لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
جُبلت النفس البشرية على رفض الأذية، والمساس بالذات، وحب الحياة، والمحرك الأساسي لكل ذلك هو غريزة البقاء، لكن أحيانًا هذه الغريزة تتفاعل مع الأحداث العنيفة بشكل عكسي، فتحول الإنسان من موقف المدافع عن نفسه إلى موقف التابع للشخص المؤذي.فحينما تتنازل الضحية عن حقها في الردّ، بل وقد تعتنق مبادئ المُعتدى عليها كرد فعل لا إرادي، يسمى ذلك في علم النفس “بمتلازمة ستوكهولم”، فما هذه المتلازمة؟متلازمة ستوكهولم:
تُعرّف على إنها تعاطف الضحية مع المجرم، ولا تجد أي مانع للدفاع عنه، وإيجاد مسوغات لفعله الإجرامي، وهو عكس الوضع الطبيعي الذي من المفترض فيه أن يخاف الضحية من المجرم.أول ظهور لمتلازمة ستوكهولم
في عام ١٩٧٤ قامت مجموعة مسلحة بالسطو على أحد بنوك ستوكهولم بالعاصمة السويدية بقيادة “جان إيريك أولسون”، ولاحظت الشرطة تعاطفًا كبيرًا من قِبل المختطفين تجاه أفراد العصابة، تلك الحادثة لفتت انتباه علماء النفس الذين حاولوا تفسير سلوك الضحايا، فبرغم تعرضهم للتهديدات، والتعذيب أبدوا تعاطفًا كبيرًا مع أفراد العصابة. وأطلق الطبيب النفسي المتخصص في علم الجريمة “نيلز بيجيروت” اسم “متلازمة ستوكهولم” على هذه الحالة الغريبة.ومن خلال دراسة سلوك الضحايا تم ملاحظة ثلاثة تصرفات مشتركة بين المصابين بهذه المتلازمة وهي:1. تُظهر الضحية تأييدًا لأفعال المجرم، وقد تعتنق أفكاره وتدافع عنها.2. رفض الضحية التعاون مع الشرطة أو أي شخص يحاول الابتعاد به عن مكان الخطر، مع إظهار مشاعر سلبية تجاه الشرطة.3. ترى الضحية أن المجرم يمتلك مبدأ وهو في قمة الإنسانية، وتظن أنها تملك المبدأ والقيم ذاتها.التفسير العلمي لمتلازمة ستوكهولم
فسّر العلماء هذه الظاهرة، وأوضحوا السبب في أن شعور المختطف بالخوف الشديد، وأنه على وشك أن يفقد حياته، فيعتمد على الخاطف في بقائه حي، وفي حال أظهر الخاطف بعض التودد وحسن المعاملة للضحية، هو بذلك يدفعها لتوليد المشاعر الإيجابية تجاهه، وأنه هو السبب في بقائها على قيد الحياة، وبذلك تعتبر غريزة البقاء هي الجوهر والسبب الرئيسي في ظهور متلازمة ستوكهولم.وهذه المتلازمة ليست محصورة في قضايا الاختطاف والعنف الخارجي فقط، فقد تحدث في العلاقات الأسرية، والعاطفية التي لا تخلو من أذى جسدي وعاطفي، أيضًا تحدث مع أسرى الحرب.قصص جسدت متلازمة ستوكهولم
-
اختطاف “ماري ماكلوري”
-
اختطاف “بيتي هارست”
خُطفت وهي في التاسعة عشر من شقتها في ولاية كاليفورنيا من قبل مجموعة تُدعى باسم “جيش التحرير”، تم ضربها حتى فقدت الوعي، وتقييدها وربطها من يديها في خزانة لمدة أسبوع. خلال هذا الأسبوع كانت تستمع “بيتي” لنقاشاتهم دون أي مشاركة منها، ثم بدأت تتفاعل معهم وهي مغمضة العينين، واستمرت على هذا الحال إلى أن عرضوا عليها الانضمام إليهم بعد أن تأكدوا من غسل دماغها وتغير أفكارها.قبلت “بيتي” الانضمام وأطلقوا عليها اسم ثانيا، انخرطت معهم في مجموعة من الجرائم أبرزها السطو على مجموعة من البنوك، وتصنيع القنابل اليدوية، وبعد القبض عليها واعترافها، تم الحكم عليها ٣٥ عامًا، وبعد أن أثبت محامي الدفاع عنها أن بيتي تعاني من متلازمة ستوكهولم، تم تخفيف الحكم إلى سبع سنوات، إلى أن تدخل الرئيس السابق “بيل كلينتون”، ومنحها عفوًا رئاسيًّا.