لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
سقراط وأرسطو وأفلاطون إلى حد بعيد هم أشهر الفلاسفة اليونانيين الذين ارتبطوا عادة بالفترة الكلاسيكية اليونانية. ومع ذلك، تُدين هذه العقول المُبدِعة بالكثير لسلسلة من المفكرين الذين عاشوا خلال القرنين السادس والخامس قبل الميلاد والمعروفين باسم " فلاسفة ما قبل سقراط " (Presocratics). كان فلاسفة عصر ما قبل سقراط أول فلاسفة في المرجعية الأدبية الغربية وأنتجوا مجموعة كبيرة ومتنوعة من النظريات المختلفة التي حاولت تفسير طبيعة الكون .أُسس العلم والفلسفة وضعت مع هؤلاء المفكرين الأوائل.في القرنين السادس والخامس، شَهِد العالم الناطق باليونانية صعود حركة متنوعة من المفكرين بدءًا من طاليس، الفيلسوف الأول في الفلسفة الغربية. صاغ هؤلاء الفلاسفة نظريات جديدة حول الطريقة التي تعمل بها الطبيعة والمجتمعات البشرية. ومن الفلسفة الطبيعية للميليسين إلى تصوف فيثاغورس، ومن نظرية اللوغوس لهرقليطس إلى النظرية الذرية لليوكيبوس وديموقريطس،كانت هذه فترة نوابغ.لم يكن الفلاسفة في هذه المرحلة يمارسون الفلسفة بالمعنى الحديث فقط. كانو أيضًا علماء فلك وعلماء رياضيات وفيزيائيين وعلماء اجتماع وأكثر من ذلك. بالإضافة إلي أنهم كانو أيضًا فلاسفة بالمعنى الحرفي لكلمة فلاسفة "أصدقاء الحكمة".
مصطلح "ما قبل سقراط"
صيغ مصطلح "ما قبل سقراط" (Presocratics )في القرن الثامن عشر من قبل العلماء المهتمين بالفلسفة اليونانية. ولكن هيرمان ديلز هو من روج لهذا المصطلح في القرن التاسع عشر. استخدم ديلز هذا المصطلح للتأكيد على الفرق بين هؤلاء المفكرين الذين كان يَعتقِد أنهم مهتمون بالظواهر الطبيعية وسقراط الذي كان مهتمًا بالفلسفة الأخلاقية. ومع ذلك، كان فلاسفة ما قبل سقراط مهتمين أيضًا بالمشاكل الأخلاقية والسياسية. وعلى الرغم من أن مصطلح ما قبل سقراط يعني حرفيًّا "عصر ما قبل سقراط" ، فإن العديد من المفكرين المُصنَّفين على أنهم ما قبل سقراط كانوا من معاصري سقراط.شيء واحد في الواقع يربط كل فلافسة عصر ما قبل سقراط وهو أن أعمالهم ضاعت. فعلى عكس أفلاطون وأرسطو اللذَين كانا محظوظين بما فيه الكفاية للحفاظ على أجزاء كبيرة من أعمالهم، فإن أعمال فلاسفة عصر ما قبل سقراط لا يمكن الوصول إليها الآن إلا من خلال شذرات أعمالهم الموجودة في أعمال المؤلفين اللاحقين.باقي هذا المقال سيكون عبارة عن قائمة تضم (13) فيلسوفًا من أهم فلاسفة عصر ما قبل سقراط ومعلومات عن حياتهم ونظرياتهم الفلسفية. جميع الاقتباسات المكتوبة علي هيئة شذرات مأخوذة من كتاب "مرجع لفلاسفة ما قبل سقراط " لكاثلين فريمان وهو عبارة عن ترجمة كاملة لشذرات فلاسفة ما قبل سقراط الموجودة في النسخة الخامسة من كتاب "شذرات فلاسفة ما قبل سقراط" ل هرمان ديلز.
الميلسيون ( The Milesians)
1) طاليس ( حوالي 625-546 قبل الميلاد)
مِثل زملائه المفكرين من ميليتوس (أناكسيماندر وأناكسيمينس)، كان طاليس مهتماً بالفلسفة الطبيعية. اعتبر أرسطو طاليس أول فيلسوف في الثقافة اليونانية وبالتالي في المرجعية الأدبية الغربية. وبالإضافة إلى ذلك، تم إدراج الميلسين بين حكماء اليونان السبعة. أتي طاليس بفكرة أن الماء هو أصل كل الأشياء كما أنه تنبأ بالكسوف الشمسي الذي حدث عام 585 قبل الميلاد ونقل علم الهندسة من مصر إلى اليونان ، بالإضافة إلى اختراعات أخرى. كما استخدم طاليس الهندسة لحساب ارتفاع الأهرامات المصرية وبُعد السفن عن الشاطئ. و يُنسب إليه أيضًا "نظرية طالس".ومثل معظم فلاسفة ما قبل سقراط، وخاصة أولئك الذين من ميليتوس، لم يكن طاليس مجرد فيلسوف بل فرد يبحث عن المعرفة في كل زاوية يمكنه الحصول عليها . كان عالم رياضيات وفلكيًّا ومهندسًا وأكثر من ذلك بكثير.
2) أناكسيماندر (610-546 قبل الميلاد)
نشأ أناكسيماندر أيضًا في مدينة ميليتوس وكان تلميذًا لطاليس. كان أناكسيماندر من أوائل الفلاسفة الذين كتبوا كتابًا. و مثل طاليس ، كان مهتمًا أيضًا بالعديد من المجالات المختلفة. يُنسب إليه اختراع عقرب المزولة، على الرغم من أن هذا أمر مستبعد للغاية. يُعتقَد أن أناكسيماندر هو أول من رسم خريطة للعالم. وقد اختلف مع أستاذه بشأن المادة الأساسية للكون. ففي حين أن طاليس اعتقد أن كل شيء يرجع إلي الماء، أرجع أناكسيماندر كل شيء إلى الأبيرون (يترجم حرفيًا إلى اللانهائي). اعتقد أن هذا الكيان المجرد هو الذي ولّد كل شيء وهو المكان الذي تعود إليه كل الأشياء.كما كان أناكسيماندر أول من استخدم مصطلح "المبدأ الأول"(Arche) في سياق فلسفي. وبالإضافة إلى ذلك، تكهن بأن الحيوانات والبشر تطوروا من حيوانات أخرى تعيش في الماء كما آمن بوجود عوالم متعددة(تعددية الأكوان).
3) أناكسيمانس (586-526 قبل الميلاد)
"الهواء يشبه الروح ؛ وبما أننا نأتي للوجود بدفعة من هذا (الهواء)، فمن المؤكد أنه وافر وغير محدود بحيث لايزول أبدًا". كان أناكسيمانس ثالث فيلسوف ميلسيني بين الفلاسفة اليونانيين ما قبل السقراطين. كان تلميذًا لدي أناكسيماندر وكان أيضًا أحاديًا. وبينما رأى طاليس أن الماء هو المادة الأساسية للكون، ورأى أناكسيماندر أن الأبيرون هو أصل كل الأشياء ، اعتقد أناكسيمانس أن الهواء هو العنصر المبدأ (Arche) لكل شيء.
هرقليطس وكزينوفانيس
4) هرقليطس (535-475 قبل الميلاد)
وُلد هرقليطس في أفسس بآسيا الصغرى. كان يؤمن بأن العالم مصنوع من النار. وضع فلسفة التغيير فبالنسبة له العالم يتحرك دائما و لا يوجد شئ ثابت، فلسفة تلخص في قوله:
"كل شيء يتدفق ،ولا شئ يبقي على حاله". وأشهر اقتباساته كانت عن تلك الفكرة بأن الكون يتغير ويتحرك باستمرار.
"لا يمكنك أن تخطو في نفس النهر مرتين أبدًا لأن مياهًا جديدة تغمرك باستمرار" "نحن ننزل ولا ننزل في نفس النهر، نحن موجودون و غير موجودين."جزء آخر مهم من فلسفة هرقليطس هو فكرته عن وحدة الأضداد. وهذا عني بالنسبة لهرقليطس أن الأضداد مثل الخير والشر، الوجود وعدم الوجود، الليل والنهار، الصعود والهبوط، كانت في الواقع واحدة. لكن ليست واحدة بحيث لا يمكن التمييز بينهما ولكن كما هو الحال في أن العملة المعدنية لها وجهان. وهو أيضا أول فيلسوف يوناني يتحدث عن اللوغوس، وهو مصطلح أصبح شائعًا للغاية في القرون التالية ولا يزال واحدا من أكثر المصطلحات المركزية للفلاسفة حتى اليوم.يُقال: إن هرقليطس لم يترك سوى عمل واحد بعنوان "عن الطبيعة" وكان مؤثرًا بشكل خاص. في القرون اللاحقة أصبح هرقليطس يعرف باسم "الفيلسوف الباكي" لأن العديد من شذراته بدت متشائمة للباحثين. وكان يُسمَّى أيضا "الفيلسوف الغامض" بسبب أقواله الغامضة. تأثر كل من أفلاطون ونيتشه وهيغل وهايدغر وحتى لينين الزعيم الشيوعي بالفيلسوف اليوناني هرقليطس.
5) كزينوفانيس ( 570-478 قبل الميلاد)
تماما مثل كل الفلاسفة اليونانيين ما قبل السقراطيين، لم يكن كزينوفانيس فيلسوفًا فقط. كان شاعرا وعالم لاهوت ،تحدث بحزم ضد فكرة تعدد الآلهة(الشرك). انتقد كزينوفانيس وجهات نظر هوميروس وهسيود اللاهوتية التي رسمت صورة غير أخلاقية للآلهة حيث صورتها آلهة ترتكب السرقة والزنا وغيرها. كما اعتقد أن الآلهة ليست مثل البشر وأن هناك إلهًا واحدًا فقط ولا يشبه الإنسان.كان كزينوفانيس أيضًا من أوائل من تحدثوا عن حدود المعرفة الإنسانية وتحدث عن استحالة فهم الحقيقة عن الآلهة وأصرَّ على أن المعرفة نسبية. وبالتالي ،كان من أوائل أنصار النسبية في التاريخ:
"لو لم يخلق الله العسل الأصفر، لقال الناس إن التين أحلى بكثير." "
الأثيوبيون لديهم آلهة ذات أنوف مُسطحة وشعر أسود، بينما التراقيون لديهم آلهة ذات عيون رمادية وشعر أحمر" "لو أن للثيران والخيول والأسود أيدي أو كان باستطاعتهم أن يرسموا ويبتكروا أعمالا فنية مثل تلك التي يصنعها البشر، لرسمت الخيول صورًا للآلهة تشبه الخيول، ولرسم الثيران آلهة تشبه الثيران، ولصُوِّرت أجسام (آلهتهم) وفقا للشكل الذي يمتلكه كل نوع".
التقليد الفيثاغوري
6) فيثاغورس الساموسي( 575 - 490 قبل الميلاد)
وُلد الفيلسوف فيثاغورس في جزيرة ساموس اليونانية، وفي عام 530 ق.م انتقل إلى مستعمرة كروتوني في جنوب إيطاليا لتأسيس مدرسته. يُعدّ فيثاغورس واحد من أكثر الفلاسفة ما قبل السقراطيين إثارة للاهتمام الموجودين في مكان ما بين الأسطورة والتاريخ. من الصعب حقا التحدث عن فيثاغورس. كانت مدرسته في كروتوني عبارة عن جمعية سرية مع تعاليم غير ممكن الوصول إليها إلا للأعضاء المنتسبين للجمعية. ونتيجة لذلك، فإن معتقدات أعضاء الجمعية ليست واضحة حقًُا. إلا أننا نعلم أن مدرسة فيثاغورس علّمت أسلوب حياة زاهدًا يتطلب قيودًا على الطعام وعززت الروحانية التي كانت تمثل الأعداد والرياضيات ، والتي تسمى "علم الأعداد".كان فيثاغورس على أكثر من نحو نبيًّا أكثر منه فيلسوفًا، وكانت مدرسته أشبه بالدير. الحياة الزاهدة ونمط الحياة الطائفي والهوس بالمعانى الروحية للأرقام والمعجزات المنسوبة إلى فيثاغورس هي دليل كاف على ذلك. يخبرنا أرسطو أن الناس في كروتوني أطلقوا على فيثاغورس اسم "أبولو هايبربوريا" وأنه كشف ذات مرة في أوليمبيا عن فخذه المصنوع من الذهب. كانت الفكرة الرئيسية في المذهب الفيثاغوري هي الاعتقاد في التقمص، تناسخ الروح بعد الموت( انتقال الروح إلي جسد آخر بعد الموت).يُنسب أيضًا إلى فيثاغورس سلسلة من الإنجازات العلمية التي يمكن أو لا يمكن أن تكون في الواقع له، مثل نظرية فيثاغورس ، والدوزنة الفيثاغورسية في الموسيقى، ونظرية التناسب، واعتقاده بكروية الأرض، وغيرها. تأثر كل من سقراط، أفلاطون، أرسطو، الأفلاطونيون الجدد، والعديد من المفكرين ما قبل السقراطيين بشدة بفيثاغورس وتقاليده.
