لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
بعض الشباب سيبتسم عندما يقرأ العنوان متذكرين مسلسل الفنانة التونسية "هند صبري" والذي عرض منذ سنوات تحت عنوان "عايزة أتجوز". هل شاهدت هذا المسلسل قارئي العزيز؟ إن لم تشاهده فسأعطيك نبذة بسيطة.بطلة المسلسل شابة ثلاثينية العمر، تعمل لتعول نفسها بنفسها، ولكن يجب عليها أن تتزوج لعدة أسباب وضعت "يجب"، فالبطلة عربية مصرية تعيش في مجتمع، عندما تتخطى فيه الفتاة سنًّا معينًا وغالبًا هو آخر العشرينات، توصم بصفة الـ"عانس"؛ ولأشرح لك ما أنت مدركه قارئي العربي العزيز فأنا سأقولها بمنظور أنثى.. الـ"عانس" بكل بساطة هي فتاة تفقد فرص زواجها لأنها تخطت سنًّا معينًا قد وضعه المجتمع لها، حد أو خط عندما نصل له يجب علينا أن نرفع راية الاستسلام ولنخرج من السباق بزعم من وضعوا قوانينه، لنفسح المجال لمن هم أصغر منا أو أجمل أو أذكى لكي لا تصل لما وصلت له العانس.لذا تتحرك البطلة في ذلك الاتجاه، حيث تصبح كل حياتها وكل المواقف التي تحدث داخل فقاعتها تتمحور حول الرجال والبحث عنهم. تلك الحلقات ما أزال أتذكرها، خاصة الحلقة الأخيرة التي جعلتني أدرك أن ذلك القالب الكوميدي ما هو إلا إشارة للعبث والسراب الذي تبحث عنه تلك الأنثى الجميلة خفيفة الظل.
مواقف من المسلسل أم واقع نعيشه؟
سأكون ظالمة إن قلت لك أنني لا أحب هذا المسلسل بشدة، وسأكون ظالمة أكثر لمجهود "هند صبري" و "سوسن بدر" وبقية فريق العمل. إذا نظرنا لما يناقشه المسلسل، فسنعلم أن الكوميديا سوداء. سنرى مثلًا ضابطًا يدخل المنزل، وهو زواج صالونات، ليدخل قائلًا إنه سأل عنها مباحث الآداب! .. هناك موقف آخر لعريس يريد من زوجته العمل لأنه لا يريد أن يصرف وحده على المنزل! ومواقف كثيرة للبخيل، ومن يريد مواصفات جسدية معينة في عروسه، وهناك من يريد أن يتحكم بها لتترك العمل أو ما شابه.تلك المواقف يمكن أن تمر بها الأنثى في الواقع كثيرًا بل المضحك وسبب نجاح المسلسل أن المواقف واقعية بصورة مريبة. تحكي لي صديقاتي الكثير من تلك المواقف التي تحدث كما حدثت في المسلسل بالضبط. فما الذي يحدث في حياة الأنثى العربية؟
شر لا بدّ منه!
أمس زارتني خالتي، جلست وبعد حديث مطول عن عملي وأصدقائي وآخر ما يحدث في العالم وما أخبار الكورونا، سكتت ثم فجأة: متى ستتزوجين؟ يجب أن تتزوجي فالزواج "شر لا بدّ منه". وعندما قصصت لها أنني لا أمانع الزواج ولكنه فقط أزمة أن أجد الزوج المناسب والرجل الذي سيسير بجانبي ولن يسمح أن أسير خلفه أو يسير هو خلفي.. فقط قالت لي بجدية بسرعة قبل فوات الأوان.
العنوسة في الوطن العربي والعالم
تختلف عقليات الشعوب تبعًا لما مرّوا به في التاريخ من ظروف بيئية واجتماعية، تلك الظروف وتعامل الشعب معها مع الوقت والتطور والتغييرات التي تحدث من حولنا وداخلنا تؤدي إلى عادات وتقاليد تسير فترات مع الشعب ثم تندثر أو تتحور لعادات أخرى .. يمكن للتقدم أن يمحى بعض آثار الأجداد ويمكن أن تتمسك الشعوب فترات طويلة وتجعلها تتناسب مع العصر الحديث.فلننظر هنا لمسألة الزواج التي كانت في الماضي لدي العرب ضرورة، فالمرأة في الماضي كانت تعتمد اعتمادًا كليًّا على الرجل وعلى النسب وأن تنتمي لعائلة زوجها، وأن توصم بالاتهامات تلك التي لا يأتي طالب لنسبها ولها. اليوم لم نختلف كثيرًا عن الماضي، فالفتاة تُعد منذ الصغر لكي تصبح زوجة، يُمكن أن تصبح متعلمة وعالمة أو عاملة حتى .. هناك الكثير مما يتاح لها في الكثير من الدول العربية، ولكن من غير المسموح أن تعيش دون زواج، فلا توصم بالاتهامات كالماضي، ولكنها توصم أنها حزينة، أو وحيدة أو تشعر بالنقص، وذلك في أغلب الأوقات يرجع لأن الآخرين يروا أن المرأة لن تستطيع العيش بدون زوج أو صفة "متزوجة".أما في العالم الغربي، فلم يكونوا مختلفين عنا، بل هناك عصور مظلمة في العالم الغربي كانت تعتبر المرأة فيها كأداة متعة مملوكة لزوجها، كانوا يعاملون المرأة على أنها كائن أدنى وأداة من أدوات الشيطان، غير قابلة للتعلم، لا عقل لها، ولا تستطيع أن تعيش بمفردها. مع الثروات العلمية في الغرب، أصبحت المرأة تناهض ما يحدث ضدها، تثبت نفسها في جميع المجالات، حتى وصلنا للعصر الحديث .. وقتنا الحالي. الوقت الحالي لا يوجد ما يسمي بـ"عانس" في العالم الغربي.في العالم الغربي، النساء تود الاستقرار والأسرة والحب والوئام ولكن ليس بالضرورة، أي أن المرأة التي لا تتزوج لا توصم في وسطها بالحقد أو الوحدة. المرأة هناك تعمل وتخرج وتدخل في علاقات مفتوحة كما تريد حيث يمكنها الاختيار أن تبقى دون التزامات ومسؤوليات. إذا أيًّا ما كانت عاداتهم وتقاليدهم أو حياتهم ومسارها، فنحن نناقش فكرة الزواج والعنوسة. لسنا هنا للمقارنة، ولكن عند النظر لتلك النقطة فالعالم انقسم لقسمين: قسم يرى أن الزواج ليس إنجازًا، وقسم يرى أن الزواج ضرورة للإنسان.أما أنا فأرى أن الزواج هو تآلف روحين، لكي يمروا بصعاب الحياة سويًّا، التفاهم والشراكة واجبة، ولكنني لن أتزوج أي شخص فقط لكي لا أحمل لقب "عانس"، أنا مستعدة للبقاء وحدي في مواجهة الحياة محاطة بأصدقائي وأهلي وعملي وتحدياتي ولكنني لن أخضع لوصف لا أعرف كيف ومتي ظهر ولماذا ولكنه يحصرني في مكان غير مكاني.
إليك أيضًا:
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد