لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
هل تعلمون لماذا النجاح والحياة معادلتان متضادتان؟ لأنهما يسيران في اتجاهات مختلفة تمامًا، فالأول يتحقق بالتخطيط والجهد والمثابرة، لكن الحياة هي العقبات التي تحدث لنا وتهدم كل مخططاتنا، وتفاجئنا بدروب جديدة بخطط جديدة وتحديات مختلفة.
الآن دعوني أوضح لكم لماذا تبنيت نظرية المعادلتين تلك، لكن عليكم أولًا أن تذهبوا معي لرحلة للماضي، وتحديدًا في عام 2010، حينذاك كنت أخطط لبدء مسيرتي المهنية في الصحافة، وبالفعل نُشر لي أول مانشيت صحفي في جريدة حديثة الإصدار، ما زلت أتذكر هذا التاريخ بكل ملابساته (13 يناير 2010) كان بمثابة نقطة انطلاقي في عالم الصحافة؛ لكن ثورة يناير حدثت في إجازة منتصف العام في عامي الرابع والأخير في الجامعة كنت وقتها مجنونة بمعني الكلمة -سأسرد لكم التفاصيل في مقالة لاحقة- وكان هذا الجنون نابعًا من رغبتي في تحدي الظروف وإنهاء مشروع تخرجي.
وبعد التخرج لم أجد فرصة حقيقية للعمل في أيّ جريدة حكومية أو خاصة؛ فبدأت أعمل في صحف حديثة الإصدار واتجهت لعالم التسويق للتكفل بمصروفات عملي الصحفي وانتقالاتي، ومرت السنوات ووصلت لعام 2016 -حدثتكم عن هذا العام بالتفصيل في مقالة كيف تبدأ حياتك من الصفر- وبعد التعافي من ندوب هذا العام بدأت هواية تجميع الاقتباسات باللغة الإنجليزية، وحينها قرأت تلك المقولة: I want to inspire people. I want someone to look at me & say“ Because of you I didn’t give up”.
ومنذ ذلك الحين وأنا شغوفة بإلهام الناس ومساعدتهم لدرجة إني ذهبت لكل مراكز التنمية البشرية للبحث عن وظيفة مُدرب؛ لكن وقفت الماديات عقبة في طريقي، وبعد فترة قصيرة تعرفت على موقع زد، وقتها صُدمت لأن الموقع لا يسمح بنشر المقالات السياسية، ولكن مع الوقت اكتشفت أن زد كان طوق النجاة الذي أرسله لي القدر لمساعدتي على تحقيق حلمي في إلهام الناس.
وللأسف لم انتبه لتلك الهبة إلا بعد مشاهدتي لرسالة زد منذ يومين حينما أرسل لي الموقع رسالة تهنئة أن مقالاتي قد ألهمت أكثر من 4000 قارئ، وقتها تأكدت أن النجاح والحياة يسيران في خطين متوازيين، ولكن المثابرون فقط هم وحدهم القادرون على ربط خط الحياة بخط نجاح آخر لتحقيق أهدافهم، بالمثل كما يغير مترو الأنفاق مساره، والآن لننتقل سريعًا للخمس خطوات التي ربطت خطوط حياتي بالنجاح.
1- أبدأ بالثلاثية
وهي ثلاثية النفس (أعرف، صدّق، ثق وآمن).
- أعرف نفسك: حدثتكم من قبل عن أهمية معرفة أنفسنا، ونقاط قوتنا وضعفنا وهوايتنا وشغفنا، ولكن اليوم دعوني أسألكم هل تستطيعون الفوز في الحرب بسلاح لا تعرفون ماهيته؟ بالطبع لا، وهكذا بالمثل هي حياتنا، فإذا لم نستطع التعرف على أنفسنا جيدًا (سلاحنا) وقتها لن يكون الفوز حليفنا؛ لأننا في الأساس لن نقوى أبدًا على الدخول في الحرب (الحياة).
- صدّق نفسك: بالنسبة لي تلك النقطة مرتبطة بالأحلام والأهداف؛ لآن البشر يحتاجون لتلك القناعة قبل وضع أهدافهم، وهي “أنا أستطيع”. وهنا يجب عليك أن تخبر نفسك أن الأهداف مهما كانت صعبة وطريقها طويل إلا أنها ليست مستحيلة؛ لذا لا تخشى شيئًا وأطلق العنان لأفكارك المجنونة، وتذكر أن كل عبقري هزّت اختراعاته وأفكاره العالم أجمع كان البشر ينظرون إليه -في بداياته- على أنه مختل عقليًّا.
