Loading Offers..
100 100 100

كيف تساعدنا النوستالجيا على تجاوز الأوقات الصعبة؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

يمرّ العالم من بدايات السنة بوقتٍ عصيب، ظروف استثنائية يعيشها الإنسان مع اشتداد أزمة كورونا وما تقتضيه من تباعدٍ اجتماعي، وقضاءِ وقتٍ طويل في البيت، مما يزيد حالة التفكير واستدعاء المشاعر السلبية مع متابعةِ آخر مستجدات وتطورات الفيروس في البلدِ والعالم ككل.

مع بداية شهر أبريل، حين بدأ الفيروس بالانتشار بشكلٍ واسعٍ، عشتُ وقتًا عصيبًا باحتمالية إصابة فردٍ من العائلة وفقدان فردٍ آخر من العائلة الكبيرة يقيم في بلدٍ أجنبي، تزايد معدلِ نوبات الهلع بالموازاة مع الأفكار السلبية والخوف الشديد جعلاني أفتح مسلسلًا سوريًّا قديمًا وأنغمس في أحداثه. مع طولِ المدة الزمنية التي فرضها الفيروس والحجر المنزلي جعلاني لا إراديًّا أنغمس في ممارسة عاداتٍ وأنشطة قديمة بين الطفولة والمراهقة، وأخرى منذ سنواتٍ قليلة مضت، ولاحظت أنها تجلبُ معها مشاعر إيجابية حتى لو وقتية وقصيرة عوض الانغماس في حالات الخوف الهستيري والاكتئاب، هذه المشاعرُ كانت مرافقة لممارسة الأنشطة في الوقتِ القديم ما إن عدتُ لها، طفت على السطح.

مشاهدة أعمال فنية (درامية/سينمائية) تزامنت مع أوقاتٍ سعيدة أو خالية من الصدمات في حياتك

شخصيًّا وبصورة لا إرادية فتحت مسلسلًا سوريًّا قديمًا، لقد تزامن صعود الدراما السوريَّة مع طفولتي ومراهقتي، وقضيت أوقاتًا جدّ ممتعة بعد العودة من الدراسة أو في رمضان في مشاهدة العديد من الأعمال الدرامية السورية، وحتى في العطلات الصيفية الطويلة المليئة بالملل ولكن المليئة بالأمان أيضًا. لقد أعادت لي مشاهد العمل الدرامي شعور الأمان والاستقرار النفسي مع مشاهد دمشق القديمة وسوريا قبل الثورة.

وجوه الممثلين كما عرفناهم في بداياتهم، موضة الألبسة والمكياج والديكورات البسيطة التي تشبه بيوتنا قديمًا أيضا وكلُ ما تحمله هذه الحقبة الزمنية من ذكرياتٍ دافئة في حياتي. أحداث العمل الدرامي الذي يغيب فيه ما نعيشه من هلع الحالات والوفيات، وانغماس الأبطال في الحياة العادية –قبل الجائحة- أعاد لي بدرجة كبيرة شعور الأمان الذي أبحث عنه.

لم أتوقف عند ذلك، فلقد حضرتُ قائمة بالأعمال الدرامية القديمة التي تزامنت مع مراهقتي، وكلما وجدتني في حالةٍ نفسية غاضبة وخائفة ألجأ إليها. تتزامن الأيام الفائتة أيضا إعادة بث السيت كوم الأمريكي الشهير (Friends) على أحد القنوات العربية الشهيرة، هذا المسلسل الذي يرتبط معي بصباحات الصيف، العائلة، طاولة الإفطار، كوب الحليب بالقهوة وأحاديث عائلية لا تنتهي.

يمكنك تحضير قائمة بأهم المسلسلات التي تزامنت في حياتك مع أحداث أكثر استقرارًا نفسيًّا وأمانًا، ليعيد عقلك الباطن ربط أحداثها والمشاعر التي تزامنت معها وتمكنك من قضاء وقتٍ صغير ممتعٍ ومفعمٍ بشعور نفسي مستقر.

