Loading Offers..
100 100 100

صمتك خير صديق لك.. فكيف تحسن صحبتك؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

بعضنا عرف قيمة الصمت في العديد من المواقف، فاتخذ منه درعًا لا ينزعه أبدًا في معركة الحياة، ومكبحًا ينقذه في اللحظة الأخيرة من الوقوع في مصيدة الخطأ، والبعض الآخر يراه ضعفًا وكآبة، ويترك العنان للسانه يصيب تارة ويخطأ تارة، دون أن يبذل جهدًا، أو محاولة واحدة للتوقف عن الكلام والالتزام بالصمت، فلم يعرف أثر ذلك على نفسه، وعلى من حوله، حتى وصل إلى نهاية عمره. أنت إلى أي الفريقين تنتمي؟ أتمنى أن يساعدك هذا المقال في تحديد ذلك …ينقسم الصمت إلى قسمين: صمت مذموم، وصمت محمود.

أولا: الصمت المذموم

  • ويقصد به الالتزام بالصمت عندما يكون الكلام واجبا، وذلك في عدة حالات منها:
  • الصمت عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأنت تقدر عليهما.
  • كتم العلم، وكتم الشهادة، والامتناع عن إبداء النصيحة التي يترتب عليها رفع ضرر أو جلب منفعة.
  • الصمت عن ذكر الله، ونشر الخير، ورفع الظلم.
  • وغيرها الكثير من المواطن التي يجب على الإنسان أن يبادر بالكلام فيها والتخلي تماما عن صمته.

ثانيا: الصمت المحمود

ويقصد به الصمت عن كل ما حرم الله ونهانا عنه، عن الغيبة والنميمة، وعن الكلام الباطل، وعن الكلام المباح الذي يؤدى إلى باطل.وللصمت العديد من الفوائد، هيا بنا نذكر بعضها:

1. الصمت أول العبادة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربعٌ لا يعطيهن الله إلا مَن أَحب: الصمت، وهو أول العبادة، والتوكل على الله، والتواضع، والزهد في الدنيا). فما ظنك بمن استشعر أن الله يراقبه دائما؟ سيفكر جيدًا قبل أن يخرج كلمة واحدة من فمه، خشية أن تكون في ميزان سيئاته، فإذا قلَّت الكلمات، قلَّت معها الذنوب، وفي ظل سعي المؤمن الدائم لتهذيب نفسه، سيكون الصمت بابًا عظيمًا يقوده إلى طريق طويل في نهايته الجنة -بإذن الله-.

2. الصمت هازم الغضب

أسوأ شيء يفعله الغضب بالإنسان أنه يجعله يفقد السيطرة على نفسه، فيبدأ في التفوه بكلمات، والقيام بأفعال، يكون هو أكثر النادمين عليها عندما يهدأ، وربما لن يستطيع أن يمحو أثرها على نفسه وعلى الآخرين مرة ثانية، ولن تنجح محاولاته للاعتذار دائمًا، وقد يتسبب غضبه في خسارته للكثير من الأشخاص في حياته. ما يفعله الصمت أنه يضع بينك وبين من أغضبك حاجزًا مؤقتًا، يجعلك تفكر جيدًا فيما يحدث، كما أنه يعطي شعورًا لمن أمامك بقوتك وضعفه، وهذا قد يجعله يشعر بالندم وقد يفكر فيما لو كنت على حق، وربما تكون هذه هي البداية لحل المشكلة.إذا احتدم الخلاف بينك وبين أحدهم يومًا، وسمعت أو رأيت ما أغضبك، عليك أولا أن تهزم غضبك بصمتك، ولو لبضع دقائق تقوم فيها بعمل شيء آخر، غير مكانك، استغفر الله ثم قم لتتوضأ، اذهب إلى غرفة أخرى، المهم أن تلتزم بالصمت تماما حتى تهدأ، وتسيطر على نفسك، وتمنحها وقتا كافيا حتى تقرر ما ستقول، وما ستفعل.

3. صمتك فرصة عظيمة للاستماع إلى الآخر.

كلنا نحب التحدث عن أنفسنا مع الآخرين، ولكن القليل منا يا للأسف يحسن الاستماع إليهم، فتجد المستمع يقاطع المتحدث كثيرا، فلا يعطيه الفرصة ليكمل عبارته، أو يتحمل ساخطا أن ينتهي من حديثه، لكي يثبت له أنه غير محق فيما يقول، دون أن يحاول حتى أن يسمع مبرراته. صمتك يجعلك تصغى جيدًا لما يقوله المتكلم، وتفهم وجهة نظره وأسبابه بكل هدوء، وربما أضاف لك معلومة جديدة لم تكن تعرفها من قبل، أو جعلك تزداد اقتناعا بما تعتقد، أو تكتشف خطأك وتصححه فتستفيد منه، ويشعره حسن صمتك وتركيزك باهتمامك به، فيحرص هو أيضا على الاستماع إليك جيدا، فتزيد مشاعر الود بينكما، ويصبح التحدث إليك مصدرا لسعادته وراحته، وكذلك أنت أيضًا. يقول سقراط: “خلق الله لنا أذنين ولسانًا واحدًا.. لنسمع أكثر مما نقول…”.

4.بصمتك تحصل على احترام الآخرين وتوقيرهم.

صمتك يجعلك مهابًا بين الناس، خاصة إذا كنت شخصا يعرف جيدا قوة الكلمة ومدى تأثيرها. يقول سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -: “أظل أهاب الرجل حتى يتكلم، فإن تكلم سقط من عيني، أو رفع نفسه عندي”. فيجب أن تعرف متى تتكلم، ومتى تصمت، ولا تحاول الحديث عما لا تعرفه، فيظنك الناس جاهلا لا يدرك شيئا عما يقول، فتصغر في أعينهم. عن سفيان بن عُيينة – رضي الله عنه قال-: “الصمت زين العالم، وستر الجاهل”. فزِنْ كلامك جيدًا قبل أن تنطق به، حتى لا يسخر الناس منك، ويبتعدوا عنك، وإلا فالصمت أفضل لك.

5. الصمت وحسن الخلق

دائما ما يأتي الصمت وحسن الخلق متلازمين في أحاديث رسول الله، وفي أقوال الصالحين، فكل منهما يؤدي إلى الآخر، سيمنحك صمتك الوقت الكافي للتأمل، والتفكر في خلق الله، والوصول إلى محبته، فتطيع أوامره، وتجتنب نواهيه، فتتهذب نفسك، ويحسن خلقك. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يا أبا ذر، ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلهما”.وختاما. قد لا يدرك الناس قيمة الصمت، لأن الكثير منهم ينظر إلى الشخص الذي يلتزم به على أنه شخص غريب، غامض، يميل إلى العزلة والجلوس بمفرده، وقد يراه بعضهم شخصا باردا، عديم المشاعر، لا يتأثر بسهولة، وهذا مخالف للحقيقة تماما. يقول الكاتب الراحل عبد الوهاب مطاوع: “الصمت هو قمة الانفعال كما يقول لنا أحد علماء النفس المحدثين… وأكثر اللحظات إثارة للانفعال في حياتنا هي اللحظات التي يبلغ من انفعالنا لها ألا نجد ما نقوله فيها من كلمات”. فإلزام النفس باللجوء إلى الصمت في أصعب المواقف وأشدها قسوة، ليس بالأمر الهين أبدًا.فمن يصمت وقت الخلاف وهو يرى نفسه مُحِقًّا، ومن يكف لسانه وقت الغضب حتى لا يحدث ما يندم عليه، ومن هم أن يدخل في جدال طويل، لكنه امتنع عن ذلك لأنه أدرك أنه جدال لا يراد به خيرًا، ولا هدف له سوى إثارة المشاكل، وأن تحل الكراهية محل المودة في القلوب. كل هؤلاء لم يصلوا إلى ما هم عليه بضغطة زر، ولكنهم قرروا المضي قدمًا في طريق طويل، لا يتوقفون فيه عن مجاهدة أنفسهم، والاستعانة بكل الوسائل التي تعينهم على ذلك، بالتعلم، والصبر، والاطلاع على سير الأنبياء وقصص الصالحين، وما عرفوه منهم عن محاسن الصمت، وكيف اتخذوه رفيقا دائما لهم، فأحسن صحبتهم، وأحسنوا صحبته، وكان له أثر عظيم في حياتهم.يقول الإمام الشافعي: وجدت سكوتي متجرا فلزمته إذا لم أجد ربحا فلست بخاسر.. وما الصمت إلا في الرجال متاجر وتاجره يعلو على كل تاجر.
إليك أيضًا

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..