Loading Offers..
100 100 100

المرأة في عيون المخرج محمد خان

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

حينما أشاهد فيلمًا لمحمد خان أشعر أن البطلة فيه تعبر عني، إنها أنا في زمنٍ ما، أو حياةٍ أخرى، أو عالم موازٍ. فـ"خان" الذي قدم النساء في أفلامه، المدنية، وابنة الريف والقادمة من الصعيد، قدّم العزباء والمتزوجة والمطلقة، كما قدّم العاملة وربّة المنزل، والخادمة، والمتمردة، والمطيعة التي ترتضى بأيّ دور يسند إليها، الطموحة ومحدودة الحلم، العنصر الأنثوي في أفلام محمد خان ليس كبيرًا فحسب بل هو محور القصة ورمّانة ميزانها، ففي الحريف حيث "عادل إمام" الذي يقوم بدور فارس لاعب الكرة الذي يكسب كل المباريات، في النهاية يُطِّلق الكرة ويتخلى عنها من أجل أن يبقى مع امرأته دلال.إنهن القويّات بدون أناشيد حماسية، الجميلات بلا زخرفة، معه نرى ليلى علوي الفتاة المدللة تتحول إلى "خوخة" الفتاة القروية التي لا تحب التعليم، ولم يتوقف الأمر عند النساء فحسب بل إنه أثّر في الرجال فنرى حسين فهمي، متسلط وقاتل في موعد على العشاء وهو الذي لعب دائمًا دور الفتى الوسيم.

نوال

(عرفت حاجات كتير وكأني عشت عمر على عمري)يبدأ الفيلم بمشهد الزفاف لنرى ملامح العروس التي تدل على الخوف، ليس فقط الخوف الذي يرافق كل عروس تبدأ حياتها لكنه خوفٌ من نوعٍ آخر ونظرتها الزائغة التي ترافقها طوال الفيلم؛ بعد ذلك تبدأ ملامحها في الظهور امرأةٌ رقيقة وحالمة تنهار من البكاء لأنها لا تتمكن من شراء لوحة وتطاردها الهواجس المخيفة لأنها رأت امرأة تهوِي من الشرفة.لقد كانت شخصية نوال في الفيلم أقرب الشخصيات لشخصية سعاد حسني الحقيقية المرأة الرقيقة الحالمة والتي يجرحها الهواء.حتى حينما تقرّر نوال الهرب من حياتها ومن زوجها المتسلط والذي يظهر تسلطه من المشهد الأول حيث تحاول أن تجري معه حديثًا لكن عبثًا تضيع محاولاتها سُدى، نوال الوحيدة أمام تسلط الزوج والأم والمجتمع بل حتى تسلط الصديقات اللاتي يحاولن إعادتها لزوجها؛ ففي مشهد الجلسة مع الصديقات بينما يحاولن إقناعها بالعودة لزوجها السابق؛ تظهر ازدواجية المجتمع واضحه للعين حينما تخبرها صديقتها أن تعود لزوجها حتى وإن كانت على علاقة برجل آخر فلا مشكلة لتحتفظ بالأمر أيضًا، فلا مشكلة في الخطأ المهم هو ما سيظهر للناس فقط.كانت نوال دائمة النزوع للعزلة والهرب بعيدًا عن أعين الآخرين. يمتلئ الفيلم بالإسقاطات، فمن اللوحة التي تمثّل الطفلة بداخِلها إلى الطريق الموحل والأمطار التي تمنعها من الرؤية بينما هي تقود السيارة مع حبيبها وزوجها فيما بعد "شكري" وكأنها إشارة لطريقهما معًا، حتى حينما يقدم لها الشوكولاته تخبره (أنا ما باكلش حلو) إنها رحلة مرّة تُعبِّر عن كيف يحول الرجل المتسلط حياة امرأة لجحيم فتتحول من رقيقة وحالمة تبكيها لوحة إلى انتحارية تطهو الطعام بالسم ولا تتوانى عن اقتسامه والموت معه، لكن المهم هو أن تنال من القاتل، والذي أدركت أنه لن يتركها تحيا بدونه.

هيام

(كنت ندرهالك)في الفيلم الذي ترشح للأوسكار يصور خان حياة هيام عاملة المصنع والتي تقع في حب المهندس الجديد، هيام الحالمة التي تظن أن عمر الواحد والعشرين فاتِنًا ومفتاحًا للحياة، ومن سعاد حُسْني بطلة لأول الأفلام إلى إهداء هذا الفيلم إليها، سعاد حسني بِرُوحها ودلالها وصوتها الخلاب في (يا واد يا تقيل) هي التي تسكن وجدان البطلة بل وجدان جميع الكثير من الفتيات الحالمات بالحب.ولكن هيام التي تصطدم بالواقع لتعرف أن الحب لن تكتب له الحياة، وأن المهندس لن يتزوج العاملة حتى لو كانت تحبه حينها لم تنكسر هيام، لم تحزن، ولم تولول، بل أنها أوهمت الجميع بأنها وقعت معه في علاقة، حينها ينقلب الجميع عليها فتضربها الجدة وتقص شعرها التي تختال به، و تضع رأسها تحت قدمها في ذلك المشهد ترى درجات القهر، فمن قهر الحب، لقهر الفقر، لقهر العائلة، وهناك الرجال الذين يريدون قتلها حتى بدون دليل فننتقل لنوعٍ آخر من القهر وهو سلطة الرجال الذين يظنون أن كل امرأة تمتّ إليهم بصِلة تخصهم وتحمل شرفهم مناصفة مع شرفها، وكأنها غير قادرة على تحمل مسئولية نفسها وحدها، فهم يتركونها تنزل إلى العمل، لا يمنحها أحد أيّ شيء، ولكن حينما تخطئ، يرفع الجميع سكاكينهم في وجهها.حينما تحاول الانتحار تكون الحياةُ كريمةً معها فتعطيها فرصة أخرى للنجاة لتكتشف قيمتها كإنسانة وترقص في زفاف حبيبها لتوفي بنذرها، وحينها تُركز الكاميرا على وجهها بعينيها المُشعّتين ونظرتها الحادّة حتى أن كل ما في خلفية المشهد يصبح مشوشًا، لا يمثل أهميةً لها.

هند وكاميليا

(بذمتك يا كاميليا مش دمه خفيف..ما هم كل النصابين كدا دمهم خفيف)للمرة الأولى نرى "نجلاء فتحي" الفتاة الرومانسية المشهورة بجمالها ورقتها تظهر في دور الخادمة، وحتى عايده رياض التي كانت دائما تظهر كفتاة ذكية قادرة على مواجهة الحياة لم تظهر هنا سوى كفتاة ساذجة جاءت من قريتها لتعمل خادمة لأسرة متوسطة، كما جمعتهم العمالة في المنازل والسلالم الخلفية جمعهم الحلم، ليس الحلم المشترك بل القدرة على الحُلم من الأساس، فهند كانت تحلم أن تكون ربة منزل وكاميليا تحلم أن تمتلك المال وتسافر لترى بحر الإسكندرية.حلم الاستقلال والاستقرار بلا جلبة أو اتهام. اثنتان تمسكان بأيدي بعضهما على الرغم من فقرهما، فإنهما لا تنسيان الترفيه فتذهبان للملاهي حتى وهما هاربتان لمصير مجهول، وحينما تقع هند فريسة للنصاب اللص فإن كاميليا تقف في  ظهرها؛ وعلى الرغم من طبيعة الأوغاد جميعهم فقد كان وغدًا مختلفًا يتحمل نتيجة أخطائه يتزوج حبيبته ويحتضن ابنته يسعى للتوبة ولا يمكنه تحمل التبعات.تنجب هند فتطلق كاميليا على الطفلة اسم أحلام، تتوحد أحلامهما في أحلام الصغيرة التي تسعى كاميليا لجعلها الأفضل وتعوض فيها أمومتها المفقودة حتى حينما تجدان الأموال التي يتركها الزوج ويدفع ثمنها حريته؛ وتحاولان تحقيق أحلامهما بالفعل، تباغتهما سرقة الأموال بينما هما مسافرتان للإسكندرية من أجل تحقيق حلم كاميليا، ولكن ما قيمة الأموال حينما يضيع الحلم؟ فحينما تستيقظ الصديقتان ولا تجدان الفتاة، يجن جنونهما ويبحثان عنها، وحينها يجدونها على بحر الإسكندرية تنتظرهما، فإن كانت الدنيا لا تعطي الفقراء السعادة فإنها غير قادرة على نزع الحلم منهم.

منى

( قلتلك نفسي أحضر حفلة لعبد الحليم حافظ)في فيلم زوجة رجل مهم، يقدم خان مرة أخرى نموذج الرجل المتسلط والمرأة الحالمة، فمُنَى التي يراها الضابط في الشارع فيقع في غرامها، والذي يقوم بدوره أحمد زكي ثم يطلب الزواج منها، وما بين انبهارها به وخوفها منه تتأرجح مشاعرها، حينما تذهب للقاهرة تودّ أن تحضر حفلة من حفلات عبد الحليم حافظ لكن انشغالات زوجها ومجاملاته تَحُول بينها وبين رغبتها. على الرغم من وضعه لها في قفص مثل العصافير  والتضييق عليها فهي التي تترك الجامعة بسبب سمعته، إلى حبسه الجارة الوحيدة التي كانت تساعدها لم يتحطم ما بينهما، مثلما فعل خبر موت عبد الحليم حافظ وضياع رغبتها الوحيدة للأبد. وعلى الرغم من اسم الفيلم إلا أن البطل هو الرجل المهم أو الضابط.
إليك أيضًا

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..