Loading Offers..
100 100 100

تجربتي في قراءة الروايات ومشاهدة أفلامها المصورة، أيهما أفضل؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

بعد تجربتي القليلة ما بين قراءة رواية أو مشاهدة فِلم يجسد قصة الرواية التي قُرئت أجدني أميل نحو كفة قراءة الرواية و والتغلغل فيها أكثر.

وذلك كونها تجبر عقلك رغما أن يتخيل الصور كأن يشتّم الروائح، ويعبر الأزقة، ويصعد الجبال، ويصف الطيور، وأشكال الورود، وغير ذلك من الصور التي تتفاعل مع النص وترتبط به إرتباطا وثيقًا، عقلك هو مخرج كل هذه الأحداث، ومنتج كل هذه السلسلة.

حينما أُسألُ عن أجمل ما قرأت في الروايات سأدون في قائمتي دون شك رواية “أغاثا كريستي” المعنونة بـ”واختفى كل شيء” الشخصيات المتعددة التي قصدت جزيرة معزولة بدعوة من مجهول، رحلات القارب، القصر الذي تمت استضافتهم فيه، القاتل المتسلسل الذي يعيش معهم في ردهات القصر، ويتلذذ بقتلهم الشخص تلو الآخر، طرق القتل، تشكيكك في كل شخصية منهم، والخاتمة التي لا تتوقعها البتة، ستقف في لحظة من اللحظات على أطراف أصابعك مشدوهًا ومتعجبًا من عظمة صنيع أغاثا!

جُسدت الرواية على هيأة مسلسل، كانت برأيي محاولة باهتة وأقل دهشة وجذبًا، لأنك ترى فقط بعين المخرج مخيلته الخاصة، وزاويته التي يريد، وميزانيته ربما المحكورة في مكان معين، وبقعة لا يتزحزح عنها، وقد يعدل أو يضيف من هنا وهناك بعض المقطوعات الموسيقية التي تجعلك يقظا متحفزا للمشهد، ولكن لا يبدو ذلك أكثر بريقا وروعة من قراءة الرواية كونك غير محصور بأي تقييد يلزمك بحد يجبرك الوقوف عنده، بل خيال متقد لكل صورة جديدة يرسمها عقلك.

تجربتي الثانية والتي لا زلت أتذكرها هي مع قراءة رواية “البؤساء” والتي تحكي عن قصة عاشقين في زمن الثورة الفرنسية، قراءة الرواية كانت أكثر جمالاً وروعة من مشاهدة الفِلم ذي الإيقاع البطيئ الذي يجعلك تتململ، وقد تتوقف عن إكمال مشاهدة الفِلم لنفس السبب، غير أن الرواية لا تشعرك إلا بعظمة ما كتبه “فيكتور هيوقو” وقد يأتي أحد محبي الأفلام ليقول بأن الفِلم لا يرتقي أن يكون في مصاف الأفلام الخالدة، ولن ألومه على رأيه ذلك البتة، فقط ذلك كونه لم يرى الجانبين: تفاصيل الرواية كمقروء، وسطحية الفِلم كمشاهدة، وكان رأيه من منظور واحد فقط.

مؤخرًا أنهيت قراءة رواية “باتريك زوسكند” التي عنونها “العطر” ستشم من خلال القراءة فقط كل ما يخطر على بالك من روائح النتانة، والطبيعية، والتوابل، والورد، والعطور، وحتى الأجسام، من طرق باريس التي تصطف حولها مباني العامة من الناس، والكاتدرائيات، وأسواق السمك، والباعة الجوالون، يصف غرينوي بطل القصة كل زواية بأنفه لا بعينه، ومتى ستصبح قراءة الرواية ذات أثر يخلب قلبك هو أن تقوم بشراء عطر في أقرب فرصة ممكنة كي تصاحبك باقي أحداث الرواية وصولا للنهاية، لتعرف سيطرة الرواية عليك بالكلية، بل سيجعلك تتفكر في كل رائحة تشمها وأنت في بيتك، الصابون، الزيوت، البلسم، التوابل، وحتى عطرك الخاص والآخرين، الرواية التي تم شراء حقوقها بعشرة ملايين دولار لتكون فِلما، ولكنها محاولة لم تستطع وصف كل مشاعر ومواقف غرينوي بدقة كاملة، بل تجاوزت بعض الأحداث، وأضافت بعض الإثارة لاستمالة المشاهد، وقد تستنكر بعض المشاهد لأنك في الأصل لم تقرأ الرواية لتفهم نفسية البطل وأسبابه الخاصة!

أخيرا أتحدث عن أعظم تجربة متكاملة هي قراءة كتاب خالد محمد خالد لسيرة “عمر بن الخطاب” جنبا إلى جنب كنت قد شاهدت “مسلسل عمر” الذي عرض في أحد الرمضانات وقد أثار لغطًا وجدلًا في تلك الفترة ما بين مؤيد ومعارض، ما زلت أتذكر دهشتي الكبرى حينما شاهدت تقمص أحد الممثلين لشخصية “أبي بكر الصديق” كان تماما كما رسمته مخيلتي عنه، وهو ما جعلني أكثر تماهيا مع النص المكتوب والمشهد المصور، أما عن عمر نفسه فربما هو أعظم شخصية أحببتها ورغبت في الدخول في أعماق قصته الخاصة صفحة بصفحة و حلقة بحلقة، كنت أمشي في خط متواز مع عدد الصفحات مقابل كل حلقة، أتوقف حينما يتوقفون وأكمل حين يكملون، ربما لهذه التجربة أثر كبير في نفسي ما بين مقروء ومصور ولذا كانت التجربة أكثر الأشياء تكاملا وروعة ومن يدري ربما لإعجابي الشخصي للصحابي الجليل عمر بن الخطاب سبب لكل هذا المديح الجارف في كل محفل وفي كل جلسة.

أخيرًا لا يمكنني سحب البساط من ساحة الأفلام أو المسلسلات بتسليم راية الفوز نحو قراءة القصص والرويات فلكل ما يميزه، وكلاهما يبقى مصدرا من مصادر تغذية البصر أو اللغة، فما دامت العبرة والمقصد يصلان لشريحة من الجمهور أيا كانت تفضيلاتهم فهذا باعتقادي يكفي لتكون مناصرا لأحدهما أو كليهما.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..