحتياج الأول لدى البشر، فهو أهم احتياجاتهم على الإطلاق، قد تقوم الحروب، وتنهار الدول، وتنشأ الصراعات من أجله، والطعام جزء لا يتجزأ من ثقافات من ثقافات الشعوب.في الفيلم المصري (فول الصين العظيم) تقدم الفتاة الصينية لصديقها المصري طبقًا من الصراصير، الأمر الذي يجعله يسقط مغشيًّا عليه حينما يُطْلب من الجميع الأكل ويجازف بالأكل فعلًا، ومَنْ مِنَّا يَنْسَى الجملة الشهيرة التي أوجزت الفارق بين ثقافتين، فقد قال لها الصديق (والذي يقوم بدوره الفنان المحبوب محمد هنيدي)آكل إيه.. دا عندنا بنضربه بالشبشب
الصين وتوريطنا في المرض
منذ اجتاح الكورونا ( covid- 19) العالم عن طريق الصين، والذي ظهر في بادئ الأمر في مدينة يوهان الصينية حين كان أحدهم يستمتع بحساء الخفاش كما يُقال. صار الجميع يصف الصين وشعبها بالهمجية، والعدوان، وانعدام الرحمة في قلوبهم، فهم حسب الصورة الذهنية السائدة يأكلون أي شيء يمكن أكله، وأُثِيرت التساؤلات حول ذلك الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أثيرت أيضًا بعض الأقاويل عن تَكَتُّم الصين علي المرض، وقد تَمَّ الاستشهاد بحادثة تكذيب ماو لوجود مجاعة في الصين والتي فقدت فيها بلاده الأعداد الكبيرة من شعبها فوُصِفوا بأن هذا هو ديدنهم.كيف نجح العملاق الصيني هواوي في كسر الحصار الأمريكيالطعام نتاج المعتقدات والأفكار
يخضع الطعام ككل شيء في الحياة إلى عدة عوامل من أهمها الثقافة السائدة، والعوامل الدينية، والعوامل الاجتماعية، والاقتصادية، وبالطبع تفضيلات كل فرد ورغباته. فقد تتفق العوامل الدينية مثلًا على حِلّ نوع مثل لحم الضب في الإسلام، فتجد المصريين لا يفضلون أكله، لأنه مستهْجَن في ثقافتهم الغذائية، بينما يتفق مع ثقافات أخرى تشترك في نفس الديانة.في الثقافة الصينية السائدة في البلاد، لا يوجد نوع من الطعام محرَّم؛ ذلك لأن للبلد نوعًا من الخصوصية: فهو يضمّ الكثير من القوميات أو الأعراق، حيث عدد القوميات الصينية (65) قومية أكثرها عددًا قومية (الهان) وهي الغالبية العظمى من الشعب، وعلى الرغم من انتقال البلاد من الحكم الإمبراطوري إلى الاشتراكية. استمر حكم الهان لمدة أربعمائة عام.كما أن تعدادها 1,4 مليار نسمة، فيصعب أن تسيطر ثقافة غذائية واحدة لكل تلك الأعداد، فالموارد الغذائية المتاحة للصينيين كثيرة، كما الاعتقاد الصيني القديم يمثل محورًا هامًّا، فالصينيون منذ القِدَم يعتقدون في نظرية توحيد البشر والطبيعة، وأن جوهر الدنيا هو الانسجام بين الإنسان والطبيعة، فهم يرون أن الأشياء كلما كانت طبيعية كانت أفضل، لذلك تجد في بعض الأسواق الخضروات والفاكهة جنبًا إلى جنب مع أماكن بيع الأنواع المختلفة من الحيوانات الداجنة والبرية على السواء.كما يرجع تعدد الديانات والقوميات إلى تعدد أنواع الغذاء ففي البوذية مثلًا، يحرم أكل جميع أنواع اللحوم والبيض، وبعض الخضروات ذات الرائحة الكريهة مثل الثوم والبصل. بينما في التبت مثلًا فهم يأكلون جميع الحيوانات ما عدا الطيور والحيوانات البحرية؛ لأنهم يعتقدون في الدفن المائي والدفن السمائي وهو ما يعني أن الأسماك أو الطيور قد تأكل لحوم الموتى.اللغة الصينية نافذة جديدة للتطور“هم أكثر جاذبية من الرجال على أرض الواقع” نظرة إلى العالم الغريب لألعاب الفيديو الرومانسية الصينيةالمجاعة التي أيقظت غريزة البقاء وأعدمت الذائقة
ولا أحد يمكنه أن يغفل عن أكبر وأهم العوامل التي تؤثر على الثقافة الغذائية في الصين وهي الحروب والمجاعات.مثل حرب الصين واليابان الثانية والتي وقعت بين 7 يوليو (1937م) إلى سبتمبر (1945م) والتي ترجع إلى الأولى في عام (1894م-1895م)، والتي هُزمت فيها الصين، وكلا الحربين أثرت على الاقتصاد الصيني، وأدت إلى تدهورات كبيرة في الاقتصاد الصيني، مما أدى إلى نقص الموارد من الحاصلات الزراعية واضطرار البعض لأكل أي شيء والتنازل عن أي شيء في مقابل الطعام.في رواية بجعات برية للكاتبة (تشونج تشانج) والتي هي تعد رواية وسيرة ذاتية تَقُصّ فيها الكاتبة أحداثًا في حياتها وحياة أمها وجدتها يوجد فصل من الرواية يسمى (ابنة للبيع بعشر كيلو جرامات من الأرز) فحيث تخرج الأم من عملها كل يوم تجد امرأة نحيلة تقف لتعرض بيع طفلتها بعشر كيلو جرامات من الأرز.ولكن أهم تلك الطفرات وأكثرها تأثيرًا هي المجاعة الصينية الكبرى من عام (1958 إلى عام 1961) أو السنوات الثلاث المُرَّة كما يذكرها الصينيون، سبقت تلك المجاعة عامان من أفضل الأعوام على الفلاحين الصينيين وهما العامان بين (1950م- 1952م) قام الحزب الحاكم بتطبيق سياسات إصلاحية في الزراعة، في عام (1952م) قام بإصدار قانون الإصلاح الزراعي وهو توزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين بالتساوي واعتبر بذلك “ماو” محرر الفلاحين، ولكن بعد ذلك خاف “ماو” من ظهور طبقة من ملاك الأراضي الصغار، فأقنعت الحكومة الفلاحين الصينيون بضم أراضيهم إلى مزارع تحت إشراف الحكومة.ولكن في عام (1957م) عندما أعلن “خروتشوف” أن إنتاج الفولاذ في الاتحاد السوفيتي سيتجاوز إنتاج الولايات المتحدة من الفولاذ أعلن “ماو” قبوله التحدي وأن إنتاج الصين من الفولاذ سيتخطى إنتاج الولايات المتحدة في نفس الفترة، لذلك تم تجنيد (100) مليون من الفلاحين في البلاد للعمل بأيديهم في مشاريع بناء مثل بناء الطرق والسكك الحديدية. كما أعلن “ماو” عصافير الدوري كعدو جديد يجب التخلص منه، زاعمًا أنه يتسبب في فقد الكثير من المحاصيل، مما أدى إلى ظهور الحشرات بكثرة وإتلاف الكثير من المحاصيل.بدء “ماو” في إنشاء المجمعات، وكان يوم العمل يبدأ من الفجر وحتى حلول الليل، تم الفصل بين الرجال والنساء فأصبح الأمر يشبه الثكنات، لم يعد أحد يعود لمنزله، يصف هذا الأمر أحد الشهود على تلك الواقعة في الفيلم الوثائقي (ماو تسي تونج .. المجاعة الكبرى) حيث قال: (تَمَّ جمع الأدوات المنزلية في السنة الأولى واستخدام الأثاث حطبًا للنار، ودُمِّر كل ما يمكن تدميره، أما الخنازير والخرفان فجرى تقاسم كل شيء ولم يعد أحدٌ يطهو في منزله)كان الهدف من ذلك هو جعل الفلاحين يتناولون طعامهم في مطابخ المجمعات المشتركة وقد أُلْغِيَت النقود واستُبْدِلت بنظام نقاط العمل مقابل الطعام، كما خضع الفلاحون للتدريب العسكري.تدخَّل الحزب في سياسات الزراعة كما انخفض مستوى الفلاحين ممَّا أدى إلى الإنتاج الزراعي الضعيف، كما أدى إلى الاقتراض من الاتحاد السوفيتي والتعهد بتسديد الدَّيْن عن طريق الحاصلات الزراعية، إلى تحصيل جميع المحاصيل من الفلاحين الأمر الذي أدَّى إلى تدهور الأحوال كثيرًا فأصبح البعض يأكلون لحاء الشجر والوحل ليسدوا عواء معدتهم، كذبت الحكومة الأمر وحاولت التكتم على ما يحدث بتزوير أرقام الحاصلات الزراعية، تذكر الكاتبة (تشونج تشانج) ذلك في روايتها فتقول (كان زمنًا يُمَارَس فيه حديث الأوهام مع النفس ومع الآخرين، كان الفلاحون ينقلون المحاصيل من عدّة قطع من الأرض إلى قطعة واحدة، ليروا المسئولين الحزبيين أنهم أنتجوا محصولًا عجائبيًّا) ونتيجة لتلك السياسات مات أكثر من (45) مليون مواطن.تفكر في دراسة اللغة الصينية في الصين؟ إذن تجنّب هذه الأخطاء!أفضل المصادر المجانية لتعلم اللغة الصينية عبر الإنترنت