لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
العديد من كبار السِّن في المملكة المتحدة معزولون بمفردهم في منازلهم. وقد ترك هذا الانفصال عن الأسرة والأصدقاء، وعدم القدرة في كثير من الأحيان على مغادرة المنزل، الكثير منهم في صراعٍ مع العزلة وخَلَقَ لديهم شعورًا بأنهم يهدرون وقتًا ثمينًا من حياتهم.قالت "ماري فليتشر" البالغة من العمر (81) عامًا، وهي في أسبوعها التاسع من العزل المنزلي في شقتها في لندن
"لا أعتقد أنني سأستمر في القيام بذلك لفترة أطول، لن أتمكن من تحمل هذا. بدأت أشعر بأن الإصابة بكوفيد ١٩ قد تكون أفضل من تلك العزلة. وأعتقد أنني سأكسر الحظر الأسبوع المقبل وأرى عائلتي. أنا الآن على استعداد لخوض هذه المخاطرة. كل ما تقوم به الآن تقوم به بمفردك، من هنا تبدأ في إدراك مدى أهمية التواصل مع البشر: إن مجرد الحصول على عناق، أو احتضانك لأحد، أمر من هذا القبيل مهمّ للبشر، وإذا كنت محرومًا منه، فإنه يؤثر على صحتك".
حفيدة فليتشر تتسوق لها لكن عليها أن تترك المشتريات على عتبة الباب وتبقى على بعد مترين. تَعَلَّمَ ابنُ حفيدها البالغ من العمر (14) شهرًا المشي أثناء الحجر المنزلي، وبدأ للتوّ في تكوين الكلمات. تشعر ماري بالقلق من أن تفوتها فرصة الوجود إلى جانبه في مرحلة المعالم التطورية.أما بالنسبة إلى توماس ألين، الذي يعيش في يورك، فقد تفاقم ألم الانفصال عن عائلته بسبب فقدان زوجته "إلسي" التي توفيت قبل أسبوعين. كانا متزوجَيْنِ منذ ما يقرب من (59) عامًا. لم يقض الزوجان وقتًا بعيدًا عن بعضهما منذ أن التقيا قبل 60 عامًا، باستثناء ثلاثة أسابيع كان يقضيهما كلّ عام في الفترة ما بين (1960-1980) حيث كان يخدم حينها في الجيش الإقليمي.كانت "إلسي" تعاني من الخرف وكانت تعيش في دار للرعاية. حظر التجوال عَني أنه أُجْبر على إيقاف زياراته اليومية. قال:
"كنت أتساءل عن رأيها في عدم قدومي لرؤيتها، اعتقدتُ أنها قد تظنّ أننا لم نعد نريدها، وهذا هو السبب في أننا وضعناها في منزل. لم تستطع فهم ما كان يجري في الخارج، لهذا استسلمت. توقفت عن الأكل ولم تأخذ دواءها، أعتقد أن الحظر أخذها منا".
وفي حين أنه على اتصال بعائلته كل يوم، إلا أنه يشعر بأنه حزين بدونهم. قال:
"أعرف أنهم يحبونني، لكنهم لا يستطيعون أن يأتوا ليعانقوني. يتصلون بي ويراسلونني كل يوم، و هذا ما يبقيني على قيد الحياة."
يرى آخرون أن الحرمان من تنفس الهواء الطلق ورؤية المساحات الخضراء التي يزخر بها العالم الخارجي تضرّ كثيرًا. صدرت تعليمات لكثير من المسنين بأن يحموا أنفسهم، لأن الأوضاع الطبية المزمنة الكامنة مثل الداء السكري، والفشل الكلوي، وأمراض الرئة المزمنة تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بأعراض خطيرة إذا أصيبوا بالفيروس. لذلك كان على تلك المجموعة البقاء في المنزل.قالت جانيت بويد (٦٩ عامًا): «انزعجت كثيرًا عندما كنت أقود السيارة عائدة من زيارتي الأخيرة إلى المستشفى لأن العالم بدا جميلًا جدًّا في هذه اللحظة». "كانت جوانب الطرق مليئة ببقدونس البقرة والأزهار البرية، وأنا أفتقد الربيع والصيف. أنا محظوظة جِدًّا لأن لديّ حديقة، لكنها لا تعوض كوني غير قادرة على الخروج».لدى بويد
سرطان عضال، والحظر يجعلها تشعر أنها تضيّع وقتًا ثمينًا. قالت "لم أبلغ بعد الـ(٧٠) من عمري، لكنني أعرف أن وقتي قد بات محدودًا". "عدم القدرة على الاستمتاع بالأشياء التي طالما أستمتع بها ورؤية عائلتي أمر صعب".أنا قلقة من أنه قد يكون لدي وقت أقلّ معهم مما كنت سأحصل عليه لولا هذا الحظر". وأضافت قائلة "إن خوفي هو أن أُصاب بهذا الفيروس وقد أموت دون أن أراهم أبداً". ولكن على الرغم من هذا، فهي لا تعتقد أن كسر الحظر هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله. قالت: «الأمر صعبٌ جدًّا، لكنني أشعر بالأمان حيث أنا، وبينما أشعر بالوحدة، أشعر أيضًا أنني مَحمِيّة مما يجري في الخارج». "هناك أناس آخرون لا يملكون هذا التَّرَف. إنهم يرمون العمال ذوي الأجور المنخفضة بلا حماية في مواجهة تلك المخاطر".العديد من المُسنِّين أيضًا يفتقدون الأصدقاء والأنشطة والحياة الاجتماعية. قالت جوديث باين (٨٠ عامًا)، التي تعيش وحدها في بلدة تقع على الحدود الويلزية: "أفتقد الناس بشدة". «أعيش في بلدة صغيرة ودودة بها متاجر في نهاية طريقي، وعندما أخرج عادة أقابل شخصين أو ثلاثة أعرفهم ونتوقف ونقضي الوقت معا. منذ فرض الحظر لم أذهب إلى أيّ متجر".تشارك "باين" بنشاط في مجتمعها المحلي، فهي رئيسة فرع حزب العمال المحلي وصديقة لمستشفى البلدة. قالت "باين": إنه كان من الصعب التكيف مع فقدان تلك الأنشطة الاجتماعية. "لقد توقف نادي الأفلام المحلي، وأعضاء نادي الكتاب لم يعد بإمكانهم أن يلتقوا. توقفت كل الأشياء التي كانت مهمة بالنسبة لي كشخص مُسِنّ بدون وظيفة، وبدون هدف تقريبا". على الرغم من أنها حريصة على البقاء بأمان، قالت "باين" إنها لم تكن قلقة بشأن الإصابة بالفيروس. "أبلغ من العمر (80) عامًا، وفي كل الأحوال سأموت بسبب شيء ما. قالت صديقة لي إنها تشعر أن تلك الإجراءات المتعلقة بشأن الحظر تفسد عليها سنوات شيخوختها، وأنا أيضا أشعر كذلك. اضطررت إلى إلغاء ترتيبات الإجازة، كنت أرغب في رؤية عائلتي. أحب رحلة القطار التي أذهب فيها إلى لندن لزيارتهم".وأضافت: "ليس لدي الوقت الكافي لانتظار انتهاء مثل تلك الإجراءات". "وقتي قصير في هذه الحياة وكنت أرغب في الاستمتاع به".
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد