لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
اللعب والتعلم كلماتان تبدوان متضادتين ولا يجتمعان سويًّا. في الطفولة تعلمنا تعلم وذاكر ثم العب كيفما تشاء، واستمرت الفكرة سنوات طويلة إلى أن تطورت نظريات التعلم وتوصلت للتعلم باللعب ومؤخرًا انتشرت إعلانات لدورات تدريبية لتطوير مهارات الطفل باللعب، وكذلك تعليمه سلوكيات جديدة وقد أعجبت بهذا التطور كثيرًا.
ولكن لم أتخيل أن سيأتي يوم وتتاح لي الفرصة بتجربة التعلم باللعب بطريقة متناسبة للكبار، وقد حدث بالفعل وكانت تجربة مميزة لتعلم مهارات حياتية، واليوم سوف أشارككم تجربتي لنرى سويًّا أن التعلم باللعب وسيلة فعالة وممتعة في التعلم قادرة على تغير فكرة أي أحد عن التعلم المعقد ولكن بشرط أن تختار مدربًا متمكنًا، وقد وفقني الله لتجربة التعلم باللعب مع zak community.
التعلم باللعب بقوانين الكوتشنج
التعلم وسيلة أساسية للنمو التطور الشخصي والكوتشنج أصبح دوره تسهيل التعلم بطرق مختلفة، والكوتشنج (couching) هو التدريب الذي يهدف لتطوير المهارات المبني على أسس علمية وعملية تسهل التوجيه والتغير. ودمج التعلم باللعب يعني أن تكون اللعبة تهدف لتعلم مهارات وقيم توجه سلوك الفرد للأفضل، وتجعله يرى الدروس التي تستهدفها اللعبة بشكل تطبيقي، وهذا ما حدث لي في تجربتي في التعلم باللعب مع الكوتش أحمد حسين مؤسس zak community الذي أتدرب معه لتطوير وعيي ومهاراتي.
بمجرد الإعلان عن تدريب اليوم الخارجي الذي يهدف للتعلم باللعب، لم أستطع أن أتخيل كيف سوف تكون الألعاب، خاصة بعد أن عرفت أنه يسمح بالمشاركة لمن فوق 18 وصولًا لأي عمر قادر على التفاعل والتعلم.
تساءلت كيف يمكن للُعب محددة أن تتناسب مع كل الفئات العمرية تلك، وتصل بهم لنفس الهدف وتحمست بشكل كبير لليوم وتوقعت أنه سوف يكون يوماً مميزًا مليئًا بالمتعة والتعلم، فالمدرب أحمد حسين تعلمت معه عن بُعد لأكثر من عام ونص. وكل يوم ألمس التقدم في مستوى وعيي، فبنيت توقعاتي على أساس أن لديه قدرة كبيرة على الوصول للمتدربين عن بُعد بفائدة كبيرة، ومؤكد سوف يصل بفائدة مضاعفة للتعلم المباشر وجه لوجه، وبالفعل كان ظني في محله.
أجواء التجربة
الاستعداد النفسي والذهني للتدريب
بدأت الفريق المنظم القائم على الحدث بجمع كل المشاركين في تطبيق التيليجرام (بالأنجليزية:Application Telegram) للاستعداد عن بُعد، وللتحضير النفسي والذهني ليوم الحَدث، وبالفعل بدأوا بطرح الأسئلة وتقسيم المشتركين لمجموعات. لتقوية روح العمل الجماعي، والتعرف على مزايا وعيوب كل شخص ليتكون فريق قوي يكمل بعضه، واستمر التفاعل بشكل منسق لأيام، وقبل التدريب بيوم واحد قدموا لي وللجميع أسئلة تكشف مدى الوعي بأنفسنا.
اليوم التدريبي
ذهبت لأرض مكان الحدث، واتضح أنه ملعب كرة قدم، وقابلت رفيقاتي المشاركات في التدريب وكان الجميع يظهر عليه الحماس، اكتمل العدد ونحن لا نعرف شكل الألعاب، ولبداية اللعبة الأولى: طلب المدرب أن نتعاون مع كل المنظمين سويًّا لتقسيم جزء كبير من الملعب لمربعات كبيرة، وفي أجواء حماسية تجمع كل فريق وبعد الانتهاء من المربعات، أصبح أمامنا مربع كبير مُقسم 25 مربع.
استعددنا للعب وحتى تلك اللحظة لا توجد قوانين واضحه، والمفاجأة كانت أن المطلوب أن نتحرك داخل المربعات بخطوات صحيحة وفق الخريطة التي رسمها الكوتش ولا يعلمها أحد، بدا الأمر مضحكًا، كان كل ما علينا هو محاولة اكتشاف تلك الخريطة الأمر كان يبدو غير مفهوم إلى أن مر الوقت بالتجربة من الفريقين، فبدأنا فهم أُسُس اللعبة وهي التجربة والخطأ ومراقبة خطأ غيرنا وعدم تكراره وبالطبع حاولنا حفظ موقع كل الخطوات السليمة.
كان ما يثير السخرية هو ثقة البعض في الفريقين بمحاولة إرشاد من يدخل في المربع الكبير وهم لا يعرفون الصواب، وبعد أن اتضحت الخطوات الصحيحة، كان يجب على كل فريق أن يمر كل أفراده سويًّا دون الخطأ وإلا سوف تُعاد من البداية، وبالفعل تحركت الفرق في روح من التعاون وكنت ضمن الفريق الفائز، كانت لعبة تحتاج للتركيز وتعلمت منها الكثير كما وضح الكوتش الدروس المستفادة بعد الانتهاء من اللعب.
واللعبة الثانية كانت أن يرفع كل أعضاء الفريقين يد واحدة أمامهم ومربوط بها بالونة يقوم الكوتش بالمرور علينا لفرقعتها ليشتتنا ويقوم أي أحد بإنزال يده، وكان التحدي هو أن نستمر في رفع أيدينا أمامنا أطول مُدة، ومن تضعف يده وينزلها يخسر فريقه كله ولحسن الحظ لم يستسلم أحد، والعجيب أنه على الرغم من مرور 6 دقائق لم ينزل أحد يده.
ففاز الفريقان وفرحنا جميعًا أخبرنا الكوتش أحمد حسين أنه إذا حاول أحدنا تحدي نفسه وحده لن يستطيع أن يستمر كل هذا الوقت، والسر هو الشعور بروح الفريق والمسؤولية عن نجاح من حولنا وكانت الحكمة من اللعبة رائعة تابع القراءة وستعرف.
الدروس المستفادة
- اللعبة الأولى كانت تشبه الحياة التي بها قوانين النجاح، تلك القوانين لا نعرفها سوى بالتجربة والخطأ منذُ بداية الخلق تكررت التجارب إلى أن أصبح هناك قواعد عامة للنجاح، وفي طريقي في الحياة وفي أي مجال جديد يجب علي معرفة كل ما توصل له من قبلي والأخطاء التي وقعوا بها لأتجنبها. ولكن يجب أن أضع باعتباري أنه سوف يحدث كما حدث في اللعبة، فعلى الرغم من معرفتي الخطوات السليمة وكنت أرشد زملائي فإنني عندما جاء دوري لأكون مكانهم في اللعبة لم أرَ بوضوح من الداخل.
- كما كنت أرى من بعيد فأيقنت أن الرؤية من بعيد يسهل فيها التوجيه والنصيحة، ولكن عندما أكون في نفس التجربة رؤيتي تختلف، كما أن مشاعري المختلطة يمكن لها أن تشوش رؤيتي وتجعلني أخطأ وأنسى أخطاء السابقين وأكررها. وفي نفس الوقت تعلمت أن بين المعرفة والتطبيق مسافة من الجهد والتركيز والمحاولات المتكررة إلى أن أعتاد التطبيق فالأمر ليس سهلًا كما يبدو.
- تعلمت أن في طريقي في الحياة سوف أجد من يوجهني بكل ثقة ويأمرني بتوجه معين، هو لا يعلم إذا كان صحيحًا أم لا كما حدث في اللعبة؟ فقد كان هناك بعض من أعضاء الفريق يوجه للتحرك لمربع معين على الرغم من أن الخريطة الصحيحة لا يعلمها أحد سوى الكوتش. وفي المناقشة مع الكوتش بعد اللعبة قال إن من الحكمة أن أسأل عن التجارب السابقة، ولكن أضع في اعتباري أنها تجربة شخصية ومن ينصحني يعطيني خط سير محدد وإذا أردت اختيارات مختلفة أستعين بخبير في المجال الذي أريد التقدم فيه.
- تعلمت إذا اختلطت علي الأمر في حياتي، عليَّ أن أتوقف وأستشير وهذا ما حدث في اللعبة، فعندما تحركت ضمن الفريق وبدأنا نمر جميعًا سويًّا لنخرج من المربعات نسيت الخطوات فوقفت وسألت القائد عن الخطوات الصحيحة، وإذا قررت ألا أسمع لأحد ربما أخطأت ويخسر كل فريقي، وكان هذا درسًا مميزًا.
- كما تعلمت أن في رحلة الحياة لن أمتلك خارطة الطريق من البداية، ولكن مع الوقت والتقدم والتجربة والاكتشاف سوف تتضح الصورة أكثر فأكثر، وإذا توقفت أشكو لن أصل لأي شئ، كما أنه مهما اتضحت الصورة فهي مختلفة من داخل التجربة، كما حدث في اللعبة كنت أوجهه التائهين داخل المربعات الكبيرة. ولكن حينما جاء دوري لم أر تلك الصورة المتكاملة واحتجت للتوجيه كيلا أخطئ، ومن ذلك أيقنت أن تقديم النصيحة صعب ومهما حاولت أن أضع نفسي في موقف الذي أنصحه لن أشعر بتخبط المشاعر الذي يشعر به ويؤخر خطواته، وأن الرؤية من الداخل مختلفة تمامًا عن الخارج.
- ومن اللعبة الثانية: تعلمت أن الدعم يُسهل الصعب ويعطي لنا مزيدًا من الصبر، وعليَّ أن أختار دائرة الدعم الخاصة بي بعناية.
وفي النهاية.. الحياة ما هي إلا رحلة نتعلم فيها الدروس، والسؤال يطرح نفسه هل سوف تتعلم الدرس من المرة الأولى أم سيعاد مرارًا وتكرارًا وتظل تشتكي؟!