لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
لكلٍ منّا نظرته الخاصة لنفسه. فبعضنا يثق في نفسه ويرى في ذاته إمكانيات عالية بينما البعض الآخر قد يكون أقل ثقة. ينظر أحدنا إلى نفسه في المرآة فيرى الجوانب الإيجابية بينما قد يرى آخر السلبيات. كل هذه العوامل المتشابكة التي تشكّل نظرتنا إلى أنفسنا تمثّل ما يسمى صورتنا الذاتية. صورتنا الذاتية هي وجهة النظر الشخصية التي نتبناها تجاه أنفسنا (والتي تصف معالم شخصيتنا مثل الذكاء والجاذبية والمواهب واللطف وغيرها).
في هذه التدوينة، سنلقي نظرة متعمقة على ماهيّة الصورة الذاتية وكيف نغيّرها -في حال كانت سلبية- لننعم بحياة أكثر سعادة.
ما المقصود بالصورة الذاتية؟
بكل بساطة، ترتبط صورتك الذاتية بكيفية رؤيتك لنفسك قلبًا وقالبًا. بحسب قاموس أكبر دار نشر كتب باللغة الإنجليزية في العالم “راندوم هاوس Random House”، تُعرّف الصورة الذاتية على أنها: “الفكرة أو المفهوم أو الصورة الذهنية لدى الشخص عن نفسه.”
إذًا، لماذا تعد الصورة الذاتية مهمة؟
في الواقع، تؤثر الصورة الذاتية على الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا، وكيف نتفاعل مع الآخرين، وحتى كيف نشعر تجاه محيطنا. وبالتالي، فللصورة الذاتية تأثير واسع جدًا على حياتنا.
للصورة الذاتية الإيجابية القدرة على تعزيز سلامتنا البدنية والعقلية والاجتماعية والعاطفية والروحية. من ناحية أخرى، يمكن أن تقلل الصورة الذاتية السلبية من سلامتنا في كل من هذه النواحي بالإضافة إلى تقليل مستوى امتناننا عن حياتنا الشخصية والعملية.
هل لـ”صورة الذات” و”مفهوم الذات” المعنى ذاته؟
يخلط العديد من الأشخاص بين الصورة الذاتية ومفهوم الذات للتشابه الكبير بينهما. لكن في الواقع، هناك فرق هام بين المصطلحين: فمفهوم الذات هو مصطلح أوسع بكثير يتعلق بكيفية رؤيتك وتفكيرك وشعورك تجاه نفسك. في حين تمثل صورة الذات “الصورة الذاتية” جزءًا من مفهوم الشخص عن ذاته. بعبارة أخرى، الصورة الذاتية هي تحديدًا كيف “ننظر” إلى أنفسنا، وليس كيف نفكر أو نشعر تجاهها.
هل لـ”صورة الذات” و”هوية الذات” المعنى ذاته؟
على غرار الفرق بين المصطلحين السابقين، فإن الهوية الذاتية هي مصطلح أوسع وأشمل من صورة الذات. ه-ويتنا الذاتية هي الصورة الكاملة لما نؤمن بأننا نمثله، أو كيف نصف أنفسنا للآخرين.
أمثلة على الصورة الذاتية
فقط للتأكد من أننا استوعبنا الفكرة، اسمحوا لي أن استعرض بعض الأمثلة السريعة للصورة الذاتية.
أمثلة على الصورة الذاتية السلبية
عادةً ما تشير الصورة الذاتية السلبية إلى رؤية سيئة لنفسك. على سبيل المثال، قد يشعر البعض كما لو أنهم غير جذابين أو غير مرغوب فيهم أو غير أذكياء أو غير سعداء. تتولد الصورة الذاتية السلبية من شعورنا بأننا أقل من الصورة المثالية لأنفسنا. هذا يؤدي عادة إلى شعورنا السلبي تجاه أنفسنا عندما نرى انعكاسنا في المرآة. وهو كثيرًا ما يؤدي إلى أمراض نفسية مثل الاكتئاب.
اقرأ أيضًا: نصائح عملية لمنع الاكتئاب
أمثلة على الصورة الذاتية الإيجابية
ببساطة إذا كنت ترى نفسك كشخص جذاب أو مرغوب أو ذكي أو سعيد فأنت تجسد أفضل صورة إيجابية عن نفسك. بحيث حتى لو شعرت -لبعض الوقت- بأنك تنتقص من قيمة نفسك، فلن تستسلم أمام ذلك بفضل كل تلك المشاعر الإيجابية تجاه نفسك.
كيف نحسّن من صورتنا الذاتية؟
تتشابه صورتنا الذاتية معنا كأشخاص من حيث كونها (متغيّرة): تتكيف وتتطور مع تقدمنا في الحياة كأفراد ومن خلال تفاعلاتنا مع الآخرين. على سبيل المثال، أثناء ممارستنا لبعض المهارات، من الأرجح أن ننظر إلى أنفسنا كأشخاص أقوياء وبارعين ومميزين. حيث تتطور صورتنا الذاتية باستمرار بناءً على هذا النوع من المواقف.
إليك مثالًا آخر لكن هذه المرة (للفتيات فقط): تخيليّ أنك ازددتِ بضعة كيلوغرامات خلال فصل الشتاء. أنا على يقين من أن ذلك سينعكس سلبًا على صورتك الذاتية. ومع ذلك، ليست التصرفات الذاتية وحدها ما يؤثر على صورتنا الذاتية. يمكن أن تتأثر صورتنا الذاتية أيضًا من خلال تفاعلنا مع الآخرين. على سبيل المثال، إذا كنت تحيط نفسك بأشخاص يدعمونك ويشجعونك، فمن الأرجح أن تطور صورة ذاتية إيجابية أكثر مما لو كنت تقضي وقتك مع أشخاص سلبيين. يمكن لهذه العلاقات أن تعزز الأشياء التي نراها عندما ننظر إلى المرآة، بغض النظر عما إذا كانت وجهة نظرنا بأنفسنا مشوهة أم لا.
والآن، وبعد أن أدركنا أن صورتنا الذاتية ليست ثابتة، وتتأثر بالعديد من الجوانب المختلفة في حياتنا، دعنا نتحدث عن كيف يمكننا خلق صورة إيجابية عن الذات. (وكحال معظم التغييرات التي نحاول إجراؤها في حياتنا، لا يوجد حل سريع ويناسب الجميع، إنما يحتاج الأمر إلى بعض الصبر) تتمثل الخطوة الأولى دائمًا في تعلم قبول وحب أنفسنا، احرص على وضع قائمة بصفاتك الإيجابية في مكان بارز بحيث يمكنك رؤيتها على الدوام. هذا سيمنحك القدرة على تحديد الجوانب التي تودّ تحسينها، ووضع أهداف واقعية وقابلة للتنفيذ، ومن ثم العمل على تحقيقها.
أثناء رحلتك تلك، لا تنسى أن تغمر نفسك بالكثير من التوكيدات الإيجابية. والأهم منها: الامتناع عن مقارنة نفسك بالآخرين. تذكر أن تعلم حب الذات هو عملية طويلة. لكنك أيضًا شخص فريد من نوعه، بنقاط قوة ونقاط ضعف فريدة. ولا شكّ أنك قطعت شوطًا طويلًا ولا زالت الحياة أمامك بطولها!
لمساعدتك على الوصول، هناك بعض التمارين لتعزيز صورتك الذاتية:
1. دوّن قائمة بالأشياء التي تعجبك عن نفسك
يعد هذا تمرينًا بسيطًا وفعالًا يمكنك المشاركة فيه. قد تجد أنه من الصعب في البداية ولكن مع الوقت، سيغدو الأمر أكثر سهولة. يمكن أن تتضمن قائمة الأشياء التي تعجبك في نفسك بعضًا من الصفات المفضلة لديك: ربما تعتقد أنك ذكي أو جذاب أو طريف! (أنت على حق في كل ما ذكرته). أو حتى بعض المهارات الشخصية المفضلة لديك: كأن تكون موهوبًا في الرياضة أو الرسم أو الكتابة.. إلخ. سيساعدك إعداد هذه القائمة من السمات الإيجابية والمهارات على التركيز بشكل أكبر على الجوانب الإيجابية لصورتك الذاتية.
2. دوّن قائمة بلحظات الفخر في حياتك
يعد هذا تمرينًا رائعًا آخر يمكنك المشاركة فيه لمساعدتك على التركيز بشكل أكبر على الأشياء التي تمكنت من تحقيقها في حياتك. في بعض الأحيان، ننسى كم نحن أشخاص مدهشون. هذه القائمة سوف تساعدك على تذكر هذه الأشياء. يمكن أن تتضمن هذه القائمة أشياء كبيرة مثل الفوز بمسابقات كبيرة، أو الحصول على اعتراف بمساهمة كبيرة، أو تحقيق بعض الإنجازات رفيعة المستوى التي كنت تسعى لتحقيقها لفترة طويلة. يمكن أن تكون أيضًا أشياء أصغر مثل تعلم أن تكون اجتماعيًا أكثر أو إنجاز مهمة كنت تظنّها تتجاوز قدراتك. قد ترغب أيضًا في التفكير في كيفية مواجهتك للتحديات والعقبات في حياتك من خلال مهاراتك الفريدة.
3. دوّن قائمة امتنان لكل الأمور الجيدة في حياتك
ليست قائمة كسابقتيها، بل مجموعة أوراق صغيرة (ويُحبث لو كانت مُلونة)، بمجرد الانتهاء من تدوين كل الأشياء التي تشعر بالامتنان لوجودها في حياتك على تلك الأوراق (ورقة لكل سبب امتنان)، ضعها ضمن علبة صغيرة. الآن، كلما شعرت بالحاجة إلى القليل من الدعم لصورتك الذاتية، خذ ورقة واقرأها.
خلاصة حديثنا اليوم
صورتك الذاتية ليست ثابتة. بل تختلف مع نمو شخصيتك وتطورها، لذلك لا تسمح لنفسك بالتعايش مع صورة ذاتية سلبية. لديك الآن الأدوات اللازمة لتغيير صورتك الذاتية للأفضل!
وأنت مدين بذلك لنفسك!