شغفك قريب منك ولكنك تبحث بعيدًا في محاولة يائسة للعثور على الشغف أو ما يسمى وظيفة الأحلام، لا تحتاج لكل ذلك بل انظر هنا إلى نفسك.
لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
أريد منك أن تعود بذاكرتك قليلاً إلى طفولتك:
حين كنت تفعل ما تفعله .. فقط لأنك تريد! هل كنت حينها تقف لتسأل نفسك:
أي الرياضتين أفضل - فيزيولوجياً و سايكولوجياً - كرة القدم أم كرة السلة؟بالطبع لا! كنت تلعب كلا اللعبتين.... بنيت قصوراً من رمال الشاطئ، و رجال ثلجٍ بعدد الأيام المُثلجة مضروباً بمئة... كنت زعيم عصابة في مرة،و محققاً سرياً في مراتٍ أخرى. و هل طلب منك أحدهم أن تفعل ذلك؟لا! كنت تقوم بهذه الألعاب و الألاعيب من تلقاء نفسك.. فقط لأنها تجعلك سعيداً!
و أروع ما في الأمر
أنك إن مللت من كرة السلة، توقفت عن ممارستها. لم يكن هناك شعور بالذنب أو نقاش مع أحدهم حول الأمر. فالمهم هو: ما الذي تريده، و ما الذي لا تريده. سؤال آخر: هل كنت تسأل نفسك -حين تعمد لمراقبة نملة على مدى ساعتين متواصلتين- بماذا ستعود عليك هذه المراقبة؟ أو إن كنت لا تجد من يشاركك هذه الهواية، فهل ترى نفسك سيئاً؟ و مجدداً، الإجابة هي:لا!.. أنت تحب شيئاً فتفعله، و هذا كل شيء!
كيف اكتشف شغفي؟
بدأت يومي الرائع بإستقبال الرسالة رقم 11504 - تقريباً - و التي يخبرني فيها مُرسلها أنه لا يعلم ما الذي يجب عليه فعله في هذه الحياة، و كبقية الرسائل الـ (لا! لن أعيد كتابة الرقم!!) ختم المرسل الرسالة بسؤاله إن كنت أمتلك أي نصيحة له: من أين يبدأ؟ كيف يبدأ؟ و كيف "يكتشف شغفه"؟ كالعادة، لم أقم بالردّ، لماذا؟؟ بحق الله! أنا لا أمتلك عصا سحرية لعينة: إن لم يكن لديك فكرة عمّا يمكنك فعله في حياتك. فما الذي يدفعك للاعتقاد بأن أحمقاً مثلي يمتلك تلك الفكرة؟ أنا مجرد مدّون... و لست قارئاً للطالع! و لأنني لم عد أحتمل المزيد من صداع الرأس هذا،فقد قررت أن أكتب هذه التدوينة.. و هي رسالة لمُرسلي .. ذاك الرقم (أخبرتك أنني لن أذكره ثانيةً!) من الرسائل. {عدم المعرفة} هو جوهر الحياة.. هذا صحيح! الحياة -باختصار شديد- تدور حول عدم تأكدك من جدوى ما تفعله،لكنك تفعله بطبيعة الحال(على سبيل التجربة مثلاً). و لن تصبح حياتك أبسط إن اكتشفت حبّك لعملك أو شغفك بكتابة الخواطر الحزينة!
عودة للهراء
الكل يتحدث عن رغبته بـ(إيجاد شغفه) و أنا أقول: هذا هراء! لقد وجدتَ شغفك بالفعل، لكنك تتجاهله فحسب! أستحلفك بالله أن تخبرني: أنت تستيقظ كل يوم لتبقى مستيقظاً على مدار 16 ساعة، فماذا تفعل؟... من الواضح أنك تفعل شيئاً ما، أو تتحدث عن شيءٍ ما. هناك فكرة أو موضوع يسيطر على معظم وقت فراغك، يغلب حديثك عنه، بل و تبحث عنه في محركات البحث على شبكة الإنترنت.. باختصار:هو يهيمن عليك دون أن تعيّ.
انظر أمامك
و ستجده يقف كالطود... أنت فقط تتحاشاه! لسببٍ ما، تحدّث نفسك فتقول: ( هذا صحيح! أنا أحب مجلات الأطفال.. لكنها للتسلية فقط.. لا يمكنني كسب المال منها). هل سبق أن حاولت أصلاً!؟! المشكلة ليست في الافتقار للشغف. المشكلة في الإدراك، في تقبّلك لذاك الشغف. المشكلة في قولك:
(حسناً! هذا بعيد عن المنطق) أو
( إن أبي و أمي سيرتكبان جريمة في حقي إن جاولت فعل كذا، يريدان منيّ أن أصبح طبيباً) أو
(هذا غباء محض، لن أتمكن من شراء منزل الأحلام بالمال الذي سأحصل عليه إن قمت بكذا) المشكلة ليست في الشغف.. و لم تكن كذلك يوماً. المشكلة في الأولويات.
حتى لو!
ربما يكون كلامك صحيحاً.. لكن من أخبرك أنه يتوجب عليك أن تكسب مالاً بفعل ما تحب فعله؟ و ما هو المانع الرادع لتعمل في وظيفة عادية مع أناسٍ تحترمهم،ثم تلاحق شغفك في أوقات فراغك؟.. هل ستشرق الشمس من مغربها إن قمت بذلك؟
صاعقة أخرى؟
و دعني أصعقك مجدداً: لا يوجد ما يُسمى بـ (وظيفة الأحلام)، أنا أعيش حلمي و أعمل بما حلمت به يوماً (و بالمناسبة،فقط حدث ذلك بمحض الصدفة،لم أخطط لمليون عامٍ للحصول عليه، بل كالطفل تماماً في ساحة اللعب: حاولت ... فحصلت)، و رغم ذلك فأنا أشعر بالسأم من هذه الوظيفة في 30% من الأيام، و في بعض الأحيان ترتفع هذه النسبة! و أعود فأقول:
هذه هي الحياة.
لكنها ليست نهاية المقال.. فللحديث بقيّة.
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد