لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
يمكن أن تضع الحياة عثراتٍ في سبيلك وتتحدّاك حتى عندما تتجلّى أفضل الظروف في حركتك من خلالها. سواءً أكنت أبًا عاملاً في منتصف العمر، أو غارقًا في تقاعدك، أو شيئًا بين هذا القبيل، فهنالك أوقات نشعر فيها جميعنا بأن الحياة تعيقنا.
أنا على درايةٍ واسعةٍ بذلك الشعور بانخفاض مستويات الطاقة، والنقص في التحفيز والحماس إلى حدّ المرحلة التي يكون فيها النهوض من النّوم معاناةً تمرّ بها كل يوم قبل العمل.
أتعامل غالبًا مع صراعاتي الخاصة وشعوري بأنّي عالق عندما يتعلق الأمر بقفلة الكاتب. أحيانًا يمكن للكلمات أن تتدفَّق مني مثل دفق الحمم البركانية من بركانٍ نشط لكن في أحيانٍ أخرى تبدو مستويات التّحفيز والاستعداد للانخراط لديّ خامدة تمامًا. ما هي الأدوات أو التقنيّات التي يمكن للمرء الاعتماد عليها في تلك اللحظات التي يبدو فيها أنك عالق ولا يمكنك الخروج من تلك الفقاعة؟
4 خطوات عليك اتخاذها عندما تشعر أن الحياة تعيقك
1. مستعدٌ للاستسلام؟ أهلاً بك في النادي
يجب عليك أن تدرك أولاً أن فكرة أن تكون عالقًا هو شعور طبيعي وكثيرًا ما نشعر أننا جميعًا نمرّ به سواءً في حياتنا العملية أو علاقةٍ أو ربّما طلب العلم أو سعيك التجاريّ. عليك أن تسمح لنفسك بإدراك أن الحياة صعبة وستكون هنالك أيّام وأسابيع وشهور لا تشعر فيها بأن لديك ما يكفي من الوقود للمضيّ قُدمًا وصعودًا. حتى بينما أنا أكتب هذا المقال، سأعترف بأنني جاءني ذلك الشعور بأنّي عالق عندما استيقظتُ هذا الصباح للمجيء للعمل. دعني أعيد رؤية هذا المشهد وأقول لك إن كان هذا مألوفًا.
صباح الأحد، ينطلق منبّهك، تضغط الغفوة على مضض وتتنفّس الصعداء بإرهاقٍ بينما ترى أن نهاية الأسبوع قد انتهت رسميًا وصار أسبوع العمل يلوح في الأفق. تتوقف مؤقتًا للنظر فيما إذا كنت تريد دخوله على الإطلاق قبل أن تستسلم أخيرًا وترتدي ملابسك للعمل. وبينما تسحب نفسك إلى العمل آخذًا النهار في القيادة للوصول للمكتب، فتشعر بالتعب وتشعر أنّك عالق في هذا الموقف.
هذا النوع من الشعور صحي وكلنا كانت لدينا لحظات كان فيها ركودٌ في متطلبات العمل، أو ربما كنت تقوم بالكثير من العمل الإضافيّ أو غيره. مهما كانت العقبات التي تواجهها والتي تسلبك القدرة على التحمّس بشأن نشاطاتك الأسبوعيّة، عليك أولاً أن تفهم أن هذه ليست أفكارًا غير طبيعية تمتلكها ولست وحدك من يمر بها.
إن كان بإمكانك السماح لنفسك بالوصول إلى ذلك الإدراك الصغير والضروريّ، فستكون جيدًا وعلى طريق كسر دائرة الشعور السيئ والعجز عن المضي قدمًا في سعيك الحياتيّ. هذا ما أوصلني إلى الخطوة الثانية في كسر ذلك الشعور!
2. ما المصدر؟
إن المعاناة عقبةٌ لا تندثر أبدًا بغضّ النظر عن أين تجد نفسك في هذه الحياة. علينا جميعًا أن نمر بمحنةٍ في مرحلةٍ ما من الحياة. إن كيفيّة تعاملك مع المعاناة، سيكون نقطةً رئيسية في إدارة عواطفك ومزاجك والناتج الإجماليّ لحياتك وأنت تحاول استعادة ثقتك الداخلية وتبدأ في كسر السلاسل الذهنيّة التي وجدت نفسك محاطًا بها.
سوزان ديفيد، طبيبة نفسية في مدرسة “هارفارد” الطبيّة، نتحدث عن كتابها: “الرشاقة العاطفيّة: اخرج من قوقعتك واقبل التغيير وازدهر في عملك وحياتك”. بشكلٍ جوهري، تقول سوزان في كتابها أننا غالبًا ما نعلق في موقف لكننا نفعل نفس الأمور التي جعلتنا نعلق في المقام الأول، بدل البحث عن مسارٍ بديل.
إن تحديات الحياة جانبٌ حتميّ لرحلة الحياة، وكذلك عندما تشعر بأنك عالق في موقف لا تشعر بالراحة فيه، فعندها يكون قد آن أوان بدء تقييم شامل لوضعك ومحاولة زيادة فهم المصدر الذي أتى منه ذلك الشعور.
ما تعلّمتُه من الذهاب للعلاج كوسيلة للتعامل مع معاناتي مع القلق والتحفيز والنزاعات المدمرة للذات؛ وهو أنه يجب عليك أولاً تحديد السبب الأصليّ قبل أن تقوم بإحداث تغييرات إيجابيّة في اتجاهٍ جديد. إن كنت تشعر أنّك عالق أو كان روتينك مملاً، جرب الرجوع في الزمن وحاول تحديد ما الذي جعلك تنحصر في تلك المساحة الذهنية في المقام الأول.
إن معرفة السبب والعمل على فهم الأساس الداخلي لتلك اللّحظة من اللامبالاة سيمكّنك من إجراء التغييرات الضرورية للخروج من ذلك السجن والتطلّع نحو نفسٍ أكثر إنتاجية التي تنشّطها الطاقة المعزِّزة.
3. خصّص وقتك
ممكن أن يصبح من السهل الوقوع في فخّ الروتين السلبيّ أو العادات غير الصحية التي يمكنها المساهمة في الركود في حياتك حيث لا تشعر أنك تقوم بالكثير من الأمور. لذلك وبوضعك بعين الاعتبار حقيقة أن هذا الشعور طبيعيّ، والعمل على تحديد السبب الأصلي لكونك عالقًا، يجب أن تبدأ في تقييم كيفية الاستفادة من وقتك.
غالبًا ما أسمع تلك العبارة: “لا أملك الوقت الكافي للعمل على [املأ الفراغ]” كعذرٍ يتيح للناس للامتناع عن مسؤوليتهم أو عملٍ ضروري، وبدلاً من ذلك يجعلهم يتخلون عنه ويستمرون في سيرهم في سبيلٍ من التصرفات غير المثمرة التي ستؤدي بالنهاية إلى حبس الشخص في حفرةٍ لم يرغب أبدًا في الدخول إليها. ولهذا السبب، من المهم أن تحلّل استخدامك للوقت. اصنع ميزانيةً لوقتك بنفس الطريقة التي تصنع فيها ميزانية لمواردك الماليّة.
أن لا أريدك فقط أن تصنع ميزانية وقتك لِما تريد تحقيقه خلال الأسبوع، أعتقد أيضًا أنه من المهم أن تصنع ميزانيّة وقت تعكس – بدقة – سلوكك الحالي من أسبوعٍ لأسبوع. قد تكون رؤية كيفية استفادتك من وقتك في الوقت الحاضر أمرًا مفاجئًا إن كنت تشاهد الكثير من عروض نيتفليكس التلفزيونية أو تتصفح السوشيال الميديا أو تعمل حتى الموت!
عند إنشائك لميزانية وقت فأنت بذلك تدّخر ساعاتك يوميًا كل أسبوع، لنفسك، للنوم، ولأجل جميع الأشياء الأخرى التي تريد تحقيقها، وأنت بذلك تنشئ خطةً يمكنها المساعدة في إرشادك إلى اللحظات التي تكون قد اكتفيت فيها وتشعر كما لو أنه لا يمكنك المضيّ قدمًا بعدها. الوقت هو أكثر أصولنا قيمةً وإن أهدرناه دون تفكير، ستمضي الحياة بنا وسنبقى عالقين لفترةٍ أطول مما نتوقع.
بإنشائك لجدولٍ أكثر استقرارًا لكيفية الاستفادة من وقتك، سيمكنك أن تمرّن نفسك على أن تكون أكثر إنتاجيةً بشكلٍ طبيعيّ وألّا تسمح لذلك الهلع من الشعور بأنك عالق بالتسلل مرة أخرى إلى حياتك.
4. تحدَّث إلى المرآة
ألا تجده مثيرًا أنه في غالب الأحيان يمكننا بسهولة إسداء نصيحةٍ جامدةٍ لصديق أو فرد من العائلة أو زميل عمل دون كثير من التحفُّظ أو الإشكال؛ لكن عندما يتعلق الأمر بقراراتنا الخاصة، غالبًا ما نشعر بالعجز ولا نتمكن من التقدم بخطوةٍ حاسمة؟
أحب اتّباع استراتيجيةٍ أدعوها “التحدث إلى المرآة”. بشكلٍ أساسي، أحاول الخروج من حواراتي – أو انطباعي – الداخلية وأسدي لنفسي ذلك النوع من النصائح التي عادةً ما أكون قادرًا على إعطائها بسهولة لصديقٍ مقرّب أو لفرد من العائلة يعاني من مشاكله الخاصّة. في غالب الأحيان عندما أخطو خارج حدود ذهني والشعور بأني عالق، أكون قادرًا على قياس انطباعي بشكلٍ أفضل وسواءً ما إذا كانت صحيةً أو واقعيةً أم لا.
أنا أرى أنه يمكنك أن تكون أكثر إنتاجيةً عندما تفحص حياتك الخاصة من منظورٍ خارجيّ وتحاول التطلّع إلى المسار الذي ستسير به، كوسيلةٍ لتحليل مصيرك بشكلٍ أفضل وفهم كيفية التخلي عن ذاك الشعور السلبيّ. بالالتزام بتمرينٍ مشابه، ستصبح لديك القدرة على زيادة نجاح تفكيرك في مسار حياتك. من المحتمل أيضًا أن تتعلم المزيد عن نفسك ولماذا قد تشعر بأنّك مقيد في مشوارك الحياتيّ.
إن الخروج الذهنيّ من منظورك الخاص للحظةٍ وزيادة اعتمادك على منظور الشخص الثالث (third person) لرؤية موقفك يمكنه أن يكون مفيدًا. يمكن أن تكون هذه المسافة – من وجهة نظرك التقليديّة – مبصِّرةٌ ومثقِّفة. وفقًا للكُتّاب “كروس” و “أيدوك” في دراسةٍ لهُما عن التركيز على المستقبل عن بعد: “تشير الأبحاث السابقة إلى أن عزل النفس يعزز التأمل والتفكير التأقلميّ حول الأحداث السلبية الماضية”.
عند الشعور بأنك عالق، سيكون سهلاً جدًا أن تسمح لنفسك بالشعور بالضيق والخروج منه من منظورٍ عقليّ. لذلك مهم جدًا أن تلقي نظرةً جيدة على سلوكك الخاص لتحدد ما إذا كان أي شيءٍ تفعله خارجيًا أو داخليًا في حياتك له يدٌ في الشعور المستولي على روحك! وتماشيًا مع فكرة “الحديث إلى المرآة”، عليك أن تفهم أنه من المهمّ أن تعامل نفسك بالحب والتعاطف اللّذان تستحقهما كإنسانٍ. يعمل الناس جاهدين وبسرعة على ضمان أن الآخرين من حولهم يشعرون بأنهم محبوبون ويتم الاعتناء بهم لكن هذا على الجانب الآخر يجعلهم يهملون أنفسهم في هذه العملية.
الدكتور كريستين نيف؛ بروفيسور في علم النفس من جامعة تيكساس وصلت إلى استنتاجٍ بأن: “التعاطف مع النفس Self-compassion يشمل أيضًا معاملة نفسك كما لو أنّك تتعامل مع أصدقائك أو أفراد عائلتك”.
وبشكلٍ مشابهٍ للفكرة البسيطة التي تتمحور حول معاملة الآخرين بالطريقة التي تريدهم أن يعاملوك بها، فمن الضروري أن تمتلك تعاطفًا مع الذّات وتطوّر نفسك بالحديث الإيجابيّ بينك وبين نفسك، بدلاً من أن تنظر لنفسك فقط من خلال منظورٍ سلبيّ.
في حياتي الخاصة، يمكنني أن أكون غالبًا أسوأ ناقدٍ لنفسي. لذلك اعمل على الخروج من ذلك الشعور بأنك عالق، وجرب الخروج من نمط تفكيرك الاعتياديّ. ألقِ نظرةً جيدة على المرآة حتى تبتكر بعض الحلول الإبداعيّة لنفسك!