لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
دعونا نتخيل شخصين دخلا كلية الهندسة وتخصصا في الهندسة المعمارية، أوّلهم كان يتقن الرسم من صغره ولديه ذكاء خاص في التعرف على المساحات بالنظر وهوايته رسم الأبنية الشاهقة، والآخر دخل نفس الكلية من أجل التخرج والعيش بلقب مهندس،
هل ترون الفرق بينهما؟ طبعًا الفرق واضح وضوح الشمس؛ فالأول شخص مُدرك لشخصيته ويعلم يقينًا أن هذا هو المجال الذي يصبو إليه منذ الصغر، وليس صدفة أبدًا أن تدعم هوايته حياته العملية فيما بعد، أما الآخر فمع الأسف لا يدري من أين يبدأ بعد انتهاء جامعته؛ فالعمل كمهندس معماري لن يتناسب مع شخصيته الحقيقية، وهذا الشخص سنوجه إليه السطور القادمة كي يعرف معنا، من أين يبدأ.
1- اعرف نفسك
أول خطوة فعلتها بعد الجامعة هي البحث عن اختبارات الشخصية على الإنترنت واختبارات الذكاء؛ كان سبب ذلك هو رغبتي في معرفة هل سأمضي حياتي في مجال الصحافة أم أتجه لمجال الإعلانات بسبب هوايتي في نقد الحملات الإعلانية، ومن الاختبارات اكتشفت أن للذكاء أنواع، وكل نوع منهم يجب أن يتناسب مع وظائف بعينها واكتشفت أني حصلت علي نسب عالية جدًّا في نوعين من الذكاء دون غيرهم، وهما الذكاء اللغوي والذكاء الاجتماعي؛ ومنذ تلك اللحظة وأنا مقتنعة تمامًا أن اهتمامي بمجال الصحافة لم يكن من قبيل المصادفة، وفي ذلك الحين فهمت لماذا بدأت أستمع للغات المختلفة، ولماذا صنفني أصدقائي من ضمن الشخصيات الاجتماعية المرحة.
2- أسأل من حولك عن شخصيتك
أثناء دراستي لعلم النفس صادفت ما يعرف بالمنطقة العمياء (Blind Spot) في شباك جوهاري، وهي تلك الصفات التي يراها الآخرون في شخصيتك في حين تجهلها أنت عن نفسك؛ لذا قمت بعمل تلك التجربة وسألت كل من حولي -ممن أثق بهم- وقلت لهم أخبروني عن تلك الصفات؛ واقتنعت بعد إجاباتهم أنهم يرونني جيدًا ويعرفون عني أشياء كنت حقًّا لا أعرفها عن نفسي.
3- انتبه للروائح التي تحبها
رائحة الكتب الجديدة كانت ولا تزال من أكثر الروائح التي أعشق استنشاقها؛ لهذا كنت أنتظر -بفارغ الصبر- العام الدراسي الجديد من أجل الحصول علي كتبي الجديدة، كان شكل الكتب المدرسية الجديدة ورائحتها من أجمل الهبات التي حصلت عليها طيلة فترة تعليمي، وتلك هي أول علامة أكدت لي أن شخصيتي تعشق كل ما هو جديد سواء كان كتابًا أو معلومة أو حتى التجول حول العالم لمشاهدة شعوب مختلفة وحضارات جديدة.
4- أفعل أشياء لم تفعلها من قبل
هل تعلمون أن البشر لا يكتشفون الأشياء التي يحبونها بالفطرة، بالنسبة لي مقولة "الإنسان عدو ما يجهله" هي أكثر مقولة منطقية اخترعها البشر، أنا عن نفسي لم أشعر بأي انجذاب لأي موسيقى أو أوبرا منذ طفولتي؛ لكن فجأة أصبحت أهوى عزف البيانو وأي آلة وترية أخري، حتى الأوبرا الإيطالي أصبحت أتأثر بها وأبكي على أحداثها على الرغم من جهلي بلغتهم وماذا يقولون بأصواتهم الرنانة.
5- انظر لبداياتك
أخبرتكم من قبل أن أول شرارة بيني وبين الصحافة كانت بسبب جريدة الجمهورية وملحق دموع الندم، أتذكر أن اهتمامي بالجريدة ظهر عقب تعلمي للقراءة والكتابة مباشرة، ومنذ ذلك الحين وأنا أتابع أخبار الحوادث وكيف تجلت مشاعر الشرّ في نفوس البشر وسوّلت لهم أنفسهم ارتكاب الجرائم المختلفة، لذا أهم نصيحة لك عزيزي القارئ هي أن تتذكر هوايتك في فترة طفولتك، صدقني ستتعرف على نفسك من جديد بمجرد ما ترجع بالزمن للماضي وتتذكر كيف كنت ترسم وجوه الناس أو كيف كنت تبني القلاع والبيوت على شواطئ البحر.
في الختام
أود أن أخبركم بأهم نصيحة كي تتعرف على نفسك من جديد ألا وهي مراقبة مشاعرك، تخيل نفسك في موقف فابتسمت فجأة لمجرد سماعك لكلمة ما، أو أثناء سيرك في الطريق أصابتك مشاعر حزن حينما رأيت كلبًا يطارد قطة -هذا ما حدث معي منذ قليل- اسأل نفسك لماذا ابتسمت حينما سمعت تلك الكلمة، ولماذا حزنت على حال القطة بالرغم من معرفتك بالعداوة الأزلية بين الكلاب والقطط، واعلم أن أجابتك على تلك الأسئلة ستخبرك بحقيقة شخصيتك.أنا على سبيل المثال أشعر بالحزن كلما فسّر الآخرون أقوالي وأفعالي وفقًا لأهوائهم؛ لكن حينما واجهت نفسي فيما بعد وسألتها: لماذا تشعرين بالحزن، دعيهم لظنونهم ولا داعي للتفسير لهم أو تصحيح سوء الفهم؛ لكني أدركت أخيرًا أن حزني كان نابعًا من اكتراثي بعلاقتي بهم، وأن حزني كان بسبب خيبة أملي فيهم بعدما أساءوا فهمي؛ لهذا اعلموا يقينًا أن المشاعر هي أصدق طريقة لمعرفة ذاتكم الحقيقة.
إليك أيضًا:
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد