لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
أفاد
تقرير علمي جديد نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن جو كاميرون التي تبلغ من العمر (71) عامًا لديها نوع نادر من الطفرة الجينية والذي يمنعها من الشعور بالألم أو القلق. ويأمل الباحثون في أن يساعدهم هذا الاكتشاف على تطوير أدوية أكثر فعالية لمعالجة الألم.حُكى لها بأن الولادة ستكون مؤلمة، لكنها لم تشعر بأي انزعاج أثناء ساعات مخاضها، حتى مع عدم تلقيها لحقنة الإبيدورال التخديرية. تسترجع جو كاميرون التي تبلغ الآن (71) عامًا تلك الساعات بقولها: "شعرت بأن جسدي يتغير، لكنه لم يكن يؤلمني". وشبَّهت الأمر بأنه "دغدغة". ولاحقًا أخبرت أمهات المستقبل: "لا تقلقوا، الأمر ليس سيئًا كما يصوره الناس". ولأكثر من أربعة عقود بعد ذلك، أدركت مؤخرًا بأن صديقاتها لم يكنّ يبالغن. بل على عكس ذلك، كان هناك أمر مختلف حول الطريقة التي يختبر بها جسدها الألم، ففي معظم الأحيان لم يكن يشعر به.
العلماء يكشفون سرّ جو كاميرون!
يعتقد العلماء أنهم أصبحوا الآن يعرفون السبب. في
ورقة بحثية نُشرت يوم الخميس في المجلة البريطانية للتخدير، نسب الباحثون حياة السيدة كاميرون الخالية تقريبًا من الألم إلى طفرة في جين غير معروف بالنسبة لهم من قبل. ويأملون في أن هذا الاكتشاف يمكن أن يساهم لاحقًا في تطوير علاج مبتكر لتخفيف الألم. وهم يعتقدون أيضًا أن هذه الطفرة الجينية يمكن أن تكون متصلة بشعور السيدة كاميرون بالقليل من القلق أو الخوف خلال حياتها وكذلك سبب تعافي جسدها سريعًا. وقال رئيس مجموعة مستقبلات الألم الجزيئية بكلية لندن الجامعية، جون وود: "لم نواجه أبدًا حالة مثلها من قبل".يقوم العلماء بتوثيق دراسات حالة لأفراد اختبروا ألمًا خفيفًا أو معدومًا لما يقارب المئة عام، لكن الطفرة الجينية التي تبدو مسئولة عن حالة السيدة كاميرون الخالية تقريبًا من الألم لم يتم تحديد هويتها من قبل. ظهرت الدراسة تطورات كبيرة وسط نقاش مشحون عاطفيًا حول كيفية معالجة الألم بصورة مسؤولة. في يوم الخميس، رفعت ولاية نيويورك واحدة من أكثر القضايا القانونية الجارفة حتى الآن ضد عائلة ساكلر، والتي تمتلك شركة “بيردو فارما”، التي تصنع مسكنات الألم الأفيونية (OxyContin).وكان هذا مجرد تذكير آخر أننا بحاجة إلى بدائل أقلّ إدمانًا للألم المزمن، كما قال الدكتور ستيفن ج. واكسمان، طبيب الأمراض العصبية بجامعة ييل ومؤلف كتاب "مطاردة الرجال المحترقين: قصة البحث عن جين الألم". لم يشارك دكتور واكسمان في الورقة البحثية الأخيرة لكنه يدرس أيضًا حالات الأشخاص الذين لديهم طفرات جينية نادرة والتي تغير تجربتهم عن الألم. وأضاف: "كل هذه الطفرات النادرة تعلمنا شيئًا، وتشير إلى جين معين كهدف محتمل لأدوية جديدة بفعالية أكبر لمعالجة الألم".بدأ تسلسل الأحداث التي قادت العلماء للبحث في جينات السيدة كاميرون قبل حوالي خمس سنوات، حيث قالت: إنها كانت تعيش حياة سعيدة وطبيعية على ضفاف بحيرة «لوخ نيس» مع زوجها في أسكتلندا. وبعد إجراء عملية جراحية بيدها، بدا طبيبها حائرًا لأنها لم تشعر بأي ألم ولم تكن ترغب ببعض المسكنات. ولأنها لا تشعر بالألم، تُسبب السيدة كاميرون لنفسها حروقًا في كثير من الأحيان. غالبًا ما كانت الندبات تختفي سريعًا، وهو الشيء الآخر الذي يخطط العلماء لبحث أسبابه. ماري تيرنر – لصحيفة نيويورك تايمزتتذكر السيدة كاميرون قولها لدكتور ديفجيت سريفاستافا، استشاري التخدير وعلاج الألم في مستشفى الخدمات الصحية الوطنية في أسكتلندا الشمالية وهو كذلك أحد المؤلفين للورقة البحثية: "أؤكد لك أنني لست بحاجة إلى أي شيء".
للأمر جوانبه السلبية أيضًا!
بيّنت بعض أسئلة المتابعة الإضافية أن السيدة كاميرون كانت حالة استثنائية، حيث إنها بعمر الخامسة والستين كانت بحاجة إلى إجراء عملية لاستبدال مفصل وركها، ولأن ذلك لم يُشعِرها بالألم، لم تلاحظ وجود خلل في شيء ما حتى تدهورت حالتها بشكل بالغ. حتى إن بعض الجروح والحروق والشروخ لم تكن تؤلمها أيضًا. في الحقيقة، كثيرًا ما كانت تستنشق رائحة الجسد المحترق أو كان زوجها يحدد لها رائحة الدم لتلاحظ أن هناك شيئًا غريبًا يحدث. وذكرت أيضًا أن تناولها فلفل سكوتش بونيه الحار كان يترك فقط مذاق "توهُّج لطيف".أحالها دكتور سريفاستافا إلى مجموعة مستقبلات الألم الجزيئية (Molecular Nociception Group) التابع لكلية لندن الجامعية، وهو الفريق الذي يركز على النُهج الوراثية لفهم بيولوجيا الألم واللمس، ولديهم بعض القرائن لمعرفة حالتها. في العقود الأخيرة، حدد العلماء عشرات الأشخاص الآخرين الذين يعالجون الألم بطرق استثنائية. لكن عندما قام دكتور جيمس كوكس، أحد كبار المحاضرين مع هذا الفريق، وهو مؤلف آخر للورقة البحثية الحديثة، بفحص سماتها الوراثية، وجد أنها لم تكن شبيهة بالآخرين المعروفين بأنهم يعيشون دون الإحساس بالألم.ووجد لاحقًا ما كان يبحث عنه بخصوص أحد الجينات الذي يسميه العلماء «FAAH-OUT» ، ونحن جميعًا لدينا هذا الجين، لكن في حالة السيدة كاميرون فيقول: "لدى المريضة عملية حذف تمحو الجزء الأمامي من هذا الجين". وقد أكدت فحوصات الدم الإضافية لهذه الفرضية. قالت السيدة كاميرون: إنها تفاجأت بالاهتمام بحالتها، حتى إن الألم لم يكن شيئًا هامًا لتفكر به قبل محادثتها مع دكتور سريفاستافا. وربما قد ساعد ذلك على الرغم من أنها أحرقت وجرحت نفسها في كثير من الأحيان، لكن نادرًا ما كانت تترك إصاباتها ندوبًا، وهو شيء آخر يعتقد العلماء أنه مرتبط بالطفرة الجينية.كُتبت عدة مقالات عن آباء الأطفال الذين لديهم نفس الحالة المشابهة، حيث يعيش العديد منهم خائفين من أن أطفالهم لن يتعلموا كيف يمكنهم تجنب إيذاء أنفسهم دون الشعور بالألم. وقالت السيدة كاميرون بأن والديها لم يجعلوا من هذا الأمر مشكلة أبدًا، وتشك في أن ذلك ربما يكون بسبب أنها ورثت تلك الطفرة الجينية من والدها. وأضافت: "لا أتذكر أنه كان بحاجة إلى أي مسكنات للألم، وأعتقد أنني لهذا السبب لم أجد أي غرابة في هذا الأمر".
هل تشاركت جو كاميرون طفرتها مع أسرتها؟
ولسوء الحظ، لأنه توفي قبل هذا الاكتشاف، سيظل الأمر غير معروف ما إذا كان يحمل تلك الطفرة الجينية. كما أن والدتها لا تشاركها نفس الطفرة، ولا ابنتها أيضًا. لكن قال دكتور كوكس: "لدى ابنها نفس عملية الحذف الجزيئي في جينFAAH-OUT ، لكنه لا يحمل الطفرة الجينية الأخرى التي تمنح تقليل مهمة جين FAAH". بمعنى آخر، يشاركها ابنها في جزء من فقدان الإحساس بالألم، وليس كله.اندهش العلماء أيضًا بمستوى القلق المنخفض بشكل استثنائي لدى السيدة كاميرون، حيث سجلت صفرًا من أصل (21) نقطة في استبيان لقياس اضطراب القلق،. كما أنها لا تستطيع أبدًا تذكر إحساسها بالاكتئاب أو بالخوف. وقالت: "أنا سعيدة للغاية". أدركت السيدة كاميرون باسترجاعها للماضي كيف أن اختلالاتها الجينية ربما قد ساعدتها في عملها؛ فبعد عملها كمعلمة مرحلة ابتدائية لسنوات، أعادت التدريب لتتمكن من العمل مع أشخاص من ذوي الإعاقات العقلية الشديدة، وأضافت أن التصرفات العصبية والعنيفة لم تكن تغضبها أبدًا.لكن على الرغم من أن امتلاك تلك الطفرة الجينية ربما يبدو كالحلم، إلا أن هناك جوانب سلبية له. أحدها، أنها كثيرة النسيان؛ وأنها عُرضة لفقد مفاتيحها وتوقف حبل أفكارها في منتصف الجملة. والآخر أنها لم تشعر أبدًا من قبل بتسارع الأدرينالين الذي يتحدث عنه الآخرون، كما ذكرت.يقول الباحثون أنهم سيركزون الآن على محاولة التوصل لفهم أفضل لكيفية عمل جين FAAH-OUT حتى يتمكنوا من تصميم علاج جيني أو طريقة تدخل طبي آخر لمعالجة الألم. وفيما يتعلق باكتشاف من هذا النوع لمعالجة حقيقية للألم أو القلق، فيتطلب الأمر خطوات عديدة وسنوات طويلة وملايين كثيرة من الدولارات.ويعقّب دكتور واكسمان: "من النادر أن يظهر مثل هذا المنتج، لكنه ليس غير مسبوق". وأشار إلى عقاقير «الستاتين» كتذكير كيف أن الشخص الذي يحمل تركيب جيني غير معتاد يمكنه تغيير مستقبل الدواء. وقال إنه: "تم تطوير هذه العقاقير بقدر كبير على أسس واكتشاف بعض الأسر النادرة جدًا، حيث كان الجميع يواجهون أزمات قلبية في العشرينات من عمرهم". وسواء كانت طفرة السيدة كاميرون الجينية أم طفرة شخص آخر هي التي ستوجه مستقبل مسكنات الألم، فمن السابق للأوان أن نجزم بذلك. ويضيف: "لكنني على ثقة كبيرة بأن الدروس التي نتعلمها من الجينات المسؤولة عن الألم ستقودنا إلى تطوير فئة جديدة تمامًا من أدوية تخفيف الألم".
إليك أيضًا:
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد