لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
في مطلع العام الحالي شاهدت الملصق الدعائي للفيلم الكارتوني "klaus" ينتشر عبر صفحات أصدقائي على الفيسبوك، الرجل الضخم بلحيته البيضاء وبجانبه ساعي بريد، لم يكن لَدَيّ مزاج رائق لأشاهد أيّ أفلام، فوضعته في خطتي وحسب.ثم جاء يوم حيث استيقظت وأنا عازمة على مشاهدته، في البداية يبدأ صوت بقَصّ حكاية خطوط المراسلات ومصانع الهدايا، قلت (آه فيلم آخر يحكي قصة بابا نويل مجددًا، أقزام أخرى وقصص بلا فائدة).لكن بعد قليل عدنا إلى الماضي مع "جاسبر" ساعي البريد الفاشل الذي يريد اللهو والتمتع بثروة أبيه فحسب، ولكن والده لا تعجبه تلك المهزلة ويقرر أن يرسله إلى "سميرنسبورج" الجزيرة المنعزلة في المحيط، المقفرة التي لا ينجح فيها أي ساعي بريد، ويطالبه بـ(6) آلاف رسالة في ذلك العام وإلا سيتم حرمانه من مال العائلة وطرده بعيدًا، هنا بالضبط بدأ الفيلم.من هو سانتا كلوز؟
سانتا كلوز هو ذلك الرجل السمين الضحوك في أفلام الكارتون المشهور بصوته (هو هو هو) الذي يقدم الهدايا للأطفال الطيبين طوال العام، ويكافئهم، لأنهم جيدون بما يكفي.تناولت الأعمال الكرتونية بابا نويل بشكلٍ أساسي أو حتى ثانوي، لكنه دائمًا حاضر بقوة، طالما ذكر عيد الميلاد فإن سانتا كلوز يجب أن يكون موجودًا، كما يشتهر أيضًا بالغزلان البرية -أو الوعول- التي تجرّ عربته، والأقزام الذين يعاونونه، حتى يُتمّ مهمته.تولدت تلك الصورة لسانتا كلوز على يد الشاعر كليمنت كلارك مور، الذي كتب قصيدة "الليلة السابقة لعيد الميلاد" (The Night Before Christmas) عام (1823م).في الجزيرة المتناحرة من يرسل رسائل؟
حينما يصل "جاسبر" إلى القرية يفاجئه ما ينتظره، إنها جزيرة مقفرة، فقيرة، حتى مكتب البريد الذي يسكن فيه لا يصلح لا للبريد ولا للسكنى، السكان جميعهم ينحدرون من عائلتين، والعائلتان متناحرتان حتى ذلك اليوم، طوال الوقت لا يوجد سوى جدال ونزاع، إن الأطفال كفُّوا عن ارتياد المدارس أصلًا فلَمْ يعد هناك من يعرفون القراءة والكتابة التي تمكنهم من إرسال الرسائل، حتى المعلمة التي يقابلها "جاسبر"، يجدها تعمل كبائعة للأسماك، ولكن "جاسبر"، في مصادفة سعيدة يجد منزل كلاوس في الغابة، الرجل الذي يصنع أعشاشًا للعصافير، كما يصنع مجسمات صغيرة من الألعاب الجميلة، وحينها يدرك "جاسبر" ما الذي عليه أن يفعله.
من نيكولاس إلى سانتا
اسمه الحقيقي هو القديس نيكولاس، ولد في القرن الرابع الميلادي في تركيا، وأصبح كاهنًا من صغره في كنيسة مدينة مورا بآسيا الصغري (حاليًا مدينة دمرة في تركيا). مات والده وهو صغير، وحينها أُودِع دارًا للأيتام فكان عطوفًا طيب القلب حينما كبر، كان يساعد الفقراء ويقوم على شؤونهم، وتولى أسقفية المدينة حتى مات. وخلال فترة حكم الإمبراطور دقلديانوس تَمّ سجنه وتعذيبه لفترة طويلة، لمنعه من نشر الدين المسيحي، حتى وفاة الإمبراطور، وخرج من السجن وعاد إلى عمله في الكنيسة مرة أخرى حتى وفاته في أواخر شهر ديسمبر.هناك قصة تروى عن إحسانه نحو الفقراء، فقد فقد رجلٌ مالًا وكان لديه ثلاث بنات وأراد أن يزوجهن بينما لا يملك المال، وحينها علم القديس نيكولاس بالأمر فقام من فوره بمساعدته، لكن حدث ذلك عن طريق الخفاء، فقد كان يضع المساعدة المالية في كيس ويلقيه من نافذة المنزل في الليل، حدث ذلك في المرة الأولى، ثم الثانية، لكن في الثالثة عزم الرجل أن يكشف شخصيته وعرفها بالفعل، وحينها انتشرت حكاية القديس في المدينة.وهناك جانبٌ آخر من حياته قيل إن قصة الإحسان أشيعت لتخفي دوره في مجمع (نيقية). مجمع نيقية الأول أو المجمع المسكوني الأول هو أحد المجامع المسكونية السبعة وفقًا للكنيستين الرومانيّة والبيزنطيّة عقد لدراسة الخلافات في كنيسة الإسكندرية بين آريوس وأتباعه من جهة وبين ألكسندروس الأول وأتباعه من جهة أخرى حول طبيعة عيسى أو (يسوع) في المسيحية هل هي نفس طبيعة الإله أم طبيعة البشر. كان نيكولاس من الفريق المؤيد لتأليه النبي عيسى –عليه السلام- بل قاد اضطهادات ضد الرافضين لذلك الاعتقاد.
- الفيلم الإماراتي "كيمرة" يخبرك كيف قتل الفضول القط!
- الطريق إلى الحرية: مراجعة رواية (الباب المفتوح) للكاتبة لطيفة الزيات
من سانتا كلوز إلى أودين
في الأساطير الإسكندنافية، كان هناك الإله "أودين" وهو متقلب وعطوف وغاضب وطيب في آن واحد، كان يتجول في آخر ديسمبر في السماء على حِصانه ذي الثمانية أرجل، يدعي سلينيبر، وهذا ما يتشابه مع زلّاجة سانتا التي تجرُّها ثمانية من الرنة، كما أن الأقزام الصغار هم من يصنعون لسانتا الهدايا، ولأودين أيضًا الكثير من المساعدين الذين يعاونونه.من يكتب التقارير لسانتا هم أعوانه أولئك الذين يكتبون المحسن والمخطئ، الكثيرون يدونون ذلك من الجانّ، لأودين أيضًا مساعدان وهما (هوجين ومونين) اللذان يساعدانه على معرفة الأشخاص الذين يستحقون الهدايا والحظّ الجيد أو المخطئين الذين يستحقون الحظ السيئ.فسانتا بميعاد ظهوره وعيد ميلاده وحتى شكله العام مقتبس من الإله الوثني الإسكندنافي، حتى أن الكنيسة في العصور الوسطى حرمت الاحتفال من الهدايا لأنها تشبه الاحتفالات الوثنية، ولكن بعد ذلك تم استعارة شخصية أودين لتمثل شخصية سانتا كلوز، فالقديس الذي يساعد الفقراء هو القديس الذي يراقب الأطفال طوال العام وسيكافئهم.في فيلم (كلاوس) يستغني "كلاوس" عن حصانه أثناء توزيع الهدايا ويختار الرنة السريعة والتي تقطع المسافات بسهولة، والتي تشبه الصورة الإسكندنافية لأودين.
من سانتا كلوز إلى بابا نويل
قد تشعر بالحيرة حينما تجد المُسمَّيات المختلفة فهل هو بابا نويل أم سانتا كلوز، في الحقيقة المُسمَّيات تختلف من بلد لبلد آخر. في القرن التاسع عشر وحينما حدث التبادل الثقافي بين بريطانيا وأمريكا تم تصديره إلى بريطانيا، حيث روَّجت له المملكة المتحدة باسم بابا نويل، مع الأخذ في الحسبان الحفاظ علي شخصية سانتا كلوز بمكوناتها وعدم التغيير فيها. فهو يحمل عدة أسماء مثل (سانتا كلوز) (بابا نويل) (بابو ناتالي) في إيطاليا.الفيلم يسير في خط ممتع وجميل، كما أن ألوانه المبهجة رائعة، كيف تغيرت نظرة "جاسبر" إلى الحياة وكيف أصبح يراها من منظور، غير منظوره الأناني، الذي كان لا يشاهد الحياة إلا به من قبل.