لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
أثبتتْ الدراسات أن التعلم بالخارجِ له عدةُ فوائد منها تخفيف الضغطِ وتحسين المزاجِ وزيادة التركيزِ وزيادة تفاعلِ الطفلِ في الفصلِ والمدرسةِ والبيتِ. ماذا يحدثُ للطفلِ عندما تضعه بين الأشجارِ وفي المساحات الخضراء؟ إنَّ الطفلَ بطبعه يحبُّ الانطلاقَ دون قيودٍ أو حدودٍ فعندما يمشي أو يجري أو يسترخي تحت الظلالِ الوارفة في أجواء الطبيعة يتعلم دروساً ما كان ليتعلمُها داخلَ الفصلِ ويلاحظُ حياةَ البرية ويتعرف على الكائناتِ الحية المحيطة. تلك التجاربُ ممتعةٌ وملهمةٌ ومبهجةٌ.
إعطاءُ الأطفالِ فرصةً للتفاعلِ مع الطبيعةِ حقٌّ إنساني من حقوقهم على التربويين. نحن مدينون لهم بذلك. ولكن للأسف كثيرٌ من الأطفال يفقدون ذلك الحق إما لسياسةِ المدرسة أو لقلةِ وعي المعلم.
كم يقضي الأطفالُ من الوقتِ للعب في الخارج؟
في دراسةٍ أُجريت على أطفالٍ يعيشون في بلدةٍ بريطانية أعمارهم ١١ سنة، راقبت الباحثةُ كيف يقضي الأطفالُ وقتهم بعد المدرسةِ فوجدت أن غالبية الأطفال يقضون أقل من ٣٠ دقيقة بالخارج بعد الدوام. (كوبر، ٢٠١٠).
وفي دراسة على أطفالِ الحضانةِ في أوهايو بعض الأطفالِ _خلال يومهم في الحضانة_ يقضون أقل من ٢٣ دقيقة في الهواء الطلق. واحد بين كل ثلاثة أطفال فقط من لا يذهب للعب في الخارج. (كوبيلاند، ٢٠١٦).
تلك الدراسات توضح أن الطفلَ لا يأخذُ حقه في اللعب خارج حدود المكان. ليس كلُّ التربويين يؤيدون اللعب في الخارج ولكن حتى أولئك المعارضون للفكرة لا بد أن ينتبهوا لنقطة مهمة وهي أن الأثرَ النفسي والتعليمي القابل للقياس يظهر خلال لعبِ الأطفالِ في أحضانِ الطبيعة.
دراسةٌ حول أثر المساحاتِ الخضراء على الأطفال
في دراسةٍ كبيرةٍ أجراها باحث على مليون طفل في الدنمارك، استخدم فيها صورَ الأقمار الصناعيةِ لحساب كم طفل يعيش في المساحات الخضراء. ركز الباحثُ على مساحة ٢٠٠ متر حول كل طفل وحسب كثافةِ الغطاء النباتي المحيط. وفي نفس الوقت تمت مراقبةُ مخرجاتِ صحة الأطفال العقلية لمعرفة ما إذا كان هناك رابط بينهما مقارنة بالأطفال الذين لا يعيشون ضمن المناطق الخضراء فوجد الباحث أنَّ هناك فروقات واضحة.
نتائج الدراسة
الأطفالُ الذين افتقروا إلى المساحات الخضراء أثناء نموهم يتعرضون لخطر الاضطرابات العصبية والنفسية والضغوطات وتقلبات المزاج وتعاطي المخدرات بنسبة ٣٠٪. (انجيمان، ٢٠١٩).
أثر الطبيعة على الأطفال
أشارت الدراساتُ أن اللعبَ والاسترخاءَ في الطبيعةِ يزيلُ الضغوطات والمشي في المساحات الخضراء يخفف القلق والتوتر والاضطرابات وأعراض التوحد. وعندما يخرج الطفل إلى الخارج للتعلم فإنَّ الطفلَ يصبحُ أكثر دافعية واستقلالية.
الجلوسُ في أماكن الطبيعة والمساحات الخضراء له أثر عميق في أداء الأطفال العاطفي والمعرفي. يحب الأطفالُ الاستجابةَ والتفاعلَ مع كلِّ شي جديد فالخروج إلى الطبيعة يعتبرُ شيئًا جديدًا بالنسبة لبعضِ الأطفال وهذا بحد ذاته قد يلهمهم ويشد انتباههم. فقد يحتاجُ الطفلُ لتغيير المكان باستمرارٍ ليبقى متفاعلاً مع عمليةِ التعلم. لذلك لا بد للمعلّمين أن ينتبهوا للعوامل التي تلفتُ انتباهَ الطفل في الخارج وتجعله مشاركًا فعالًا.
تُعتَبر الطبيعة لكثير منا مكانًا أخاذًا ومهمًا، فقد تكون مصدرَ إلهامٍ إيجابي. إنها الجمالُ والقوةُ المذهلةُ التي نحتاجها في حياتنا لجذب الطاقات الإيجابية. في الطبيعة يحيط بك اللونُ الأخضرُ من كل جانب، وكثير من الكائنات الحية ومظاهر جيولوجية خلّابة تعطيك شعورًا بالرغبةِ في أن تكونَ جزءًا من عالم أكبر منك، عالم الطبيعة.
ذلك شعور الكبار تجاه الطبيعة فكيف بالطفل الذي يخرج ليجد متعته باللعب تحت الأشجار واكتشاف الكائنات الحية والتفاعل معها.
أثر الطبيعة على المعلم
للطبيعة أثرها الجميل على المعلم فقد يستطيع أن يتفاعل مع الدرس بشكلٍ أكبر ويخفف عنه ضغوطات العمل ويجدد حيويته بعد أن يمشي قليلاً نحت الأشجار وفي المساحات الخضراء أو يجلس تحت ظلال الأشجار. يحتاجُ المعلمُ لمثل هذه الأجواء حتى يستمرَ في العمليةِ التعليميةِ بنفس الحماس والنشاط الذي بدأ به عامه. إن توفرت حديقة في المدرسة فجميل أن يأخذ طلابه ويجلس معهم في حديقة المدرسة الغناء وشرح درسه هناك.
رسالة إلى الأمهات
إن هذه الدراسات والأبحاث لا تتعلقُ فقط بالأطفالِ في محيط المدرسة بل تشملُ الأطفال في البيوتِ أيضًا. من حق جميع الأطفالِ اللعبَ بالخارجِ والجريَ في المساحاتِ الخضراءِ الواسعةِ ورؤية الشمس. من حقهم أن يتعرفوا على الطبيعة ويختلطوا بها ويتفاعلوا معها. لذلك خصصي وقتًا كافيًا لطفلك ليلعبَ بالخارج فينشط عقلَه وجسمَه ويعود إليك بنفسيةٍ أفضل. اجعليه يتفاعل مع الكائنات الحية فيمسكها ويطعمها ويتعرف عليها فذلك له دور في تطوير قدراته العقلية والمهارية.