ما هي أكثر الأكلات المرتبطة معك بالبهجة أو المناسبات واللمة العائلية؟

في بداية الأزمة اتجهت الدولة لغلق المحلات، بما فيها المطاعم ومحلات الوجبات السريعة حيث عانى الكثير منا من فرطِ تلهفه لأكلة معينة. كنت واحدة من بين هؤلاء حيث تعودت على اقتناء أكلة تقليدية من محلٍّ معين ولكن ظروف الحجر وإغلاق المحلات، جعلتني أجرب ولأولِ مرةٍ صنع هذه الأكلة.

الكثير منا تعود طلب البيتزا، الشاورما السورية وأكلات أخرى، قد تستغرق وقتًا وصبرًا للتحضير، فهذا هو الوقت المناسب لصنعها، بينما تمنحك مشاعر التحضير والانتظار والحماسة جزءًا من الضغط الذي يفرضه عليك الوضع. يمكنك التفكير أيضًا في أكثر الأكلات التي تحمل معها مشاعر جيدة، مشاعر البهجة والدفء والأيام الخفيفة وأظن ذلك -حتمًا- موجودًا في المعجَّنات، والحلويات المصنوعة منزليًّا بقدرٍ ما يتم تحضيرها في المناسباتِ والأفراح.

رغم أن عيد الفطر تزامن وهذا الوضع السيئ لكنني شخصيًّا ولأول مرة حضرتُ الحلويات التقليدية الخاصة بالعيد في منطقتي، ورغم التعب كان ذلك جيدًا لخفض التوتر والأفكار السلبية وأيضا في محاولاتٍ أخيرة لإنقاذ أيامِ الفرح التي جاءت برائحة المرض والفقدان والخوف من القادم. هذا دون أن ننسى الإشارة أن الأعمال اليدوية تخفض التوتر وتساعد على الاسترخاء، وهذا ما تقدمه خاصة صنع المعجنات والحلويات التقليدية.

التلوين والأعمال الورقية واليدوية

هذه طرق أخرى لممارسة نشاطٍ يدوي يمنحك قسطًا من الاسترخاء خاصةً لمحبي الأوراق والأقلام والأدوات المكتبيةِ بشكلٍ عام، ومرتبط بالطفولة لأغلبنا، فمن منا لو يلون ويرسم وإن لم يكن بارعًا في ذلك؟

قمتُ في الآونة الأخيرة باقتناء علبة ألوانٍ ودفترِ تلوين لأحد الرسوم المتحركة في غيابِ دفاتر الماندالا في المكتباتِ القريبة، مارست التلوين في أشدِ الأوقات فزعًا لسببٍ أو لآخر، ونظرًا لارتباط التلوين بطفولتي والمدرسة وأيضًا بأوقاتٍ خفيفة مرت علي فكان ذلك مساعدًا على إنقاص التوتر والخوف.

كان اكتشاف الكرافتينج والسكراببوكيغ مرتبطًا معي بحدثٍ سيءٍ للغاية في حياتِي، ورغم أنني قضيت حينها وقتًا ممتعًا لتوثيق ذكرياتي بهما إلا أنني مع ضغط الفترة الحالية والخوف المستمر من الفقدان –وهو نفس الحدث السيئ الذي مررت به- لم أستطع ممارستها رغم كل البهجة التي ستمنحها حالما تنهي خلق شيء جديد على ورقة، بصورةٍ أو مقولةٍ أعجبتك أو بصنع وردة أو بيتٍ ورقي مذهب.

لقد حاولتُ من خلال هذه المادة تدوين تجربتي مع ممارسة أعمالٍ تحمل ذكرياتٍ جيدة واستعمال المشاعر التي تعود بها هذه النوستالجيا من أجل تخفيف التوتر والضغط الذي نمرّ به جميعًا خلال هذه المرحلة الخاصة جدًّا التي يعيشها العالم. يمكنك أنت أيضًا الآن استعادة كل الأعمال والأنشطة التي مارستها في حياتك وكانت تمنحك طاقة إيجابية أو فرحًا ولو خفيفا لتواجه به هذه الأيام الصعاب.

سيعجبك أيضا:

ثقافة الفرح في الأوقات الصعبة: بالله عليكم.. ابتهجوا بالعيد!

تعلم كيف تتخطى الأزمات والأوقات الصعبة دون مساعدة أحد

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..