لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
بين الاحتياج والاكتفاء شعرة رفيعة، قد يراها البعض كبرياء، وقد يراها البعض الآخر حاجة ضرورية، ولكن بين ما نحتاجه ونطلبه، وما لا نحتاجه ونستغني عنه توجد كلمة تسمى بعزة النفس. ولكن هل الاكتفاء يغني عن الطلب أو الحاجة الملحة تجبر الإنسان على طلب المساعدة؟ سؤال يتكرر دائمًا؟
في بيتي يوجد شخص مسن، قد يكون جد أوجده أو قريب بعيد أو قريب للعائلة فكيف أتعامل معه دون أن أجرح كبريائه؟! قال تعالى: ﴿الله الَّذي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍ ثمَّ جَعَلَ مِن بَعد ضَعفٍ قُوَّةً ثمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ قُوَّةٍ ضَعفاً وَشَيبَةً يَخلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ العَلِيمُ القَدِيرُ ﴾ [الروم 54
ماذا تتطلب العناية بكبار السن
التعامل مع كبار السن ليس سهلًا جدًا لكنه بسيط ببساطة التعامل مع طفل، فالطفل يحتاج ولا يطلب ما يحتاج، لكن الأم والأب يوفران له احتياجاته الضرورية بحسب معرفتهم بكل طفل منهم واهتماماته. فالعناية بكبار السن تتطلب دائمًا فهم متطلباتهم واحتياجاتهم الخاصة. قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير}[لقمان:14
الأب والأم يحتاجان أيضًا اهتمام الأبناء ولكنهم لا يطلبانه من أحد لهذا حينما يطلب منك الأب تصليح التلفاز أو جهاز معين فهو لا يطلبه منك لعجزه عن إصلاحه بل ليقضي معك بعض الوقت أو يحصل على انتباهك أو اهتمامك.
كيف نوفر احتياجات كبار السن دون إحراجهم
1. سؤالهم عن ما يحتاجون إليه، فقد يحتاجون بعض الأمور ويعجزون عن طلبه ويترددون في اللجوء لشخصٍ ما حتى لا يسخر من طلباتهم.
2. الجلوس معهم ومرافقتهم فهم يحتاجون للرفقة والألفة والشعور بالتقبل وعدم ازدرائهم أو التأفف منهم.
3. توفير الوقت لهم رغم ازدحام يومك.
4. الاستماع إليهم فبعض احتياجاتهم ومتطلباتهم قد يذكرونها لكم على خجل في أحاديثهم.
5. أحيانًا يوفر البعض ممرض أو ممرضة أو خادم أو خادمة لكبير السن العاجز عن الحركة لتنظيفه أو الاهتمام به وهذا الشيء يجرح كبرياءهم، لهذا من الأفضل لو قام بالاهتمام بهم أحد الأبناء أو أن يكون الاهتمام بهم من قبل الخادم أو الممرض بوجود أحد أبنائه حتى لا يتعرض للإساءة من الخدم أو الإهانة في غياب أبنائه لعجزه عن الدفاع عن نفسه.
6. بعض مرضى ألزهايمر أو المصابين بالخرف قد يكرر متطلباته أو حديثه بشكلٍ مزعج ومتكرر لهذا يتطلب الصبر وقوة التحمل وضبط النفس، فالشدة بالتعامل معهم قد يكسرهم ويجرحهم بشدة.
7. التجاوز عن بعض الأمور وعدم التدقيق في أمورهم وحفظ أسرارهم ما يجب أن يتميز به من يقوم بالاهتمام بهم أو القيام على أمورهم الخاصة.
8. قد تكون هناك عادات سيئة لدى المسنين من الطباع من السب والشتم وإهانة من حوله فلا يجب أن تكون طباعه السيئه سببًا في تهميشهم أو إهانتهم بسبب سوء خلقهم أو أسلوبهم فالبيئة الخشنة التي تربوا فيها أجبرتهم على القسوه فيجب تحملهم. وعن الصحابي الجليل أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ : إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ)
والمقصود بإكرام ذي الشيبة المسلم هو تعظيم الشيخ الكبير في الإسلام، بتوقيره في المجالس والرفق به والشفقة عليه، كل هذا مِن كمالِ تعظيم الله، لحرمته عند الله.
أحيانًا الاكتفاء يغني عن الطلب
كبار السن إن شعروا بالإهانة وعدم التقبل من أفراد الأسرة يضطر المسن للانطواء والعزلة إن شعر بعدم القبول والمراعاة والتحمل لمرضه والصبر على طباعه لشعوره بالثقل على من حوله بمتطلباته ولحساسيتهم الشديدة مع تقدمهم في السن. كبار السن هم دعائم الأسرة واحتياجاتهم وتطلباتهم مهمة بقدر أهمية تواجدهم في العائلة، فبين ما نقدمه لهم وما يحتاجونه فعلًا علامة استفهام كبرى فلا نعلم احتياجاتهم الحقيقية، ولكن يفترض بنا تلبية متطلباتهم دون تخاذل أو جحود.
الرحمة والإنسانية من أسمى أخلاق البشر فمن الأولى أن نقدمها لمن حولنا دون أن تطلب منا وكذالك بالنسبة لكبار السن أن نرحم ضعفهم وكبر سنهم يعني أن نتفهم احتياجاتهم ومتطلباتهم ونوفرها لهم قبل أن تطلب.