لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
إنه الشاي، ذلك المشروب السحري الذي ألهم الكثير للكتابةِ عنه، وهو كذلك المشروب البسيط ذو المذاق الغني والفريد، الذي يتناغم مع قطعة حلوى صغيرة، تذوب في فمك، فتجعل مُر الحياةِ حلوًا.وفي هذا، يأخذنا الكاتب الألماني الشهير "كريستوف بيترز" في رحلةٍ مٌمتعةٍ مع كتابه "الشاي ثقافات.. طقوس.. حكايات"، ليُطلعنا على ثقافة الشاي في عدة بلدان منها، اليابان، الصين، مصر، وتركيا، والطرق المتنوعة في إعداده، وطقوس شربه المختلفة المميزة والتي عشقها هو شخصيًّا.يذكر الكاتب في بداية حديثه عن مدى حبه لمصر منذ أن كان طفلًا، حيث كان يراها بلدًا ساحرًا مليئًا بالألغاز والمعجزات، ويوجد بها الأهرامات وأبو الهول.حيث جرت أحداث كثير من القصص الواردة في الإنجيل في منطقة الأهرامات وأبو الهول. ومنها قصة فرعون الذي عاقبه النبي موسى بأن أغرقه في البحر. أعجب الكاتب أيضًا بالملكة "كليوباترا"، ومغامرات "كارا بن نمسي" التي ألفها "كارل ماي". واستطرد قائلًا:لقد اقشعَرّ بدني عندما قرأت عن لعنة الفراعنة التي أصابت كل أفراد الفريق الذي عمل مع "هوارد كارتر" على مدار عقود، بعد أن اقتحموا مقبرة توت عنخ آمون.إن الشاي لا يُعدّ مشروبًا له تأثير مُنبه فقط، بل إنه وسيلة يجتمع عليها الأصدقاء، والأقارب للتسامر، وتجاذب أطراف الحديث، وقضاء ألطف الأوقات معاً. وهو مشروب التأمل في الذات والبحث عن معنى الحياة. فعندما تُمسك بالكتاب وتبدأ في قراءته، سيبنتابك شعور بأنك بصحبة مُحب، متيم، ومُولع بالشاي، يطوف بك في جولة صغيرة مثيرة في العديد من البلدان، لتتعرف عن كثَب على ثقافة شرب الشاي وطقوسه في البلدان المختلفة.
نشأة الشاي
يذكر لنا الكاتب بداية نشأة الشاي فيقول:إن الخبراء متفقون على أن أصل نشأة الشاي يرجع إلى الصين، وبالإضافة إلى شجيرة الشاي الصينية والمعروفة باسم "الكاميليا الصينية"، والتي تنتشر من مرتفعات إقليم "ستشوان" بامتداد ضفة نهر اليانغستي نحو الجنوب. لا يوجد شك في أن اكتشاف الاستخدام العلاجي والإمتاعي للشاي يرجع إلى الصين، وأن الصينيين هم أول من بدأ في إضفاء صبغة حضارية على نبات الشاي.حيث توجد أسطورة تدور حول "الإمبراطور الأسطوري ذي الغلال الخمسة"، وهو الإمبراطور "شين نونغ"، الذي كان يعيش ويتولى مقاليد الحكم قرابة (2600) قبل الميلاد. لقد حظي هذا الإمبراطور بالتبجيل والتعظيم بوصفه أول من اعتنى بفلاحة الأرض، كما تمتع بحالة من القدسية تُقارب درجة الألوهية، لذا دشَّن له الصينيون العديد من المعابد، ويُقال إنه اخترع المِعْول والمحراث والفأس، وعلاوة على ذلك فإن "شين نونغ" يُعتبر هو مؤسس الطب الصيني، بما فيه العلاج بالإبر الصينية. وقد دُوِّنت نتائج أبحاثه التي أجراها في "كتاب المزارع الربّاني عن الجذور والأعشاب"، حيث تعود أقدم نسخة من هذا الكتاب إلى عهد حكم أسرة "هان الغربية".أما بالحديث عن موطن الكاتب الأصلي وهو "فريزلاند الشرقية" فقد أعرب عن مدى عمق تأصل ثقافة الشاي لديهم، حيث إنهم الوحيدون في ألمانيا الذين طوَّروا ثقافة شاي مستقلة بذاتها. ويرجع ذلك إلى الدور الاستثنائي الذي لعبته "فريزلاند الشرقية" في ثقافة الشاي الألمانية هو وقوعها مباشرة بجوار هولندا.