الإيليون: فلاسفة يونانيون ضد الحركة
7) بارمنيدس الإيلي(نهاية القرن السادس قبل الميلاد-بداية القرن الخامس قبل الميلاد)
"هناك طريقان لا غير للمعرفة يمكن التفكير فيهما، الأول أن الوجود موجود ولا يمكن أن يكون غير موجود، وهذا هو طريق اليقين لأنه يتبع الحقيقة. والثاني أن الوجود غير موجود ويجب ألا يكون موجودًا ،وهذا الطريق لا يستطيع أحد أن يستكشفه، لأنك لا تستطيع معرفة اللاوجود ولا أن تعبر عنه لأن الفكر والوجود واحد ونفس الشيء" بارمنيدس هو مؤسس المدرسة الإيلية وواحد من أكثر الفلاسفة اليونانيين الأوائل تأثيرا. كتب أفلاطون حوارًا بعنوان "بارمنيدس" حيث ذكر أن سقراط الشاب التقى بارمنيدس عندما كان عمره حوالي 65 عاما في أثينا.كتب بارمنيدس كتابًا واحدًا فقط ولم يصلنا إلا قصيدة واحدة فقط من هذا العمل. تحتوي تلك القصيدة على أفكار فلسفية صعبة للغاية ومجردة فيما يتعلق بطبيعة الوجود. تتعارض هذه الأفكار تمامًا مع الأفكار الموجودة في أعمال الفلاسفة الأيونيين. وفوق ذلك، يبدو أن الفيلسوف اليوناني بارمنيدس كان لديه شكوك جِدّية فيما يتعلق بإمكانية الحصول علي الحقيقة حول طبيعة العالم باستخدام حواسنا.من نواح كثيرة، بارمنيدس عكس هيرقليطس تمامًا. فينما تحدث هيراقليطس عن التغيير والحركة ، أصرّ بارمينيدس على أن الكون ثابت وغير متغير ،و بينما أكد هرقليطس علي أن العالم صيرورة ، رأى بارمنيدس أن هناك شئ واحد فقط موجود وهو خالد وواحد وثابت ومثالي.
8) زينون الإيلي(495-430 قبل الميلاد)
"ما يتحرك ، لا يتحرك في المكان الذي هو فيه ، ولا في المكان الذي لا يتحرك فيه.". كان زينون تلميذًا لدى بارمنيدس و أصبح خليفته كمديرًا للمدرسة الإيلية. ووفقا للحوار الذي كتبه أفلاطون بعنوان "بارمنيدس"، التقى زينون بسقراط الشاب عندما زار أثينا مع بارمنيدس وعرض عليه كتابه.في القدم،اشتهر زينو بمفارقاته التي سعت إلى إثبات أن الحركة والتغيير مجرد أوهام. وبهذه المفارقات، كان زينو يحاول إثبات النظريات الوجودية لمعلمه بأن العالم واحد بشكل مطلق وأيضًا ثابت لا يتغير. ناقش أرسطو هذه المفارقات بالتفصيل. ومن بين تلك المفارقات ما يلي:
"تؤكد المفارقة الأولى على عدم وجود حركة على أرض الواقع لأن ما هو في حركة يجب أن يصل إلى مرحلة منتصف الطريق قبل أن يصل إلى الهدف ." أرسطو .بكلمات قليلة، ادّعى زينو أنه لتغطية مسافة ما يجب عليك أن تُغطي نصف تلك المسافة أولا. ولكن قبل الوصول إلي نقطة المنتصف يجب أن تصل أولا إلي منتصف المنتصف و بما أننا بإمكاننا دائمًا تقسيم المسافة إلى نصفين بلا حدود، فمن غير الممكن الانتقال من أي نقطة إلى أخرى.
