Loading Offers..
100 100 100

لماذا يشارك الكلاب الطعام مع أصدقائهم بينما لا يفعلون ذلك مع الغرباء؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

كثيرًا ما احتار البشر من قبل في سلوكيات الحيوان على مر السنين، وكانوا يتعرفون على السلوكيات المختلفة من خلال المراقبة، فمثلًا، الثعلب المكر. لقد عرفنا منذ صغرنا أنّ الثعلب حيوان مكار، ونشأت هذه الفكرة من خلال القصص التي رواها لنا أجدادنا الذين لاحظوا سلوك هذا الحيوان على مر الزمان. ومع التقدم العلمي، نشأ علم سلوك الحيوان وبدأ العلماء في دراسة سلوكيات الحيوانات المختلفة واجتهدوا في البحث عن تفسيرات منطقية لتصرفات هذه الحيوانات.ومع ذلك التقدم العلمي، إلا أنّ العلم وقف عاجزًا أمام تفسير بعض الحالات، بالرغم من ملاحظته لبعض الظواهر، لكن يبقى أمر إيجاد تفسير منطقي لمثل هذه الظواهر لغزًا غامضًا، حاول العلماء البحث فيها لكن يبدو أنّ العلم ما زال غير مؤهل للوصول لمثل هذه التفسيرات المعقدة، من أبرز هذه الظواهر التي لاحظتها العلماء هي السلوك الإيجابي لبعض الحيوانات، تحديدًا الكلاب، فقد لاحظوا أنهم يشاركون الطعام مع الكلاب أصدقائهم، بينما لا يفعلون ذلك مع الكلاب الغرباء، وهذا سلوك إيجابي ويوحي بالعاطفة الحسنة، لكن في نفس الوقت لا يعرف أحد تفسيرًا واضحًا لها، ولا إذا كان هؤلاء الكلاب يشاركون طعامهم من باب الإيثار أو التعاون والمشاركة، لنتعرف على ذلك معًا.

سياسة العطاء لا يمارسها الكلاب إلا مع أصدقائهم

العطاء، كم هو صفة حميدة، وصّانا بها آباؤنا أثناء تربيتنا منذ أن كنا صغارًا، أتذكر أيضًا أنّ معملينا قد نصحونا بها، كما حرصت المواد التربوية على غرس هذه الصفة فينا. في الحقيقة إنّ مثل هذه الصفات ليست حكرًا على الإنسان، فهي صفات غريزية لدى بعض الحيوانات. لكن بشكلٍ غريبٍ بعض الشيء. مثلًا، الكلاب والتي وُجد أنّ العطاء صفة غريزية فيها، لكن عند حدٍ معينٍ. وتظهر هذه الصفة عند الكلاب مع أصدقائهم الكلاب الذين يجدون معهم الألفة. وفي هذا الصدد، أُقيمت دراسة أجرتها "ميلين كويرفل شوميت" وزملاؤها في معهد أبحاث ميسيرلي بفيينا. وتشير هذه الدراسة إلى أنّ الكلاب يميلون إلى مشاركة طعامهم مع أصدقائهم، ولا يفعلون ذلك مع الغرباء.في الحقيقة لقد كان جوهر هذه الدراسة هو دراسة التحيز الاجتماعي للأشياء المألوفة لدى الأفراد. فقد وُجد أنّ للعلاقات الاجتماعية تأثيرًا واضحًا عند اختبار سلوكيات الحيوان المتعلقة بالآخرين من حوله. ويعتقد الباحثون أنّ سبب مشاركة الطعام أو ممارسة أي شكل من أشكال الانحياز الاجتماعي لدى الحيوانات يرجع إلى أنهم قد يتوقعون المعاملة بالمثل من الأفراد المألوفة بالنسبة لهم. فهذا بدوره يخلق نوعًا من العاطفة يمكننا تسميته بالعاطفة الإيجابية التي يمر بها الأصدقاء عندما يتلقون مكافأة مُتمثلة في مشاركة الطعام، ويكون لهذه المكافأة تأثير إيجابي أيضًا على الجهة المانحة للطعام.

