لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
في ديسمبر الماضي غادرنا المبدع الكبير "حاتم علي"، لم يكن حاتم مخرجًا فقط، بل كانَ كاتبا قصصيًّا، وله مجموعتان قصصيتان (ما حدث وما لم يحدث/ موت مدرس التاريخ العجوز) أيضًا، بدأ كممثل مع المخرج هيثم حقي في دائرة النار عام 1988، ثم توالت مشاركاته العديدة والمختلفة في (مرايا، عصي الدمع، التغريبة الفلسطينية) كما ألفَ أفلامًا نذكر منها فيلم (زائر الليل) لمخرجه محمد بدر الخان.أخرج سينمائيًّا العديد من الأفلام: (العشاق 2005، شغف 2005، سيلينا 2008، الليل الطويل 2006). كما أخرج العديد من الأعمال التاريخية أهمها (الزير سالم، عمر، صلاح الدين، ثلاثية الأندلس (صقر قريش، ربيع قرطبة، ملوك الطوائف)، والتغريبة الفلسطينية). كما شارك في آخر سنواته في إخراج أعمالٍ درامية مصرية: (حجر جهنم 2017، كإنه امبارح 2018، أهو ده اللي صار 2019). كانت له تجارب إنتاجية أيضًا حيث قام بإنتاج مسلسل طوق الياسمين السوري.لقد لمع نجم حاتم علي كمخرج في الأعمال التاريخية، وكان عمل الزير سالم الناطق بالفصحى نقطة تحولٍ في مشوارهِ الإخراجي، ليتولى إخراج عديد من الأعمال التاريخية بكلّ براعة. وقدم دراما تلفزيونية مهمة جدًّا، في المحلة التي نشرت الدراما السورية في التلفزيونات العربية واكتسحت المشاهدات. في هذا المقال نعرض لك خمسة أعمالٍ درامية من أحسن ما أخرج الراحل حاتم علي.
1. مسلسل مرايا (1998 / 1999)
لقد كانت مشاركة حاتم علي في إخراج هذه السلسلة الممتدة من 1982 إلى 2013 بارزةً في مسيرته الفنية، حيث العمل إلى جانب الفنان الكبير ياسر العظمة الذي يقوم ببطولات الحلقات المتنوعة، بالإضافة للتأليف ويقوم باختيار مخرجين مختلفين في إخراج الحلقات، حيث شارك حاتم في الجزئين اللذين تم عرضهما في 1998 و 1999. وتتناول السلسلة مجموعةً من المشاكل الاجتماعية العائلية، والسياسية في قالب كوميدي ساخر، يحاول من خلالها المؤلف تناول الممنوع والمسكوت عنه، حيث شارك إلى جانب حاتم في الإخراج، سيف سبيعي ومأمون النبي.
2. الفصول الأربعة (1999 / 2002)
يعد هذا العمل الدرامي واحدًا من الأعمال المشهورة جدًّا في الوطن العربي، حيث عرض على جزئين، وبحلقاتٍ منفصلة لعائلة كريم ونبيلة اللذين أدى دورهما كل من خالد تاجا ونبيلة النابلسي. حيث تأخذنا فيه المؤلفة دلع الرحبي إلى جوّ عائلي دافئ وحميمي لتعرض معنا يوميات هذه العائلة الدمشقية التي تشبه في كراكتيرها الكثير من العوائل العربية، تدور أحداث المسلسل في المجمل في بيتِ كريم ونبيلة، مع بناتهم فاتن، ماجدة، شادية، وأزواجهن وأولادهن ونادية، والعمة جميلة.حيث تناقش مواضيع كثيرة، المال والطبقية من خلال الابنة فاتن وزوجها مالك الجوربار وابنيهما مايا ومازن، والصعوبات الاقتصادية وكذلك الثقافة مع الابنة ماجدة وزوجها نجيب وابنيهما رامي وسوسو، كما يشكل الزوجان شادية وبرهوم الزواج الشاعري والزوج المحب لكلّ ما هو وجداني، أما نادية فعادة ما تناقش مواضيع الاجتماعية وقضايا المرأة ورفضها الدائم للزواج كعمتها جميلة. بالإضافة إلى صهرهم عادل الذي فقد زوجته ليلى، حيث تظهر يومياته مع ابنته نارا في تقاطعاتٍ مع العائلة الكبيرة.
3. أحلام كبيرة 2004
في هذا العمل يدخل حاتم علي، البيت الدمشقي الكبير الذي تعيش فيه عائلة الحلبي المكونة من أم عمر وأبو عمر وأطفالهم (عمر، رشيد، سامي وحسن). ويصور لنا المصائر المختلفة لكلِ الأبطال، التغيرات والظروف التي تطرأ على حياتهم فتجعلهم يختارون طريقًا دون الطريق التي يريدون. وكيف يضطر الابن البكر عمر الذي كان يحلم بالسفر إلى الخارج لاستكمالِ دراسته في الفيزياء وهو المتفوق إلى البحث عن العمل بعد الوعكة التي تعرض لها والده، ليضطر من متابعة دراسته في المحاماة بدمشق بينما يتخذ حسن الطريق الأقصر والأسهل، المليء بالقفز على القانون ليصير غنيًّا في وقتٍ قصيرة.إن هذا العمل أحد الأعمال الدرامية السورية الخالدة في بدايات الألفية الأولى. حيث استطاعت مؤلفته أمل حنا كتابة حوارٍ غاية في السلاسة والبساطة، وتم تصويره بين الشارع والبيت السوري، ليكون لوحةً متكاملة لحياة الشباب الأربعة ومصائرهم المختلفة، وما آلت إليه عائلة الحلبي بعد الحدث الذي غير حياتهم.
4. عصي الدمع 2005
يعد هذا المسلسل عملًا فنيًّا فارقًا في مشوار الدراما العربية عمومًا، العمل الذي كتبته زوجة حاتم، دلع الرحبي وأخرجه هو. والذي يسرد حياة الشابة رياض العمري المحامية ومواجهتها للمجتمع منذ أولى المشاهد التي تتعرض فيها للتحرش في الشارع وترفض الصمت، بل تتوجه إلى الأمن وترفع القضية إلى القضاء. تشبه حياة رياض العمري حياةَ كثيرِ من النساء المتعلمات والمثقفات اللواتي يصطدمن مع التفكير الجمعي للمحيط، والأعراف المجتمعية التي تحد من حرياتها الشخصية واختياراتها.يسلط العمل الضوء على قضايا المرأة بشكلٍ كبير وعلى رؤية الرجل في المجتمعات العربية للمرأة من خلال نماذجٍ رجالية ونسائية كثيرة طرحها المجتمع. مرةً في فرضِ فكرة الزواجِ على النساء، التخلي عن عملهن بضغطٍ من الزوج والمساومة على استمرارية العلاقة مقابل التنازل على الحقوق. كما ركز على العلاقة التي ربطت رياض العمري بزوجها مهندس الديكور المتفتح والغني، التي لم تستمر طويلًا حيث سقطت العلاقة في فخّ التحكم والتستر على بعضِ الأمور المصيرية.لقد نجح الثنائي دلع وحاتم في وضع المشاهد العربي في الوضع التي تعيش فيه العلاقات رجل/امرأة في المجتمعات العربية، وإبراز نماذج كثيرة ومعضلاتٍ كثيرة. حيث ظهر حاتم في دور المحامي الذي يستقيل من عمله إيمانًا منه أنه ليس المكان المناسب له بسبب قوانين جائرة على المرأة وتظلمها في حالة الطلاق، وهذا يتعارض مع الدين أولا ومع حقوق المرأة.
5. الغفران 2011
يشكل هذا العمل عودةً للدراما الرومانسية السورية، عمل هادئ، بجرعةٍ مكثفة من المشاعر، مشاعر الحب والفراق، التخلي والحنين. قصة للشاب أمجد الذي يحب صبية منذ الصغر فتنتقل عائلتها من الحي، ويلتقيانِ بعد أعوامٍ طويلة ليتجدد الحب والمشاعر، لا شيء يقف أمام أمجد للزواج من عزة، حيث يحدث الأمر في غاية الهدوء والسلاسة إلى أن تعرف عزة أن أمجد لا ينجب. سلسلة من الأحداث والمشاعر يعيشها البطلان، لتقلب حياتهما ليختارا طرقين مختلفين. يصور العمل حياةَ زوجين قبل وبعد الزواج، وكذا قبل وبعد الفراق، ليظل الغفران حلقة مفقودة بينهما.لقد قدم حاتم علي الكثير من الأعمال الدرامية التي تركت أثرًا واضحًا بل بالغًا في الدراما العربية، السورية والمصرية وحتى البدوية، خاصة منها الأعمال التاريخية التي تناولت شخصيات هامة في العالم العربي والإسلامي، وكان فقده المفاجئ، محزنًا ومفزعًا لمحبيه من المشاهدين ومن الوسط الفني المقرب له، فنعاه الجميع بكلماتٍ حزينة وطيبة، وإن فقده ليترك فراغًا واسعًا كإنسانٍ أولا ثم كمخرجٍ استطاع أن يصل قلوب الجميع رغم الفوارق الأيديولوجية والسياسية التي يعيشها شعبه.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد