لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
لا أتذكر هل أخبرتكم عن علاقتي بالأطفال أم لا؛ لذا سأخبركم مجددًا أني من عشاق مجالس الأطفال، وإذا خُيرت بين الجلوس مع أقاربي وبين أطفالهم فسأختار اللعب مع الأطفال، أتذكر أغلب زياراتي لأقاربي كنت فيها جالسة على الأرض في وسط الصالون مع الأطفال نلعب كل أنواع الألعاب التي أخفوها حتى عن إخوتهم الصغار، ولذلك أصبحت على دراية بسيكولوجية الأطفال وبطريقة تفكيرهم، وسبب حديثي معكم اليوم هو ما لاحظته من تغيرات على أسيل وأشرقت –بنات أختي– خاصة بعد دخولهم المدرسة ومتابعتهم لوسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوبر، وعلى الرغم من إيجابيات العصر الرقمي إلا أن تعرض الأطفال له –بدون مراقبة مستمرة– قد يأتي بنتائج سلبية وسيؤثر كثيرًا على ذكائهم وعلى طفولتهم.
هل تعلمون أني لم أحظَ بهاتف محمول إلا بعد دخولي الجامعة؟ ولم تكن لي أيّ علاقة بالإنترنت في المنزل حتى عامي الثاني بالجامعة؟ لا تتعجبون لأني سعيدة بذلك جدًّا؛ لأني ببساطة هويت القراءة قبل دخول الجامعة، وتعلمت التواصل وجهًا لوجه وليس من خلال الدردشة، وأهم من كل ذلك تعودت على قراءة الجريدة كل يوم بدلًا من مشاهدة التلفاز، ولكن الآن لو أخبرتكم أن بنت أختي تحب القصص المصورة فقط وهوايتها الوحيدة هي متابعة يوميات اليوتيوبر ستشعرون بالفجوة الكبيرة بين طريقة تربيتي وطريقة تربيتهم، لا أقصد أن أسيء لطريقة تربيتهم وإلا أختي وأمي سيقتلونني لو قرءوا كلامي هذا، ولكني من المدرسة الكلاسيكية أحب أن ينشأ الأطفال على مهارات البحث عن المعلومة بأنفسهم، وأن يختاروا هواية مفيدة.
5 إستراتيجيات لحماية أطفالنا من سلبيات البيئة الخارجية
1- حصّني مناعته الأخلاقية والنفسية
حاولي بقدر المستطاع أن تضعي لطفلك معايير محددة من خلالها يستطيعون التفرقة بين الصواب والخطأ؛ فمثلًا أخبريهم أن التدخل في حديث الكبار ممنوع تمامًا سواء كنا في المنزل أو في أيّ مكان آخر، وإذا تحدثوا معك استمع لكلامهم لنهايته ولا تقاطعهم… إلخ، ويجب أن تجمعك به علاقة صداقة قوية لكي يخبرك بكل شيء يحدث معه بلا خوف، وأهم من كل هذا يجب أن تحذري من جرح مشاعره أمام الآخرين، خاصة أمام أقرانه وإلا سيشعر وكأنه مضطهد وستقل ثقته بذاته.
2- كوني مثلًا أعلى له
أكبر خطأ تقع فيه الأمهات أن يأمروا أطفالهم بشيء ويفعلون عكسه أمام أطفالهم؛ لأن عقله يخبره أن الخطأ ساري المفعول على الكبير والصغير، وإذا رأى والدته تكذب أمامه وهي تخبره أن الكذب حرام فلن يصدق كلامها وسيصدق أفعالها لأن الأفعال بالنسبة للأطفال بمثابة دستور لهم؛ لذا احذري من أن تخبريه بشيء وتفعلي عكسه وإذا حدث ذلك يجب أن تُصلحي الموقف بأيّ طريقة لكيلا يفقد الثقة في كلامك ويشكك في نصائحك له.
3- لا تعامليه وكأنه طفل
الأطفال بصفة عامة ينظرون للكبار وكأنهم أشخاص جاءوا من عالم آخر؛ لذا يبدؤون في تقليدهم ويتمنون لو أن الآخرين يتعاملون معهم باحترام ويثقون فيهم، وأكبر كارثة تفعلها الأمهات هو التعامل مع الأطفال وكأنهم لا يدركون شيئًا ولا يفقهون شيئًا، وللأسف قد تتجاهل بعض الأمهات مشاعر أطفالهم ويظنون أن الأطفال كثيرو النسيان في حين أن ما يحدث في طفولتهم يُحفر في عقولهم مدى الحياة؛ لذا تعاملي مع طفلك وفقًا لطريقة تفكيره، ولا تستهيني أبدًا بقدراته العقلية وبذكائه العاطفي لأن الأطفال لديهم ذكاء عاطفي يفوق ذكاءنا العاطفي بمراحل.
4- احذري من أساليب الثواب والعقاب
بعض أساليب الثواب والعقاب قد تأتي بنتائج عكسية؛ فمثلًا بعض الأمهات والآباء يخبرون أولادهم ما يلي: “انجح وسأعطيك هدية كبيرة”، وفي النهاية يفاجأ الطفل أن الهدية عبارة عن لعبة شطرنج أو أيّ لعبة ذكاء أخرى، هذا على سبيل المثال لأن الهدية قد تكون لعبة مسلية ولكنها لا ترقى لتوقعاتهم، وهذا مع الأسف يصيب الأطفال بإحباط شديد وقد يفقدون الدافع والحافز لإنجاز أيّ نجاح آخر، كذلك أساليب العقاب لا يجب أن تكون واحدة مع كل أخطاء الطفل ولا يجب أن تتبعي أسلوب الضرب لأن الأطفال ستعاندك ولن تستمع لكلامك، وربما ستزيد أخطاؤهم لأنهم أدركوا بالفعل نوعية العقاب، وبخلاف كل هذا يجب أن تعلمي أن الضرب يؤثر على نفسيتهم وبسببه قد تصبح شخصيتهم ضعيفة.
5- استخدمي طريقة المحاكاة معه
حاولي أن تراقبي البيئة الخارجية حينما تكونين مع طفلك خارج المنزل، وبعد عودتكم أعيدوا المواقف السلبية التي مررتم بها وأخبريه كيف يتعامل بطريقة صحيحة في تلك المواقف، كذلك حين مشاهدة أيّ محتوى تلفزيوني أو على الإنترنت لا تتركيه يشاهده بمفرده، واجلسي بجواره وعلّقي على الأحداث وفسري له الأحداث واسأليه هل هذا السلوك يستحق الثواب أم العقاب.
الآن سأحدثكم عن طريقة لتوطدوا علاقة الصداقة بينكم وبين أطفالكم، وهي أن تتحدثوا معهم بلغة التقارير، عن نفسي جربت تلك الطريقة مع بنات أختي وكنت أخبرهم عما حدث معي خارج المنزل ومع الوقت أصبحن يخبرنني بروتينهم في المدرسة وعن المواقف الكوميدية التي تحدث لهم خارج البيت، طبعًا يجب أن تحذر الأم وتجعل الطفل يدرك أنه يجب أن يخبرها كل شيء خاص به هو فقط، ولا يتدخل فيما لا يعنيه أو أيّ موقف آخر لا علاقة له به، وتذكري أن تكوني قدوة له لأن الطفل إذا أحب شخصًا فسيصبح تدريجيًّا نسخة مصغرة منه.