لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
يُقصد بالسيطرة الشخصية هي أن تكون لديك حرية الاختيار في توجيه حياتك. فعملية السيطرة تبدأ بتغيير رؤيتك للواقع. أنت الذي تصنع واقعك وواقعك اليوم هو نتيجة لاختياراتك. يحاول د. جاري جابل من خلال كتابه “السيطرة الشخصية” أن يقدم خطة عمل من أجل تحقيق الرضا الوظيفي، ولحياةٍ مهنيةٍ مليئة بالتفاؤل. موضحًا بأنه ليس بإمكانك أن تحقق السيطرة الشخصية بين عشيةٍ وضحاها، فالعملية لها أساليب وطرق وتحتاج إلى الممارسة والتدريب، وكذلك ينبغي عليك أن تتخلص من الأفكار التي تعزز من التفكير بطريقة الضحية.
وفي كتابه العديد من السيناريوهات والتمارين أهمها تمرين تستنج منه خطأ رؤيتك لحقيقةٍ ما
تذكر معتقد كنت تؤمن في وقتٍ ما من حياتك بأنه صائب، ثم اكتشفت أنه لم يكن كذلك. مثال في جانب العمل “رئيسي في العمل لن يقوم بترقيتي” أو غيرها من جوانب الحياة.ثم حدّد الأسباب التي كانت تجعلك على يقين من أن هذه الحقيقة كانت مطلقة ودائمة حينها.
على سبيل المثال هنالك شخص أنت معجبًا به هو من أقنعك، أو حصرت تفكيرك على حقائق معينة وتجاهلت أخرى.. وغيرها من الأسباب بعد ما تحدد دقّق النظر لتعرف إلى أي مدى كنت مسيئًا في فهمك للواقع حينذاك وحدّد هل حرمك هذا من اقتناص فرصةٍ وظيفيةٍ متاحة حينها؟ أو هل أضرّ بك في وظيفتك؟ أو تسبب في عدم شعورك بالتآلف مع الآخرين لأنهم يرون الحقيقة بصورةٍ مختلفة؟ أو جعلك فظًّا وغير منطقي في تفكيرك وألحق بك الضرر في أي علاقات؟
مهم جدًا هذا التدريب أن يكون نصب عينيك حين تبدأ عملية تحقيق السيطرة الشخصية لنفسك كونه سوف يعرفك بأن الواقع أكثر مرونة.
تأثير المعتقدات
يرى “جابل” بأن لكلٍ منّا توجهاتٍ عقليةٍ عن الحياة ننظر عليها على أنها مُطلقة كما هي حال المُسلّمات في الرياضيات. وهذه التوجهات العقلية هي المعتقدات الأساسية التي تتعلق بأنفسنا والآخرين والعمل والأسرة والأصدقاء وتقريبًا كل جانب من جوانب الحياة.
متى تتشكّل هذه التوجهات العقلية "المعتقدات"
يذكر بأنها تتشكّل نتيجةً للرسائل الأولى التي تلقّيناها من آبائنا ومُعلّمينا الأوائل ومن الأطفال الذين برفقتك. أحيانًا تكون هذه التوجهات العقلية سلبية وتعمل ضدّنا وأحيانًا إيجابية وتعمل لصالحنا ولكن في كل الحالات هي ترسّخ في أذهاننا ويصبح من الصعب التخلّص منها.
ونستند للتوجهات العقلية أثناء وضعنا لقواعد السلوك وقد نُطلق عليها الحيَل الدفاعية، وهي التي توجّه أفعالنا اليومية والتي تُبنى على أساس توجهاتنا العقلية، ويصحب هذه الدفاعات حديث النفس الذي يدور في رؤوسنا باستمرار، ويبدأ حين متى قابلنا شخص جديد أو وقع لنا حادث في حياتنا اليومية. وقد تقوم بأفعال دون أن تلتفت إلى معتقدك، ولكن علينا أن ندرك بأن ما نفعله هو ينبني على أساس ما نعتقد.
لذلك حالك الذي أنت عليه اليوم هو نتيجة لتوجهاتك العقلية. والأفكار التي لديك الآن هي التي تحدّد مستقبلك، ولكن يمكنك أن تغيّر مستقبلك بمجرد تغيير أفكارك. إذن السلوك والمعتقدات متلازمان. وتستطيع أن تعرف أفكارك ومعتقداتك من خلال سؤال توجّهه لنفسك "ماذا لو ….."
مثلًا ماذا لو كانت لديك فرصة ترقية تحلم بها؟ هل تتوافد في ذهنك أي شكوك حول قدرتك على هذا من خلال إجاباتك على ماذا لو تأمل، هل كنت متفائلًا أم متشائمًا؟ هل كنت تشكّك في قدراتك أم كانت لديك الثقة، ما الذي تخبرك بها توجهاتك العقلية التي تتعلق بقدراتك وبعملك، من المحتمل كنت شكاكًا ومتشائمًا نوعًا ما إن أغلبنا كذلك، بسبب أننا لا نمارس سيطرتنا الشخصية بصورةٍ طبيعية، الحل في تعديلك لمعتقداتك.
القفز عبر الأطواق
يعني “جابل” بأن البعض يحدث له شيء مماثلًا لما يحدث لكلاب السيرك التي تقفز عبر الأطواق لإرضاء مدربها في عروض السيرك! ويحدث ذلك نتيجة لأنك تتبنى طريقة غير مثمرة في التفكير تنافي السيطرة الشخصية. وهذه الطريقة توهمك بأن قيمة ذاتك لا يمكن أن تتحدد إلا من خلال أعين الآخرين. المشكلة أنك لا تستطيع أن تحقق السيطرة الشخصية لنفسك لأنك “بعت” نفسك لشخصٍ آخر.
لذلك لا تربط مشاعر النجاح والإنجاز باستجابات الآخرين وردود أفعالهم. فلا يمكنك أبدًا إرضاء الجميع، اختر الأفعال التي تراها صائبة بالنسبة لك وسلّم بحقيقة أنك حتمًا ستجد دائمًا من هو على استعدادٍ لأن ينتقدك. فالسيطرة الشخصية هي اعترافك بأنه بإمكانك أن تكون حقيقة ذاتك فقط وأن تحاول كي تقوم بما هو صواب. أحيانًا سيوافق الآخرون على أفعالك وقرارتك وأحيانًا لا.
النجاح المشروط
يرى "جابل" بأنه صورة من صوَر القفز عبر الأطواق، وهو يمنعنا من تحقيق السيطرة الناجحة فبدلًا من القفز عبر الأطواق من أجل إرضاء الآخرين، نحن هنا نقفز استنادًا إلى أفكارنا المضلّلة عن النجاح والسعادة وبدلًا من أن نحقّق أحلامنا وأهدافنا، نحاول تحقيق أهداف وهمية خادعة. كونها مستندة إلى الطريقة التي يصف بها الإعلام أو المجتمع أو الأصدقاء عن النجاح والسعادة.
فمثلًا أنت قد تشعر بأنك لم تحقق إنجاز بالفعل إلا بعد أن تشتري بيت ولن تبلغ النجاح حتى تتقاضى راتبًا مُعيّنًا وهكذا. ويبدأ هذا الإحساس منذ الصغر منذ أن ربط نجاحك بتقدير ممتازٍ في جميع المواد. وعادةً ما يُعرف الناس النجاح من خلال المفهوم المادي، أو الشهرة، أو العلاقات. ليس خطأ أن ترغب فيها ولكن لا ترهن سعادتك ونجاحك عليها.
فخ المقارنة
ينوّه "جابل" بأن من يجعل إحساسه بالسعادة مرهونًا باعتراف الآخرين بنجاحه إنه يقفز عبر أطواق المقارنة. ويدعونا الإنترنت والإعلانات وغيرها من وسائل الإعلام إلى أن نقارن أنفسنا دومًا بالآخرين. مثل مقارنة نفسك بصورة مُمثّلٍ أو رياضي، نحن بهذا نجعل مفتاح النجاح الحقيقي والسعادة في مكانٍ يستحيل علينا الوصول إليه، وهذا يجعلك تتخلى عن قدرتك الشخصية على السيطرة على حياتك.
ويضع جابل خطوات تحويل التفكير السلبي إلى تفكير قائم على السيطرة
1. حدّد فكرة سلبية.
2. تتبع هذه الفكرة لتصل إلى منبعها جذرها أين هل كانت من أحد معلميك.
3. حدد افتراضاتك التي قد تكون خاطئة مثال لافتراض “أنت في حفلة، أنهم لا يريدون التحدّث معي”
4. تأمّل النتائج المترتبة على التمسّك بهذا النمط من التفكير.
5. قم بتوليد البدائل مثال أن أبذل جهدي في الحديث مع 3 أشخاصٍ في الحفلة.
6. أعد صياغة أفكارك السلبية بأنك قادر على التغيير.
7. حدد رسائل يمكن أن توجّهها لنفسك وتكون مثمرة في موقفٍ معيّن. مثلًا “قد لا يرغب البعض منهم في التحدث إلى لكنني سوف أبيّن لهم كم هو مهم أن تتاح فرصة مقابلتي”.
8. ابتكر سيناريو أسوأ حالة من أجل تغيير أفكارك في هذا الظرف. مثلًا “ما أسوأ ما يمكن أن يحدث إن دخلت الحفلة وقمت بالتحدث مع الآخرين؟”
9. قم بالتركيز على سيناريو أفضل حالة.
10. تخيّل نفسك وأنت تستجيب بسلوكيات تقوم على أساس السيطرة.
11. خطّط متى ستقوم بتحويل تفكيرك القائم على السيطرة إلى واقعٍ عملي.
وأخيرًا يؤكد “جابل” بأن من ينتهجون أسلوب التفكير القائم على السيطرة هم أشخاص مسئولون.