Loading Offers..
100 100 100

أثرُ المعلم المربي على الطلاب (تجربة شخصية)

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

التعليم مهنة سامية، انتهجها الأنبياء من قبلنا لرفع الجهل عن الأمم وفتح بصيص النور في لُجَجِ الظلام فكانوا مربين قبل أن يكونوا معلمين، ثم ورِثنا تلك المهنة عبر الأجيال وحافظت على سموها ونقائها حتى شاب مهنة التعليم العظيمة بعض الشوائب وتغيرت أهدافها وكثرت المُلهيات التي حادت بها عن الجادة. قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" هنا سأشكر معلمات كان لهن الأثر البالغ علي، تعلمت منهنّ الكثير وكان لهن الفضل في  تغيير العديد من القناعات لدي.هل تعديل سلوك التلاميذ مهنة إضافية للمعلم؟

معلمة التاريخ

كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما اقتنعت قناعة تامة بأهمية مادة التاريخ وجمالها وكم هي ممتعة، عندما انتقلت للصف الثامن كان نصيب فصلي أن تدرسه معلمة تاريخ لم أر مثلها حتى هذه اللحظة، كانت المادة دسمة جدًّا تتكلم عن تاريخ الثورات منذ نشأتها، الكتاب وحده يعطي الطالب إيحاءً: "لا تحاول فتح كتاب التاريخ فهو عَصِي على الفهم".معلمتي الرائعة كانت كنزًا لكل طالبة، واثقة من نفسها، تدخل الفصل وملامح وجهها تطمئننا: ستفهمن التاريخ طالما أنا معلمتكن، لم أصدق أنني في أول حصة تمنيت لو لم تنتهِ، معلمتي مسترسلة في الشرح والسرد وكأننا نشاهد الأحداث أمام أعيننا ونسمع صوت الشخصيات. كانت تقسم لنا الدرس ليسهل هضم الموضوع، وتحكي لنا محتوى الصفحات كقصة متوالية الأحداث، وكأننا نستمتع بمشاهدة مسلسل تاريخي جميل.كنا ننتظر حصة التاريخ بفارغ الصبر ويعترينا الحزن إن غابت المعلمة، كم من طالبات تغير مجرى حياتهن بوجود معلمات تربويات صانعات أجيال، معلمتي ملهمتي جعلتني أحب قراءة التاريخ وأتطلع شوقًا لفهم الأحداث وربطها معًا بل وأُسْقطها على واقعنا كما كانت تفعل هي تمامًا.من صف مدرسي إلى مركز للتعلّم والبحث .. تحدي يواجه المعلمين  

معلمة الكيمياء

كثيرات هنّ المعلمات اللواتي أثرن فيّ، منهن الأستاذة "سهام الغصين" -رحمة الله عليها- فقد توفت بمرض أصابها، درستني مادة العلوم في الصف التاسع ومادة الكيمياء في المرحلة الثانوية، كانت مادة العلوم معها مسلية ومرحة لذلك كنا ننتظر حصتها لما فيها من تشويق ومتعة. كانت الأستاذة سهام تؤمن بكل طالبة في فصلها وكأنها تهمس في أذن كل منا: "وفيكِ انطوى العالم الأكبر" وثقنا بأنفسنا وما كنا نتردد في الاستفسارات والتساؤلات ونطلب منها تحليلات علمية للتجارب وما كانت -رحمة الله عليها- تخجل أن تقول لا أعلم، بل كانت تقول فلنبحث معًا عن الإجابة.عندما كانت توزع الأنشطة على الطالبات لتختار كل منا ما تحب من الأنشطة كانت مادة العلوم تحت إشراف الأستاذة سهام في صدارة الاختيار، لم تكن المادة بحد ذاتها هي الأساس بل أسلوب المعلمة في التعامل معنا. لقد كانت معلمة قارئة، بيتها مليء بأرفف الكتب التي قرأتُ اليسير منها فقد كانت تعيرنا كتبها أحيانًا، ولن أنسى ذلك اليوم عندما كنت في الصف العاشر واتصلت الاستاذة سهام بوالدتي لتطلب مني أن أدرّسَ مادتي الأحياء والرياضيات لطالبة تحتاج لتقوية في المادتين، تُوفِّيَت الأستاذة سهام وهي لا تعلم أنها قد صنعتني معلمة بتلك الثقة التي منحتني إياها، معلمة تعلم الأجيال حتى هذا اليوم. أستاذتي الفاضلة أحمل لكِ كل الاحترام والتقدير.بعض المعلمات حريصات على بناء الإنسان كإنسان وليس كآلة، تعرف المعلمة المربية كيف تدخل لنفوس طالباتها وما الذي يرفع ثقتهن بأنفسهن ويجعل منهن لَبِنَات مُنِتجات في المجتمع، تعاملهن وكأن كل طالبة ذات شأن عظيم، تلك الإنجازات لا تتحقق بالعشوائية في التدريس، إنما تحتاج لوضع خطط تربوية تعليمية وتحديد الأهداف الإيجابية والسير عليها، فالمعلمة مربية قبل أن تكون ناقلة للمعلومات.الوظائف النفسية والاجتماعية التي ينبغي أن تقدمها المدرسة للطلاب

معلمة اللغة العربية

وفي هذه المحطة سأكتب عن معلمة اللغة العربية التي درستني في الصف التاسع، وكيف أحببت النحو معها، هي والدتي قبل أن تكون معلمتي، كانت تحرص حرصًا شديدًا على أن ننتقيَ أنا وإخوتي ألفاظًا وكلماتٍ عربية صحيحة في البيت لندرب ألسنتنا على لغتنا الفصحى، كانت تبحث كثيرًا وتقرأ كثيرًا وفي الفصل تُحِيلنا إلى كتبٍ خارجية متعلقة باللغة العربية للاستزادة ورفع مستوى ثقافتنا.كنت ومازلت أعتبر النحو كالرياضيات، ففي المادتين لا بد من معرفة القانون حتى نستطيع إيجاد الإجابة على السؤال، إن لم نفهم القانون لن نفهم أيًّا من المادتين. لقد بسّطت والدتي معلمتي مادة النحو ليسهل علينا فهمها فنستطيع أن نعرف الإعراب وحدنا دون العودة إليها. حصص الشعر وتحليلاته وشرح كل شطر وكل بيت من أجمل الحصص، كانت تحثنا دائما على تذوق الشعر وتندمج مع الأبيات كأنها تعيشها فتنقل إلينا شعورها بصدق. وقد كان للبلاغة والأدب نصيب من الشرح الوافي المستفيض. أحببت لغتي العربية من معلمتي التي ألهمتني الكثير. والدتي أُكنُّ لكِ كل الاحترام.

معلمة التربية الإسلامية

تعلمتُ من معلمة التربية الإسلامية في الصف الثامن الأستاذة "إيمان أبو جبل" أن أكتبَ عباراتٍ على لوحة صغيرة تبقى ماثلة أمام عيني طيلة الوقت، كانت تدخل الفصل وأول ما تفعل هو ترتيب السبورة وكتابة عبارات قصيرة جميلة ومؤثرة على طرفها. ثم انتقل هذا النشاط خارج الفصل فعلقتِ الأستاذةُ إيمان لوحة سوداء على الحائط تكتب عليها كل أسبوع عبارة نقرؤها كلما مررنا بجانب اللوحة. كانت تُغرس تلك العبارات المتجددة أسبوعيًّا في نفوسنا حتى وإن لم يظهر أثرها في ذلك الوقت فسيظهر حتما لاحقا.

معلمة اللغة الإنجليزية

أما معلمة اللغة الإنجليزية في الصف الثامن علمتني مهارةً خلاقة ورائعة، في يوم قالت لي: "إن دخلتُ بيتي أنسى هموم المدرسة، وإن  دخلت المدرسة أنسى هموم بيتي، ولا أخلط بينهما". مر على تلك العبارة دهر ولكنني أذكرها كأنها قيلت لي بالأمس. عبارة بسيطة ولكنها منهج حي لكل معلمة.نجاح المعلمة المربية ما هو إلا توفيق من الله تعالى، فقد أحيا الله على يديها أجيالًا، يحق لأولئك المعلمات وأمثالهن أن يفخرن بأنفسهن وأن يفرحن بإنجازاتهن في بناء الإنسان. السؤال الذي أطرحه وسيبقى مطروحًا أبد الدهر:"هل كل المعلمات مؤثرات ومربيات وستُخلّد أسماؤهن عبر التاريخ؟"أترك لكم الإجابة.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..