لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
“كن على سجيتك فحسب” تلك إحدى أشهر عبارات النصح التقليدية المبتذلة. هل تُعاني في حياتك الشخصية؟ أو ربما أنت محبط من حياتك المهنية؟ هل ترضى بأقل مما تستحق في علاقاتك؟ النصيحة الشائعة هنا: يجب أن “تبقى على طبيعتك، وبطريقة سحرية، ستُبلي بلاءً حسنًا. وذاك خطأ شنيع.
في الواقع، يحدّ “كونك على سجيتك” بشكل خطير من نتائجك ويعوق تطورك الشخصي ونموك. سأفسر لك لماذا تعيقك هذه النصيحة، وتحديد من يجب أن “تكون” بدلًا من ذلك، والخطوات البسيطة لتصبح ذلك الشخص حتى تتمكن من حصد المنافع كلها.
لماذا تُعيدك عبارة “أن تكون على سجيتك” للوراء
هناك الكثير من الكلمات المشفرة التي تعني نفس الشيء مثل “كن على طبيعتك فقط”:
- “كن صادقا مع نفسك”.
- “افعل ما يعبّر عنك”.
- “قدّم ما تشعر بأنه صحيح”.
ظاهريًّا، تبدو نصيحة جيدة أن تثق بنفسك ومواهبك، لكنها في الواقع تعزز جمود العقل، وتُبقيك ضمن وضعك الحالي، وتبرر طباعك ونتائجك في الحياة: “يعتقد الناس أن لديهم ذاتًا “أصيلة” –يدعوها بعضهم ذاتي الحقيقية– والتي يجب أن يكونوا صادقين تجاهها. يقود هذا الأسلوب في التفكير البعض لقول عبارات مثل: ” أودّ لو أكون صادقًا مع ذاتي. لا يجب أن أنكر مشاعري، ولا أن أكذب على نفسي، يجب أن أكون قادرًا على فعل ما أشعر أنه يُناسبني”.
على الرغم من حسن النية القابع خلف هذه العبارات إلا أن أسلوب التفكير هذا يعكس عقلية جامدة. أعرف العديد من الأشخاص الذين يختارون الآن، كبالغين، محدودية الحياة باسم “الصدق مع الذات”. – د. بنيامين هاردي (عالم نفس تنظيمي).
هذا يطرح السؤال التالي: ماذا لو تضمّنت “نفسك” صفات سيئة ومدمرة للذات؟ أو على مستوى أقل تطرفًا، ماذا لو كانت شخصيتك محرجة أو مملة أو غير طموحة؟ إذًا، ربما لا يجب أن تكون على طبيعتك لأنك إذا فعلت ما تفعله دائمًا، فستحصل على النتائج التي حصلت عليها دائمًا. على سبيل المثال، قبل 12 عامًا، كنت أصف نفسي بأنني انطوائي، ومعقّد اجتماعيًّا، وهزيل الجسد، وحانق على المجتمع، وسريع الغضب. (بالتأكيد، لدي صفات إيجابية أيضًا، لكن الصفات السلبية كانت الغالبة).
إذا حاولت فقط أن “أكون على طبيعتي”، فلن أبذل أي جهد لتطوير نفسي. وإنما كنت سأتمسك بحياتي -فأواصل تكرار نفس الأخطاء والأنماط- بدلًا من التخلي عنها من أجل حياة أفضل. لم أكن لأعمل أبدًا على تغيير شخصيتي وكنت سأمنع تقدمي ونموي: “إذا كانت الأصالة هي القيمة التي تقدرها كثيرًا في الحياة، فثمّة خطر يتمثل في إعاقة تطورك. عندما كنت في الكلية، طلبت مني زميلتي إلقاء محاضرة -كضيف- شرف في فصلها. كنت مرعوبًا من التحدث أمام الجمهور، لكنني لم أُرد أن أخذلها؛ لذا وافقت، وكانت النتيجة مريعة!
كتب أحد الطلاب أنني كنت متوترًا للغاية لدرجة أن توتري انتقل للحضور بأكمله (فدفعهم للاهتزاز في مقاعدهم).
العبرة هنا: لم تكن ذاتي الحقيقية من محبي التحدث أمام الجمهور. لكنني بدأت التطوع لإلقاء المزيد من المحاضرات، علمًا أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتحسن. لم أكن صادقًا مع نفسي، كنت صادقًا مع الذات التي أردت أن أكونها. – د. آدم جرانت (كاتب ومحاضر)
سيحرمك “كونك على طبيعتك” من فهم كيفية تحقيق ما تريد وتحفيزك على تجاوز منطقة راحتك وتجربة إستراتيجيات جديدة.
أخيرًا، تعتمد حقيقتك في الواقع على ظروفك: تعكس شخصيتك بيئتك ومعاييرها وقواعدها وتقاليدها وتوقعاتها وغيرها. وبالتالي، فلا معنى لعبارة “كونك على طبيعتك” لأن “طبيعتك” في حد ذاتها ليست ثابتة؛ فهي تتطور دائمًا حتى لو لم تشعر بهذا التغيير.
ليس المطلوب أن تكون شخصًا آخر، بل..
في هذه المرحلة، قد يتوارد إلى أذهان البعض: “حسنًا، إذا كنت لا تريدني أن أكون على طبيعتي، فهل تودّ مني أن أكون شخصًا آخر؟” ليس تمامًا! وإنما كن الشخص الذي تريده.
من ذاتك المثالية؟ كيف تتصور حياتها؟ من الأفضل أن تكون هذا الشخص من خلال سلوكياتك وأفعالك بدلًا من أن “تكون على طبيعتك” وترسّخ أسلوب حياتك الحالي. والأفضل من ذلك كله، بمجرد أن تصبح الشخص الذي تريده، ستحصل على كل الأشياء التي تريدها.