التّعدّديّون (The Pluralists)
9)إيمبيدوكليس(494-434قبل الميلاد)
لا شك أن الفيلسوف ما قبل السقراطي الذي أحيط موته بالقصص الأكثر غرابة هو إيمبيدوكليس الذي ينحدر من منطقة أكراجاس اليونانية. في إحدى الروايات يُقال إنه اختفى في السماء ليلًا وفي رواية أخرى قفز إلى فوهة بركانية في جبل إتنا. وعلى الأرجح، لا شيء من هذه القصص صحيح. تأثر إيمبيدوكليس بفلسفة بارمنيدس وكان آخر الفلاسفة اليونانيين الذين دوّنوا أفكارهم كأبيات شعرية. استنكر إيمبيدوكليس التضحيات الحيوانية ودعا إلى النباتية جنبًا إلى جنب مع نظرية التناسخ (انتقال الروح إلى جسد آخر).علَّم إيمبيدوكليس أيضًا أن هناك أربعة عناصر ؛ النار والهواء والماء والأرض وأن كل شيء في الوجود هو مزيج لهذه العناصر الأربعة بنسب متفاوتة وأن هناك قوتين، المحبة والكراهية ،هما المسؤولان عن النسب المختلفة لكل من هذه العناصر في الأشياء. تفصل الكراهية العناصر عن بعضها بينما المحبة تجعلها تتحد.
10) أناكساغوراس كلازوميناي ( 500-428 قبل الميلاد)
"اليونانيون لديهم اعتقاد خاطئ حول الوجود والموت. لا شيء يأتي إلى الوجود أو يزول، لكنه إما مختلط مع أو منفصل عن الأشياء الموجودة. وبالتالي فإنهم سيكونون علي حق إذا أطلقوا علي الوجود "اختلاط"، والموت "انفصال". ألّف أناكساغوراس كتابًا واحدًا فقط وتأثر بشكل رئيسي بنظريات بارمنيدس. ومع ذلك، كانت نظريته ردًا على الأحادية الإيلية. وفقا لأناكساغوراس، في البداية، كان كل شيء موجودًا في شظايا لامتناهية الصغر لانهائية العدد وتم إعادة ترتيب هذه الشظايا و تنظيمها من قبل العقل الكوني الذي سمّاه نوس (Nous).قضى أناكساغوراس جزءًا كبيرًا من حياته في التدريس في أثينا. ومثل سقراط، كان أناكساغوراس واحدًا من الفلاسفة اليونانيين الذين خضعوا للمحاكمة بسبب أفكارهم. ألقى الأثينيون باللوم عليه لعدم تقوته ربما بسبب آرائه التي رفضت وجود آلهة القمر والشمس. ودافع بريكليس، السياسي الأثيني، عن أناكساغوراس في محاكمته حيث كانا صديقين. في النهاية، نصح بريكليس أناكساغوراس بمغادرة أثينا، وغادر الفيلسوف إلى لامبساكوس حيث توفي هناك.
المذهب الذرّي
11) ليوكيبوس من ميليتوس
اليوم عندما نسمع عن النظرية الذرية، تذهب أذهاننا مباشرة إلى الأسلحة النووية ومحطات الطاقة. ومع ذلك، فإن النظرية الذرية أقدم من ذلك بكثير. في الواقع، إنها قديمة قِدم ليوكيبوس، فهو الأول في سلسلة من الفلاسفة اليونانيين الذين يُطلق عليهم "الذرّيون".
"لا شيء يحدث عشوائيًّا ؛ كل شيء يحدث لسبب ولضرورة ما". ادّعي ليوكيبوس أن كل شيء يتكون من أشياء صغيرة غير قابلة للانقسام تسمى الذرات، والتي تترجم حرفيا "غير القابل للتجزئة". النقطة الأساسية في نظريته هي أنه لكي تكون الحركة ممكنة، يتوجّب وجود فراغ. وبعبارة أخري، لكي يكون الوجود، لا بد أن يكون هناك عدم وجود.من نواحٍ عديدة ، واصل ليوكيبوس الفلسفة الطبيعية الأيونية لطاليس وأناكسيماندر وأناكسيمانس وهيرقليطس. وعلاوة على ذلك ، كان أول من ادّعى أن الأشياء على ما هي عليه بسبب طبيعتها. أسَّس ليوكيبوس مدرسة فلسفية في أبديرة ووفقا لقصة ما، هو أيضًا مؤسس مدينة ميتابونتوم.
12)ديموقريطس( حوالي460-370 قبل الميلاد )
"
أُفضِّل أن أكتشف سببًا واحدًا على أن أحظى بمملكة فارس" "
لا يوجد في الواقع إلا الذَّرات والفراغ" وُلِد ديموقريطس في أبديرة بتراقيا، وكان مواطنًا ثريًّا سافر كثيرًا خلال حياته. عادة ما يتم إدراجه مع أستاذه ليوكيبوس مما يجعل من الصعب التمييز بين وجهات نظرهما. كتب 73 كتابًا وعاشَ حياته متجنبًا المشاركة النشطة في السياسة، على الرغم من أنه ألقى محاضرات عامة.زار ديموقريطس الهند ومصر وإثيوبيا وفارس حيث يقال إنه درس هناك على يد هوشتانة، وهو مجوسي في بلاط الملك خشايار الأول. ويُقال أيضًا أنه انضم إلى المدرسة الفيثاغورسية في مرحلة ما من حياته ودرس لفترة وجيزة بجوار أناكساغورس. ومثل معلمه ليوكيبوس، أصرّ ديموقريطس على أن المادة تتكون من أجزاء لا تتجزأ تسمى الذرات تتفاعل ميكانيكيا مع بعضها. واعتقد أيضًا أن هناك ذرات مختلفة الأحجام والأشكال. على سبيل المثال، رأى أن ذرات الهواء تختلف عن ذرات الحديد وأن هذه الاختلافات تحدد تفاعلها.كما اعتبر ديموقريطس أن العقل مصدر صالح للمعرفة وحذّر من أي حقيقة يتم الحصول عليها من خلال الحواس. قدم ديموقريطس بعض الإسهامات فى علم الجمال والرياضيات والأحياء والأنثروبولوجيا وغيرها من العلوم. ومثل العديد من الفلاسفة اليونانيين، كان يؤمن أيضًا بوجود عوالم متعددة. و علي عكس هرقليطس الذي عُرف باسم "الفيلسوف الباكي"، أصبح ديموقريطوس معروفًا في العصور القديمة باسم "الفيلسوف الضاحك" وهذا بسبب تشديده على أهمية الفرح. دعا ديموقريطس إلى حياة معتدلة حيث كانت درجة معينة من المتعة مقبولة.
السفسطائيون: الفلاسفة اليونانيون الذين احتقرهم سقراط
13) بروتاغوراس ( 490-420 قبل الميلاد)
السفسطائيون هم مجموعة من المعلمين ذوي الخبرة في الفلسفة الذين، وَفقًا لأفلاطون، دعمّوا بشكل رئيسي الرأي القائل بأنه لا توجد حقيقة موضوعية. كان بروتاغوراس واحدًا من أهم ممثلي هذه الحركة، وكان تلميذًا لديموقريطس. في حوار أفلاطون المسمى "بروتاغوراس"، يناقش الفيلسوف اليوناني بروتاغوراس سقراط حول طبيعة الفضيلة. وعلى الرغم من أن أفلاطون لم يكن مولعًا بالسفسطائيين بشكل عام، إلا أنه قدم بروتاغوراس كمفكر محترم.كان بروتاغوراس يعتقد أن هناك دائمًا حجتين متساويتين في القوة لكل شيء. ونتيجة لذلك، فإنه يشك بجدية في إمكانية الحصول على حقيقة موضوعية. ولهذا السبب، يعتبر بروتاغوراس أحد أهم المفكرين في تاريخ النسبية.
«الإنسان مقياس لكل شيء، لما هو موجود،و لما هو غير موجود». بالإضافة إلى ذلك، اتخذ بروتاغوراس موقفًا على ما يبدو لا أدري بشأن مسألة وجود الآلهة:
" لا أستطيع أن أعرف ما إذا كانت الآلهة موجودة أم لا، ولا كيف هي في شكلها ؛ والعوامل التي تمنع المعرفة كثيرة منها: غموض الموضوع، وقصر الحياة البشرية."وضعته هذه اللاأدرية في موقف صعب حيث قام الأثينيون بنفيه من المدينة وأحرقوا جميع نسخ كتبه. وعلى الرغم من احترامه لبروتاغوراس، فقد كان "سقراط" في كثير من الأحيان يتحدث ضد السفسطائيين ومسلماتهم بأنه لا توجد حقيقة واحدة.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد