Loading Offers..
100 100 100

مراجعة كتاب: الشيطان يحكم للدكتور مصطفى محمود

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

لطالما أحببت القراءة وانسجمت معها وتآلفنا سويًا، رحلة طويلة على مدار سنوات مع الكتب، أشعر أنني أتشرَّب الكتب وأناقش الكتّاب كما لو كنت في جلسة حواريّة معهم، هنا أقدم تلخيصًا ومراجعة شبه شاملة لكتاب "الشيطان يحكم" وهو أولى قراءاتي للكاتب الرائع "مصطفى محمود"، والذي ألهمني بأسلوبه وأفكاره وموضوعاته الشيقة التي طرحها.تناول الكاتب في كتابه هنا ما يقارب أربعين مقالًا مُثْريًا عن موضوعات غاية في الأهمية في مختلف الجوانب الحياتية، والتي غالبًا تغافلنا وغيّبت عقولنا عنها، هنا سأناقش فقط اثنا عشر مقالًا من هذه المقالات:

أولًا: هل يسير العالم إلى دعارة؟

هنا ابتدأ الكاتب كتابه بمقالٍ غاية في الأهمية يستوجب منا وقفة، فهو هنا يناقش موضوع الإباحية التي بات لا يخلو فيلم سينمائي ولا مسلسل منها، ويطرح الكاتب تساؤلًا، هل ترى ذلك من داعي الصدفة أم أنّ الأمر مدبَّر ومخطط له؟نعم يا عزيزي إنها ليست سوى مؤامرة مدبّرة من جهات معينة لإسقاطك بل لإسقاطنا جميعًا في الوحل، إنهم يعملون بكل ما لديهم من قوة لتثبيط عزيمتك وإيمانك بنفسك من خلال إشغالك ببضع مشاهد فاسدة لجعلك إنسانًا بلا قيمة ولا هدف، غارقًا في مستنقع من الوحل، فلا تركن وكن يقظا.

ثانيًا: الشيء التافه

وهنا يوجه الكاتب عباراته لكل شخص يستهين بأيّ أمر من أمور الحياة ويعتبرها شيئًا تافهًا، فالعفن ليس شيئًا تافِهًا والكيميائي الذي يترك كل شيء ويكتب بحثًا في العفن إياك أن تصفه بالجنون، فمن العفن -الذي تعده تافهًا- استخرج هذا الكيميائي البنسلين، ”إنني لا أبالغ إن قلتُ: إنّ معظمنا يستهين بأمور من تلك، ويحاول استصغارها متى ما أتيحت له الفرصة" على حد ّ قوله؛ لذلك لطفًا لا تقلْ على أيّ أحد إنّه تافه، واحترم كل شيء مهما صغر شأنه، الطفل، الحشرة، عامل الطريق، جرسون المقهى والقائمة تطول، فالله وحده يعلم مَن في الغد ستكون القوة في يده.

ثالثًا: الوقوع في الفخ

كان لا بد لي من وقفة احترام لهذا الكاتب على طرحه فكرة وموضوعًا أكثر من رائع وأعتبره غاية في الأهمية، وهو الحذر من الوقوع في فخ المظاهر والشكل الخارجي والأمور السطحية، كالجمال الذي سيفنى والمال الذي ينفد في لمح البصر والابتسامات السطحية التي تخفي شرورًا، علينا أن ننظر إلى دواخل الأشخاص وقلوبهم وأن نتصفح نقاء وصفاء سريرتهم قبل الاهتمام بمظهرهم من الخارج.فكما قال الكاتب: "أيّ قيمة لوجه جميل وطبع قاسٍ خوّان مروّغ خبيث"، فالجمال الحقيقي يا عزيزي هو جمال الشخصية وحلاوة السجايا وطهارة الروح"،كما ركّز في مقاله هذا على الجانب النسوي، حيث أوصل للشباب رسالة رائعة ألا وهي أنّ من أراد أن يحظى بامرأة رائعة عليه ألّا ينظر إليها بعينيه وإنما ينظر إليها بعقله ليرى ماذا يختفي وراء الديكور.

رابعًا: أحبّوا أنفسكم

ليس بالأمر الجديد علينا مدى أهمية الذات والاعتناء بها وحب النفس الذي يرفع من شأن صاحبه ويوصله لأسمى مراحل السلام الداخلي، إنّ انسجامنا مع ذواتنا تماما كانسجام الكون مع ذاته يخلق توازنًا رائعًا وهدوءًا وطمأنينة، وهنا يقول الكاتب: "تلك الهدنة التي تنعقد بين الإنسان ونفسه هي النبع الذي تتدفق منه المحبة لتحتضن الآخرين وتعانق الحياة"، إذا القاعدة غاية في البساطة يا عزيزي، حبّك لغيرك نابع من حبّك لنفسك واعتنائك بها، لكن لا تنس أنّ اللقاء مع النفس شاقّ وتمام الوفاق مع النفس أشقّ وأصعب لكنّ الأمر يستحق المحاولة.

خامسًا: لماذا الملل؟

سأكتفي هنا بما طرح الكاتب، إننا أصبحنا نضيق ذرعًا بكل شيء سريعًا، فعلى حدّ تعبيره إِنَّ حضارة اليوم طابعها الملل، فالنقود تثيرك طالما هي في جيب غيرك فإذا دخلت جيبك فقدت جاذبيتها، الشهادة حلمك وغايتك وأملك حتى تحصل عليها فتنسى أمرها تمامًا، والوظيفة هدف برّاق حتى تنالها فتتحول إلى عبء ثقيل، لماذا كل هذا المَلل إذًا؟ ببساطة لأننا في عصر إفلاس القيم، والمَلل أيها القارئ الواعي ما هو إلاّ علامة للعودة إلى الإيمان بالقيم السامية الخالدة وأنّ هناك حقيقة خلف عالم الظواهر والأوهام.

سادسًا: من أين تنبع السعادة؟

عزيزي القارئ، إن كنت تنتظر أن أخبرك بأنّ السعادة تنبع من حصولك على المال وتحقيق أهدافك فلست آسفة أنني حطمت آمالك، فالسعادة نابعة من ضميرك المرتاح، من علاقتك المتينة مع ربك والوطيدة مع ذاتك، السعادة شعور داخلي لن يأتي من مصدر خارجي، السعادة شعور دينيٌّ وليس ماديًّا، فهي تنبثق من إحساسك أنّك لست وحدك وأنّ الله وعنايته الإلهية معك.

سابعًا: السلطان الحقيقي

إنّ المعنى الحقيقي للسلطنة والسيادة هي أن تكون سيدًا على ذاتك قبل أن تسود غيرك، أي أن تتحرر من شهواتك ونزواتك وتخضع قلبك لأوامر عقلك، فالملكية الحقيقية ألاّ يملكك أحد وألَّا تستولي عليك رغبة أو تسوقك نزوة، إذا الدّفة بين يديك أنت القبطان هنا وأنت صاحب القرار في وجهتك فاختر لنفسك وجهة تليق بك كإنسان.

ثامِنًا: حينما يصبح للمرأة ذيل

وهذا المقال أعتبره شخصيًّا من أهم المقالات التي وجب تسليط الضوء عليها، وأخص هنا فئة الجنس اللطيف "الإناث"، تحدّث الكاتب عن كذبة الموضة التي غرقنا بها جميعًا حتى النخاع، فهذا الفستان انتهت موضته وذاك الحذاء بات لا يلائم العصر وطلاء الأظافر هذا أصبح قديمًا وجب شراء غيره، وغيرها الكثير من الترّهات التي أصبحنا ننساق وراءها دون وعي، وهذا ما فعلته بنا شركات الترويج الخادعة، وهنا أصدق الكاتب قولًا بأنّ أكثر الموضات لا هدف لها سوى الاحتفاء بالغرائز وإثارة أشواقها، إذًا هي مؤامرة على الحواس لإيقاعها في حبال الغريزة، فاحذر أن تقع في الفخ.

تاسعًا: التدليك العاطفي

أثار فضولي عنوان هذا المقال حينما تفحصت فهرس الكتاب، فقلما نجد كاتبًا يكتب عن الحب النقيّ الصافي، الحب الخالي من الشهوات والغرائز الحيوانية، الحب الذي يحمل المشاعر الإنسانية السامية والرفيعة قبل كل شيء، ومن أصدق العبارات التي أودعها الرائع "مصطفى محمود" في مقاله هذا هي"الحب الحقيقيّ هو قطعًا شيء آخر غير ما نرى في السينما، فما تصوُّره لنا الأفلام ما هو إلاّ أساليب إغراء جنسي، وما أبعد الجنس عن الحب".

عاشرًا: أنت إمبراطور

في هذا المقال سلّط الكاتب الضوء على أمر غاية في الأهمية وهو مقارنة بين إمكانيات الماضي الحاضر، فهو يخبرنا أننا اليوم ملوك بما نملكه من إمكانيات لم تكن متوفرة في الزمن القديم، كسبل الحياة الترفيهية والقدرات التي نمتلكها وغيرها الكثير، لكن وعلى الرغم من ذلك إلاّ أنّ الطمع فطرة هذا البشري الذي يترك كل ما بين يديه من نِعَمٍ وينظر إلى ما في أيدي الآخرين، فنحن بذلك نسرق بعضنا ويقتل بعضنا بعضًا دون أن نتلذذ بما نمتلكه، نعم يا عزيزي "فنحن تقدمنا كمدينة وتأخرنا كحضارة" على حد تعبير الكاتب، فالإنسان ارتقى في معيشته وتخلّف في محبّته.

إحدى عشر: الواقع الكاذب

نحن دائمًا ندّعي أننا نعرف ذواتنا جيّدًا، لكننا في الواقع جميعنا كاذبون حتى علماء النفس لم يستطيعوا معرفة ماهية النفس ودواخلها وكل ما هم بصدده محض افتراضات وتخمينات، فلو أدركنا جهلنا لانفتح باب الرحمة والحب في قلوبنا، ولأصبحت الحياة على الأرض جديرة بأن نحياها، فمتى نعرف أننا لا نعرف؟

اثنا عشر: مخيَّر أم مسيَّر

أنهي مراجعتي بواحد من أجمل المقالات، أنت أيها القارئ العزيز اعلم أنّك في هذه الدنيا مخيًّرًا ومسيَّرًا في آنٍ واحد، فأنت حينما خرجت لهذه الحياة من بطن أمك كنت مسيَّرًا لا حيلة لك وكذلك عندما ستموت فأنت مسيَّر ما بيدك حيلة، ولكن ما بين محياك ومماتك أنت مخيَّرٌ فيما تفعل وأي الطرق تختار، فالله عزّ وجل أعطاك القدرة أن تبني وتهدم، أن تفكر وتبدع وسلّمك مقاليد الخير والشر؛ لذا اختر لنفسك طريقًا يجعل لحياتك وموتك معنى وقيمة.ختامًا، إنّه لمن الرائع أن نجد كاتبًا عربيًّا مُخْضرمًا يكتب الحقيقة وليس سواها، هذا الكتاب كان بمثابة شعاع نور وبصيص أملٍ لي لإنارة دربي، وكما قلت في المقدمة فإنني تناولت فقط اثني عشر مقالًا من أصل أربعين، وذلك تجنُّبًا للإطالة والتكرارات التي قد تحدث، الكتاب رائع ويحمل موضوعات شيّقة تستحق القراءة، ومن قرأه بالتأكيد سيعود لقراءته مرارًا وتكرارًا، لما يحمله من أهداف ورسائل سامية لنا كأفراد وكذلك لمجتمعاتنا العربية التي تحتاج صحوة ونهضة كبيرة.
إليك المزيد من المراجعات

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..