لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
إن أول ما يزج بالذين أعلنوا إلحادهم على الملأ هو القياس العقلي للأوامر والنواهي الإلهية، والمضي في مناقشتها بما يتواءم -في نظرهم- مع العقل والمنطق بمعادلة "1+1=2"، إذن فهل في هذا الصنيع وذلك الصدد على حقّ أمْ ضلوا الطريق؟نقول: إن العقل والمنطق أداتان دنيويتان لا غنى عنهما لأي بشر إلا لعذر، مثل عدم البلوغ أو الأمراض العقلية والنفسية، مهمتهما هي تسخير المعطيات الدنيوية الملموسة أو المجردة بمنهاج يغرض إلى نتائج دقيقة تصاغ على هيئة حقيقة مسلم بها.والمقصود بأنهما "أداتان دنيويتان" أن الحيّز الذي يصلح فيه إعمال العقل والمنطق هو الدنيا، والمشاهدات العينية والمدركات الحسية التي يبنى عليها الحكم النهائي، فمعنى ذلك أن الأمور الغيبية كالإله وما يدبره ويدير به كونه لا تخضع لهما، كذلك الأمور الإيمانية؛ لأنه إذا وقفنا وتمعنا في الحقيقة نجد أنه لا تلاقِيَ بين العقل والإيمان، ولا أقول إنهما متعارضان البتة، بل أقصد أنهما لا يتقاطعان في جهة، غير أن الإيمان قد يفجر طاقات تغييرية قد يعين عليها العقل ويشرع في سبر أغوارها، فإنك وأنت معدم يلم بك شظف العيش لكنك مؤمن جدًّا أنك ستصل إلى رتبة الأغنياء، ثم تقوم بالكد والكدح من أجل الوصول إلى تلك الرتبة، فما يعينك على ذلك غير إعمال العقل فيما تملكه هذه اللحظة.إذن فليست كل القياسات تصلح أن تؤخذ في اعتبار العقل الإنساني، لأن كثيرًا من العبادات الدينية لا تتلاقى مع العقل وذلك لا يسوؤها ولا يقلل منها، بل وقد يصل بعضها إلى حد التنافي مع العقل الإنساني، لكنها قائمة لسبب، فمنها ما يختص بقياس درجة الإيمان في القلب، نحن نرى عبادات مثل الصيام والجهاد في سبيل الله والإنفاق في وجوه الخير، كلها لا تتقاطع مع المنطق العقلي، إلا أنها تنازلات إيمانية تطمئن بها نفس المؤمن، وتزيد من إحساسه بمعنى وجوده.إذ هو يفعل كل ذلك من أجل رقابة فوقية، كلما شق عليه الصيام تذكر أنه ينظر إليه ويراه، فإنها خطوة في سبيل توطيد دعائمه، وترسيخ القيمة الدينية، كل ذلك لو تم إخضاعه للمنطق والحجة فقد الإنسان الإحساس بمعناه الحقيقي، ولم يعد قادرًا على مواصلة الحياة إذ لا معنى بلا مشقة، ونجد أن أكثر المُقدِمين على الانتحار هم ملحدون في الدرجة الأولى أكثر منهم متدينون.Loading Offers..
100
100
100
إعمال العقل..هل تُقاس الماهية الإلهية بالعقل؟
التصنيف :
زد
- في :
5:04 ص
-
لا يوجد تعليقات
Youssef
- تواصل معي :
- fb
- tw
- gl
ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :
0 تعليقات المدونة
تعليق الفايسبوك
Loading Offers..