لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
فــــي مجتمعاتنا العربيـــة، أن يكـــون لك رأي مستقل عن العامة والجماعة التي تنتمي لها، وتخرج عن صراط التقاليــد والعادات التي تعتبرها أنت صراط غير مستقيم وأنها سبب بؤس ومعانات الجميع ، فأنت في موقف لا تحسد عليه، فالمقاصل منتصبة والاتهامات جاهزة ، والجلادون دائما مايكونون في انتظارك، فأنت إمـــا منافقٌ أوكافرٌ أوملحدٌ أوزنديقٌ أو مهرطقٌ. رُويداً رُويداً سيتبرأ منك أهلك وأصدقائك حتى أسوأهم خلقاً وأكثرهم فجوراً ومعصيةً للخالق، خوفاً أن يُحسبوا منك أو تُصيبهم عدوى أفكارك. يأتي أقرب النــــــــاس إليك محاولا إنقاذ مايمكن إنقاذه والرجوع بك إلــى القطيـــــع ولكن دون جدوى. تدور في مُخيلتك أفكار عن واقع يتراءى لك أنه مشوه وشــاذ ومُعــــاق ومُعيـــق لأي تقدم يطمح له الإنســــان ، معــاركُ ُ طاحنة ســاحتها مخيلتك أنتَ، بين جيش قديم سلاحه الجهل والتقاليد والخرافات والبِدع والأساطير وعقيدتــــــه التخويف والتحقير، وبين جيش حديث سلاحه العلم والمنطق والكتب والمعرفة وعقيدته الحوار والاحترام. وأثناء بحتك عن عن إجابة تُنهي بها هدا الصراع القديم الجديد، تعود بك ذاكرتك إلــــى تاريخ السابقيــــن، قصصٌ لبني جلدتك أمنوا بأفكارهم وخرجوا عن ما تعارفة عليه الجماعة, قاصداً أخد العبر والموعظة. مصداقاً لقوله تعالى :دينيا ، القران الكريم مليئ بقصص عديدة ذكر الله فيها أقواما وأفرادا وجماعة إنسلخوا فيها عن تقاليد وعادات أبائهم وأجدادهم وصبروا وقاسوا وفازوا بما أعده الله لهم في الاخرة. فالرسول عليه الصلاة والسلام وحتى قبل نزول الحق عليه، كان يرى في أفعال قبيلته ما ليس صواباٌ واختار طريق العزلة والابتعاد عن أفعال جماعة التي كان يعيش الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم ، ولنا أيضا في أصحاب الكهف مثالا عن فتيةٍ (ليسوا برجال) رغم صغر سنهم عرفوا طريق الحق والصواب وضحوا في سبيله وفارقوا الأهل والجماعة لأنهم آمنوا بما هو غير مألوف في مجتمعهم آنَذاك , وكذلك يمدونا التاريخ الاسلامية بخير قدوة في الصبر والتماسك رغم ضعف مكانته الاجتماعية , قصة الصحابي بلال ابن ربـــاح الذي كان من الذين أظهروا إسلامهم في وقت مبكِّر أي عندما كانت فكرة الاسلام مازالت وليدة و جديدة على المجتمع ,و بالرغم من أن بلال كان عبداً في تلك الفترة تمسك بفكرته وتذوق في سبيل ذلك من سيده أمية أصناف من العذاب . ودنيويا، تعود بك ذاكرتك الى القرن 16 ميلادية، قصة العالم الايطالي جاليليو جاليلي، وكيف كان النــــاس وعلماء عـــصــــره متيقنين كل التقة أن الأرض لا تتحرك على الاطلاق وانها ثابتة، وأمام غضب الناس عليه لخروجه عن فكرتهم وثوابتهم حاكمته الكنيسة بتهمة الهرطقة، وفي القرن 19 ميلادية إعتذرت له الكنيسة وتقرر عمل ثمتال له.لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) سورة يوسف
في عام 1939 قام البابا بيوس الثاني عشر بعد أشهر قليلة من رسامته لمنصب البابوية بوصف جاليليو أكثر أبطال البحوث شجاعة… لم يخش من العقبات والمخاطر ولا حتى من الموت. وفي 15 أكتوبر، قام الكاردينال راتزنجر والذي أصبح لاحقا البابا بندكتيوس السادس عشر في خطاب لجامعة لا سابينزا بوصف جاليليو بحالة عرضية التي سمحت لنا ان نرى مدى عمق الشك بالذات في علوم وتكنولوجيا العصر الحديث.وفي 31 أكتوبر 1992 قدمت الهيئة العلمية بتقريرها إلى البابا يوحنا بولس الثاني، الذي قام على أساسه بإلقاء خطبة، وفيها يقدم اعتذار من الفاتيكان على ما جري لغاليليو غاليلي أثناء محاكمته أمام الفاتيكان عام 1623. وحاول البابا إزالة سوء التفاهم المتبادل بين العلم والكنيسة. وأعاد الفاتيكان في 2 نوفمبر 1992 لغاليليو كرامته براءته رسميًا، وتقرر عمل تمثال له فيها.ومكتفيا بما مر به الرسول وأصحاب الكهف والصحبي بلال ابن ربـــاح والعالِم جاليليو جاليلي والعديد من شخصيات عـــانت أشد المعانات في سبيل تمسكهم بأفكارهم ، يزيد إصرارك على المقاومة والصبر في ماترى أنه حق وصواب متسلحا بقِصص أُخرى غابرة ترى نفسك أنتَ بطلها.