- ثق في نفسك وآمن بقدراتك: وتلك هي الخطوة التالية، وهي أن تؤمن بمقدرتك على تطويع كل مهاراتك من أجل تنفيذ خططك على أرض الواقع، وأن تثق في اختياراتك وقراراتك حتى لو عارضك الجميع وشككوا في أساليبك غير المألوفة بالنسبة لهم.
2- لم يتأخر الوقت بعد
إذا أردت أن تربط حياتك بدروب النجاح عليك أن تقتنع تمامًا أن أحلامك لا ترتبط بوقت محدد؛ لأن بوسعك البدء من جديد في أيّ فترة من فترات حياتك، وعليك أن تعلم أن عدوك الوحيد في الحياة ليس الوقت ولا الفشل ولا حتى ظروف الحياة وعقباتها، ولكن عدوك الحقيقي هو أنت وأفكارك التي تخبرك دائمًا أنك تجاوزت مرحلة التخطيط للمستقبل وأن وقت مطاردة الأحلام قد مضى، وانتهت فترة صلاحيته بانتهاء فترة الشباب.
3- احترس من قراراتك
هل تصدق عزيزي القارئ أن قرارًا واحدًا خطأ قد يتسبب في إفساد حياتك بأكملها؟ لكن على الرغم من ذلك لا أنصحك بالعزوف عن اتخاذ القرارات؛ لأن قراراتك الخاطئة ستساعدك على النضوج وتفادي الأخطاء فيما بعد، وهنا سأنصحكم باتباع إستراتيجية الخطط البديلة قبل اتخاذ أيّ قرار يحمل نسبة كبيرة من المخاطرة، ولنفترض مثلاً أنكم مُخيرون بين وظيفتكم الثابتة وبين البدء في مشروعكم الخاص، ويجب أن تختاروا إما الوظيفة وإما المشروع، وقتها توقعوا أسوأ الاحتمالات المترتبة على اختياراتكم وابدءوا في وضع خطط بديلة للتعامل مع أيّ عقبات ستواجهكم في المستقبل.
بمعني أكثر وضوحًا عليكم أن تحموا أنفسكم من توابع قراراتكم، وتذكروا أن قراراتكم يجب أن تكون نابعة منكم لتعتادوا على تحمل المسئولية، وكي لا تلوموا الآخرين على أخطائكم فيما بعد؛ فلا تقعوا في الفخ الذي وقعت فيه منذ (5) سنوات، وقتها ارتكبت أكبر خطأ في حياتي وتركت الآخرين يؤثرون على قراري، وسمحت لهم بتوجيه قلبي لوجهة لم يقتنع بها أبدًا.
4- لا تقارن نفسك بالآخرين
أقصر طريق لأيّ فشل هو مقارنة حياتك ونجاحك ونفسك بالآخرين؛ لأن ببساطة البشر مختلفون في كل شيء، وليس من العدل أبدًا أن تقارن نفسك مع شخص مهاراته وظروفه وشخصيته مختلفة تمامًا عن مهاراتك وظروفك وشخصيتك، وهنا يجب أن تثق في نفسك أكثر ولا تتعجل نجاحك، ويجب أن تثق أن الله -عز وجل- لا يضيع أجر من أحسن عملًا، وأنك ستزرع ما حصدته عاجلًا أو آجلًا.
5- ادخل سباقا جديدا كل يوم
في النقطة السابقة أخبرتكم ألا تقارنوا أنفسكم بالآخرين؛ لأن المقارنة الحقيقية يجب أن تكون بين ما أنت عليه اليوم، وما ستكون عليه غدًا، ولهذا السبب يجب أن تتحدوا أنفسكم كل يوم لأن التحدي والتسابق مع الذات هو أفضل سبيل لتجديد النفس وتطوير شخصيتك للأفضل.
في الختام
إذا أردت أن تتكيف مع الحياة يجب أن تتعامل بمرونة وذكاء مع النجاح قبل الفشل؛ لأن الحفاظ على النجاح أصعب بكثير من البدء مرة أخرى بعد الفشل، ويجب أن تتقبل كل ما تجلبه لك الحياة، ولا تستاء حتى إذا أُفسدت كل خططك، وثق في الآية الكريمة: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وردد دائمًا هذا الدعاء: “اللهم ارزقنا حسن الظن بك و صـدق التوكل عليك”.