Loading Offers..
100 100 100

جرّب أن تكون ذكيًا.. عِش اللحظة فحسب!

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

أقول: إننا بثقافتنا نستطيع أن نسود العالم كما باستطاعة كل شخص فعلها، فلا تحاول التفكير في أمور تستغرق وقتًا يضيع عليك اللحظة التي تمتلكها فعليًا، وهي اللحظة الحالية، كانت مريم -عليها السلام- في أشد أيام حملها تعاني مرارة الحمل وثقل الجنين، والله تعالي يقول لها (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا) وكان يعقوب -عليه السلام- يعاني عناء ما لم يُبْتَلَ به غيره فقدْ فَقَدَ ابنيه الاثنين وأحبّهما إليه وفقد معهما بصره من شدة بكائه عليهما، ثم ينبعث من فمه كلمات تكذب الواقع الذي يعيشه (وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) ونزل قول الله على المؤمنين في غزوة من أشد الغزوات وأفجعها (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).

كيف تعيش حقًا؟

فالحياة حقًّا لا تستحق كل هذا التفكير المميت ولا التركيز المستميت، ولا حتى مجرد الانشغال بتناول وجبة العشاء فلا تتعب نفسك بالتفكير في أمور لن تصل إليك إلا بذهابك إليها، وأضرب لك مثلًا رجلًا يريد قطف برتقالة من مكانها وهي تبعد عنه كيلو مترًا، مهما بذل من تفكير وأعطى من جهد لن يتحصل عليها إلا بالذهاب إليها.كل ما عليك فعله هو الاستمتاع باللحظة الحالية، لأنها إن فاتتك فاتك كل ما تملك، تفقد الأمور حولك وانظر بعينك ولا تكن كالسرحان يسقط النظر على شيء ووعيه في مكان آخر، أطلق العنان لعينيك حتى تكتشف ما ترى فلا تدع شيئًا تراه حتى تكتشف ماهيته، وهذا المبدأ مبدئي كنت لا أدع شيئا عيني تقع على شيء إلا أتفقده حتى إني كنت أتفقد جيدًا حذاء الرجل الذي يجلس بجواري في أتوبيس النقل العام وكنت أطرح على ذهني تساؤلات عديدة: كم تتوقع أن يكون سعره؟ وما الداعي الذي جعله يلبس حذاءً أسود على قميص بني؟وكنت أتأمل اللافتات على الطريق وأسجل على هاتفي أرقام المحلات، لم يكن هذا الأمر فضوليًا أو تبجُّحًا، لكن هذا التساؤلات وأكثر كانت تُطرح في ذهني على أمر وقع عليه النظر خاصة وإن كنت أول مرة أشاهده، لا شك أن هذا الأمر أعطاني خبرة في كيفية إعمال عقلي ومداومة البحث خلف العلل، وهذا الأمر حلّ الكثير من مشاكلي حيث لم أكن يومًا معطِّلا للفكر أو عديم النظر، فهناك أشخاص لا يُعمِلون الفكر إلا عند مصيبة تستدعي البحث عن حل، فهم لا يفكرون إلا عند حلول المصائب وما عدا ذلك يضعون أيديهم أسفل ذقونهم وينظرون عبر النافذة يشاهدون جمال الطبيعة فحسب!

تدّبر في كل شيء

لم أكن كذلك أبدًا، لقد كنت أسجل كل شيء برأسي ولا أدع شيئًا -وقع عليه بصري- يفوتني، ومازلت أسجل على هاتفي أرقام المحلات والفروع والشركات وأصحاب الحرف والتجارات حتى إذا امتلأت مساحة هاتفي اشتريت شريحة اتصالات أخرى لهذا الغرض نفسه، امنح عقلك التفكير في ما أنت عليه فعليًّا، ودعك من أمرٍ بينك وبينه مسافات حتى لا تفسد على نفسك اللحظة الحالية، فإذا كنت في صلاة وانشغلت بالتفكير في غيرها وصرت تفكر في ما تفعله وما تشتريه أفسدت صلاتك، كذلك اللحظة الحالية تَفسد إذا فكرت في غيرها "إذا كنت بحاجة لتعليق صورة علي الجدار لن ينفعك البحث عن طريقة لقلي البيض".وتأمل أنت في حال إنسان تصفه بالعقل يذهب إلى أفضل مكان على النيل وفي أنسب وقت ويطلب أفضل مشروب كي يستطيع أن يفكر بمزاج في مشروع يأتي بعد أسبوعين، هذا غباء.

"إذا لم تشعر بالجمال في قلبك حيث وجدته، ولم تبعث المناظر الجميلة إلى قلبك رسالة، فأنت لم تشعر أصلًا"

في غزوة أُحُد وبعد أن أنهك القتال كلا الفريقين أخذوا مدة للراحة ثم من بعدها مواصلة القتال، هذه المدة من المفروض أن تكون فرصة للتدريب، لكن الله تعالى أنزل على المؤمنين في هذه المدة أمرًا غريبًا وهو النعاس كما قال ( ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنۢ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشٰى طَآئِفَةً مِّنكُمْ ۖ ) لقد أخذ النعاس المؤمنين كلهم ( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِۦ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطٰنِ وَلِيَرْبِطَ عَلٰى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ).أما عن الحرب ومقاتلة المشركين ومواصلة الجهاد: ( إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلٰٓئِكَةِ أَنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا ۚ سَأُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ). فالله سبحانه وتعالي أنزل على المؤمنين أَمَنة نُعاسًا حتى يستكملوا الراحة بسلام، ويستمتعوا باللحظة الحالية.. اللحظة التي يمتلكها الإنسان فعليًّا، أما عن القتال ومحاربة المشركين فقد أسند الله الأمر للملائكة حتى تساعدهم فيه.‏إن فعلت ما قلت لك ستكون ذكيًا، سريع البديهة، شديد الملاحظة، ثاقب النظر، قوي الفهم، ستكتشف المشكلة ثم تُوجِد حَلًّا لها والناس ما زالوا يتساءلون أين المشكلة؟‏فغالبًا ما نكون في حديث مع شخص لإيجاد حل لمشكلة ما ويستغرق الحديث ساعات وساعات ومن شدة المشكلة وحجمها يعجز العقل عن تدبير حل لها لكن بعد مفارقة هذا الصديق وإنهاء الحديث عن هذه المشكلة يبدأ العقل في إيجاد حل مناسب ومقنع حينها تتساءل بحسرة: أين كان الحل هذا عندما كنت أتحدث مع صديقي، ولماذا لا تأتي الحلول إلا بعد إنهاء الحديث عن المشكلة؟

والإجابة..

‏ذلكم لأننا حال حديثنا عن مشكلة ما يخالط التفكير أمور شتى يصعب على الدماغ التركيز في أمر معين، فمثلًا كنت قد وضعت مستندات خاصة ذات أهمية كبيرة في مكان لا تناله اليد والعين لكن سرعان ما نسيت أين وضعتها، ثم بعد فترة كبيرة تذكرت جيدًا أين وضعتها عندها تساءلت: لما لم أتذكر مكان المستندات عندما كنت أريدها؟ فاكتشفت أن رأسي كان مشغولًا حينها بأمور عديدة من بينها ماذا يحدث لو لم أجد هذه المستندات؟ وكيف يمكنني استرجاع المعلومات منها؟ كل هذا التساؤلات دارت في رأسي في نفس اللحظة التي من المفروض أن أتذكر فيها أين وضعت المستندات.‏ألا تعلم أن أي عملية يقوم الدماغ بها مثل عملية التذكر أو التحدث أو التفكير لا تستغرق سوى لحظة أو أقل من لحظة وهي ما تسمى باللحظة الحالية، وينبغي أن يكون الدماغ فيها خاليًا عن أي شيء حتي تستطيع التفكير بشكل سليم والتذكر بشكل أسرع والتحدث بجدارة.‏هذا هو الذكاء الحقيقي وهو الذكاء المطلوب في كل قول وعمل، وأعلن لكم أن العالم اليوم لا يحتاج إلى القوي فضلًا عن الفقير والبخيل والضعيف والجبان، بل حاجة العالم اليوم هي للأذكياء، لأن القوي إن خارت قوته لم يعد قويًّا، وإن نفدت صحته لم يعد قويًّا، وإن شُلَّت يَداه لم يعد قويًّا، فهناك ألف سبب لا يجعله قويًّا ومن ثَمَّ فالعالم ليس بحاجة له، لكن الذكيّ إن خارت قوَّته فهو ذكيّ وإن تخبطت جوانبه فهو ذكيّ لا شيء يمنعه من أن يكون ذكيًّا، وهذا الشخص بثقافته يستطيع أن يسود العالم.‏عندما تسلط الدماغ على التفكير في موضوع وحسب ستكون مبدعًا فيه، والإنسان لن يصل إلى ذروة النجاح إلا إذا كان غايةً في الإبداع ومثلًا يُضرب به، ‏وعملية الإبداع هذه مرحلة تأتي بعد التفكير السليم في موضوع معين بذكاء شديد يؤدي إلي إبداع عظيم، لا تستغرب الموضوع فالعملية لا تستغرق سوى لحظة أو أقل من لحظة بشرط أن تكون مداوم التفكير حريصًا على نشاطك الذهني.

‏إذا أردت أن تكون مبدعًا

فعليك بفرض احتمالات جديدة لا تخضع لقوانين المُحاكة العقلية (المنطق) هذه الاحتمالات الفرضية تأتي من تساؤلاتك الذهنية: لماذا كان كذا؟ ولماذا لم يكن كذا؟يمكننا افتراض شيء ما خارج تمامًا عن نطاق تجاربنا وخبراتنا وقد يكون مناقضًا لهذه التجارب وهذه الخبرات، يمكننا أن نتصور مثلًا أن عجلة القيادة يجب أن تكون مربّعة الشكل لكن المحاكاة العقلية تقودنا إلى أن هذا الافتراض هو محض هراء لأنه غير صحيح من حيث البناء، ‏فمن الواضح إذا أن استخدام المحاكاة العقلية (المنطق) لن تساعدنا على استخدام أسلوب التصوّر أو الافتراض لأن المُحاكة العقلية تهتم بالتجارب التي مررنا بها في الماضي وهذا عادةً لن يقودك إلى التميز؛ لأن الإبداع أمر يهتم بالاحتمالات المتعلّقة بالمستقبل.هذه الأمور المتداولة بين الناس من سيارات وطائرات وهواتف وغيره من اختراعات، كانت في يوم من الأيام ذاتَ قيمة في شأنها قبل أن تكون الشيء العادي في حياة كل منّا علمًا بأنها خرجت للواقع لما اجتاز مخترعوها جدار المحال؛ أي عقل بشري كان يتصوّر يومًا أن يستطيع أحدنا التواصل صوتًا وصورة مع أُناس لا تجمعنا بهم المسافات؟ ولا حتى عقل المخترع نفسه!فإن كنت تملك القلب الجسور والعلم الكافي والقدر من الشجاعة فَسِرْ في هذا الطريق مثابرًا لُجَجه ومكتشفًا خباياه وضاربًا بسهم إبداعك كل حوائطه وقبل ذلك تحلّى بالصبر وروح المحاولة ولا تيأس من الفشل فأقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة؛ وإن كنت لا.. فعُد لآراء سابقيك ولا تقلّل من شأنهم والتزم قدر المستطاع بقوانين المُحاكة العقلية فإن ذلك سيساعدك كثيرًا على ملائمة الوضع الحالي والتكيف معه.فإن الله تعالى جعل الدماغ يشكّل من خلال تجربته السابقة نماذجَ يرجع إليها عند تعامله مع ما يشبهها، وهذا يساعدنا في ارتداء الملابس بسهولة في كل صباح وإلا كنا سنضطر لمراجعة مجموعة هائلة من الأساليب التي يمكننا اتباعها لارتداء خمسة قطع من الملابس عند كل مرة، ومن دون هذه النماذج ما كنا لنتمكن من قطع الشارع ولا قيادة السيارة ولا القيام بشيءٍ معين.
‏للمزيد

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..