هل التعامل بإيجابية والإيثار هما نفس الشيء؟

في البداية يجب التفريق بين التعامل بإيجابية والإيثار. عن التعامل الإيجابي، يمكننا اتخاذ صفة العطاء كمثال للتعامل الإيجابي، والتي يقوم بها الفرد عندما يجد شريكه أو صديقه يحتاج لمساعدة ما، أيًّا كانت، فيُعطيه مما لديه، وليس كل ما لديه. أما عن الإيثار، فهو مساعدة الأصدقاء أو الشركاء وإعطائهم ما لدينا حتى وإن لم يتبقَ لنا شيء.إنّ تقديم الطعام ورعاية الآخرين والاهتمام بهم هو بعض الأمثلة على السلوكيات المتعلقة بالآخرين، وهو في الغالب يُسمى بالسلوكيات الاجتماعية الإيجابية، وهي السلوكيات التي تهدف في المقام الأول إلى مساعدة الآخرين ويتسم السلوك الاجتماعي الإيجابي بأنه يهتم كثيرًا بشأن الآخرين ومشاعرهم ومدى رفاهيتهم. وهذه هي السلوكيات المحببة للمجتمع، فهي تعطي شعورًا بالتعاطف والاهتمام بالآخرين، وإفادة الغير، ومشاركتهم بالأشياء الحسنة والتعاون معهم في أوقات احتياجهم.أما عن الإيثار، فعادةً ما يُنظر إليه على أنه أحد أشكال السلوك الاجتماعي الإيجابي، بينما يعتقد بعض الخبراء أنّ له مفاهيم مختلفة. فهو شكلٌ خاصٌ من المساعدة، يقوم به الفرد بدافع الاهتمام بالطرف الآخر المحتاج. ويعتقد البعض الآخر بأنّ هناك العديد من الأفراد الذين يستخدمون صفة الإيثار من أجل الأهداف الشخصية، من هذه الأهداف هو كسب الإشادة من الآخرين أو الشعور بالرضا عن الذات. إنّ أمر الإيثار هذا قد يبدو تصرفًا ليس أنانيًّا، لكنه في الواقع قد يُحسب تصرفًا أنانيًّا في بعض الأسباب منها الأهداف الشخصية –كما ذكرت– في نفس الوقت، هناك جدل واسع في هذا الأمر، إذ يقترح بعض المتخصصين أنّ درجة الإيثار تُحَدد عندما يتم ملاحظة ما إذا كان المانح سيعاني من خسارة حقيقية من أجل الآخرين حقًّا أو لا.

ما السبب وراء مساعدة الكلاب لأصدقائهم؟

لقد كان الأمر مُحيرًا للغاية بالنسبة للباحثين القائمين على الدراسة في فيينا، حتى إنهم لم يجدوا تفسيرًا منطقيًّا لسببِ مشاركتهم الطعام مع أصدقائهم المألوفين. يبدو أنهم يستمتعون حقًّا بفكرة توّقع معاملة الغير لهم بالمثل. لكن بغض الطرف عن أسباب مشاركة الكلاب للطعام مع أصدقائهم، إلا أنهم قد أظهروا تفضيلهم لمُشاركة الطعام مع غيرهم وتصرفوا بشكلٍ إيجابي، وهذا أمر شيق للغاية ويستحق الالتفات إليه.لم يستخدم الباحثون في الدراسة المنشورة كلمة إيثار. لذلك، لا نستطيع جزم أنّ الكلاب يسلكون ذلك السلوك لأنهن يؤثرون الغير على أنفسهم، لكن يمكننا القول بأنّ هذا سلوك إيجابي وجيّد، كما أنّ الكلاب قد اشتُهروا بالوفاء للإنسان، لذا نجد أنّ الأمر شيق للغاية عندما نعلم أنهم أوفياء لأقرانهم، ويتبادلون العاطفة معهم، وهذا سيفتح مجالًا فيما بعد للتعمق أكثر في عاطفة مثل هذه الحيوانات، وبالتالي يمكننا الحصول على تفسيرات منطقية للسلوكياتِ المعقدة لهذه الحيوانات وغيرها. فما زال علم سلوك الحيوان موضع حيرة للعلماء والباحثين، فالحيواناتِ لا تستطيع التحدث مثلنا نحن البشر، ولا تبوح بما داخلها، لذا يصعب دراسة سلوكهم.
إليك أيضًا

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..