لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
في أحد الأيام قررت أكتب سلسلة مقالات من تجربتي الذاتية، من خلالها سأجيب على سؤال يبدأ بــ"كيف"، وبمجرد قراءتي للأفكار التي اقترحها موقع "زد" من ضمن أفكار المقالات المقترحة لكل من انطلق في رحلة
سباق الخمسين، قررت نشر سلسة "كيف" على منصة "زد" ولا أخفي عنكم سرًّا أنا متشوقة جدًّا للفوز بالسباق؛ لأنه يذكرني بكل المسابقات الرياضية التي لم أشارك فيها قط، طبعًا لأن والديّ كانا يعاملاني كنبتة الفاصوليا المزروعة في القطن؛ لهذا حُرِمت من أيّ نشاط رياضي.واليوم قررت أن أبدأ معكم سلسلة "كيف ..من تجربتي الذاتية" بـ "كيف تؤثر على حياة الآخرين بإيجابية" فكرة المقالة جاءتني بسبب جملة ترددت على سمعي كثيرًا مؤخرًا، جملة من شأنها زيادة جرعة الثقة بالنفس لأي شخص، وهي"أنت أجمل حاجة حصلتلي في حياتي" قبل أن أتابع حديثي أودّ أن أخبركم أن تلك الجملة تكررت من أمي وأبي وصديقاتي، طبعًا أنا على يقين أن تلك الجملة رددها -حتى ولو سرًّا- أغلب الأشخاص الذين مرّوا بحياتي، أعلم أنكم ستقولون الآن يا لها من مغرورة؛ لكن الغرور وحب الآخرين بدون مقابل لا يجتمعان أبدًا؛ لذلك لا تحكموا على أي شخص إلا بعد معرفته جيدًا، خاصة في أوقات الأزمات.الآن دعونا ندخل في صلب الموضوع ونعرف سويًّا ..
كيف تؤثر على حياة الآخرين بإيجابية؟
1- عاملهم أفضل مما يستحقون
من أكبر الأخطاء التي نقع فيها نحن البشر هي "
معاملة الآخرين كما يعاملوننا" هناك مقولة أعشقها
لعباس العقاد يقول فيها:
"الناس فيهم الكاذب والغشاش والخائن والمخادع فلو أنك عاملت كل إنسان بما فيه من صفته لاجتمع فيك ما تفرّق فيهم"
وهنا أول قاعدة سأخبركم عنها؛ فمنذ صغري وأمي وأبي وكل من حولي يصفونني بالأخلاق العالية، فقط لكوني شخصية محايدة ولا تجرح الآخرين، أمي حتى هذه اللحظة تخبر بنات أختي بما فعلته في صغري حينما كان أخي الصغير وأختي الكبرى يتشاجرون علي إضاءة أنوار الصالة أمام غرفهم، في تلك الأثناء لم أخبر والديّ كيف ولماذا حدث الشجار، خوفًا من غضب أبي عليهم.أصدقكم القول لم يكن هذا هو السبب الرئيس؛ لكني أيضًا كنت أريد ألا يطول الأمر وأشعر أني الطرف الثالث -الشخص الشرير- بينهم، كنت ولا أزال أرغب في جعلهم يصفّون أمورهم بدوني، ومنذ ذلك الحين وأنا أعامل الآخرين بأفضل مما يستحقون، من أجل ضميري؛ لأني لا أستطيع النوم إذا أسأت لأحدهم.
2-الشفافية والأمانة
طبعًا لن أخبركم بشعارات؛ فأنا لا أنوي الترشح في مجلس الشعب! لكن سأخبركم عن قصة حدثت معي أثناء عملي:في أحد الأيام تشاجرت مديرتي المباشرة مع صديقتي، في تلك الأثناء كان معي عميل هام على الهاتف فاضطررت أن أنهي حديثي معه، طبعًا وقتها استأت من كلتيهما لأن مشاجرتهما أثرت على عملي؛ لكني حاولت أن أنهي الشجار وأصلح بينهما؛ لكن الأمور تخطتنا جميعًا وعلم المدير التنفيذي بالأمر، لم تمض دقائق واستدعاني المدير التنفيذي لمكتبه على الرغم أن هناك ثلاثة آخرين غيري شهدوا الواقعة.طبعًا هو كان يريد شخصية محايدة لإخباره بالتفاصيل، دخلت وإذا بمديري التنفيذي وأخيه ومحامي الشركة يستجوبوني في آنٍ واحد، طبعًا أنا شعرت كأني أمام المحكمة، وقتها خفت أن يطالبوني بحلف اليمين، قلت في نفسي يا ربي ماذا لو ظلمت أحدهما دون دراية، أتذكر أنه قال لي "أخبريني ماذا حدث واختصري"؛ ولأني أتحدث كثيرًا -تلك هي النقمة الوحيدة التي أخذتها من الصحافة- لهذا مديري طلب مني عدم الإطالة، وقتها نسيت أنه مديري وقلت له بجدية: "لا.. لازم تعرف التفاصيل لأنها أمانة".وسردت له التفاصيل، وأخبرته في النهاية إن كلتيهما على خطأ لأن العمل ليس مكانًا للشجار الهمجي، وكأننا في الشارع نتشاجر عمن كسر إشارة المرور أولًا، بيت القصيد هو ألا تجعل من نفسك حكمًا وقاضيًا إلا إذا طُلب منك ذلك، وإذا وضعت في هذا الموقف لا تخشى خسارة من تحب، فقط لا تظلم أحدًا ولا تحمل عبء خيانة الأمانة، ولا تكيل بمكيالين.
3-تعامل مع البشر كأنهم بشر
أغلبنا مع الأسف يتعامل مع الآخرين بناء على معايير مختلفة، فهذا سأضحك له لأنه صديقي، وذاك سأجعل حياته جحيمًا لأنه عدوّي، أنا لا أتعامل مع البشر هكذا أبدًا، كل ما أفعله هو تجاهل من لا أحب تواجدي معهم، الغريبة أن هناك مقولة قرأتها كانت عن العلاقة بين الأعداء والنجاح؛ فكلما زاد أعداؤك كلما كنت شخصية ناجحة، ولوهلة تشكّكت في نفسي، واعتقدت أنني فاشلة لأن حياتي تخلو من الأعداء؛ ولكن بعدها اقتنعت أن الأعداء ما هم إلا أشخاص أسأت معاملتهم بشكل أو بآخر لهذا قرروا الانتقام منك؛ لكني لم أسئ معاملة أحد قطّ؛ فحياتي وصحتي النفسية غالية ولا أنوي التفريط فيهما من أجل صراعات لا داعي لها.
3- كُن جراحًا للنفسية!
أعلم أن العنوان غريب وغامض؛ لكن دعونا نتفق في البداية أن البشر بداخلهم (3) أنواع للنفس (اللوامة والأمارة بالسوء والمطمئنة)، وللعيش بسلام مع البشر علينا التعلم كيف نقوم بعملية تشريح لفصل كل نفس على حدة، والتعامل مع الآخرين وكأنهم لا يملكون أبدًا نفسًا تدعى النفس الأمارة بالسوء، أعلم أن الأمر صعب في البداية؛ لكن هناك طريقة واحدة فقط لتتواصل مع النفس اللوامة والمطمئنة ألا وهي مخاطبة القلوب، انتبه لما وراء الكلمات، افهم مشاعرهم جيدًا، تخيل إن مهمتك أثناء تعاملك مع الآخرين أن تجردهم من صفاتهم البشرية الأنانية والجشعة وتبدلها بالصفات الملائكية.ستقولون إن هذا ضرب من العبث، والبشر ما هم إلا بشر لن يتحولوا أبدًا لملائكة، إذن سأعود وأخبرك أننا نملك نوعين من النفس الجيدة في مقابل نفس واحدة أمارة بالسوء، الآن النتيجة هي اثنان مقابل واحد، إذن من سيربح في النهاية؟قبل أن أختم معكم أريد أن أخبركم أني مثلكم تعرضت للخيانة وللظلم، لدرجة أني كنت في يوم من الأيام فأر تجارب؛ لكني قررت أتحدث عن حياتي وأجعلها عبرة للآخرين ليس فقط بسبب ما عانيته من البشر ومن المقربين لي؛ لكن كان هدفي ولا يزال هو إظهار مدى تحمّلي لكل تلك الأحداث المأساوية التي مررت بها، وكيف تسامحت مع أخطاء البشر تجاهي، لا أريد أن أتباهي بنفسي وكأني ملاك هبط علي الأرض فجاءه، بالعكس أنا فخورة بنفسي لأني لازلت ألتمس للآخرين الأعذار رغمًا عن مساوئهم، لأني لم أكره أحدًا على الرغم من أذيته لي، أنا نفسي أشعر بالتعجب والحيرة كيف لم أشعر بمشاعر الكره والحقد والحسد والانتقام حتى الآن، ربما أحدهم عبث في إعدادات مشاعري وضبطها علي المؤشرات الإيجابية فقط.
في الختام أود أن أخبركم أن لكل شخص من اسمه نصيب؛ فأنا بالنسبة للآخرين "هبه" منحهم الله إياها؛ لأن سعادتي نابعة من مساعدة الآخرين، والاستماع إليهم، أحبهم ولا أنتظر منهم مقابلًا، أسامحهم على الدوام، ولا أكره أحدًا، فقط أتجاهل من لا أشعر بالألفة في جوارهم، وقبل هذا وذاك أعامل البشر على أنهم خطاؤون، فإذا أردت عزيزي القارئ أن تؤثر بإيجابية في حياة الآخرين عليك أن تتعامل معهم من منطلق صفاتهم البشرية، ولا تعاملهم كملائكة فيخيب ظنك فيهم، ولا تعاملهم كشياطين فتفقد الأمل في إصلاحهم ومسامحتهم.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد