Loading Offers..
100 100 100

ستيفان زفايغ: خيبة أمل ورحيل مفاجئ

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

أثار فضولي كاتب عملاق قد سطَّر العديد من الكتب والروايات القصيرة التي قد لاقت صدى واسعًا في وسط القراء وأنا لا أعلم عنه شيئًا، تحدثت مع صديقي طالبة منه أن يقول لي ماذا أقرأ له؟ فقال لي:
"هناك أعمال كثيرة من الكتب والروايات إن أحببتِ فابدئي بما انتهى هو عنده: "لاعب الشطرنج"، فقد كتبها قبل انتحاره بخمسة أسابيع".
لن أكذب، فعندما علمت أنها آخر أعماله، رفضت أن أتعرف عليه من حيث ودَّع هو البشرية، هذا لم يكن منطقيًّا لي بكل بساطة. فقمت باختيار عمل عشوائي سأذكره لك لاحقًا. بعد الانتهاء من هذا العمل، قرأت له اثنين آخرين وفي خطتي شراء بقية الأعمال. ولكن أحب أن أشاركك كعادتي صديقي القارئ بما علمته عن زفايغ، معلومات ليست بالأساسية، ولكنها كافية لنؤسس أنا وأنت علاقة طيبة به، علاقة كاتب راحل بقارئ يعيد إحيائه في كل مرة يقرأ له.

نبذة عامة

بدايًة، وُلد الكاتب والأديب النمساوي "زفايغ" لأسرة ثرية عام (1881م) لأب يعمل في صناعة النسيج، وأم تتنقل في الصالونات البرجوازية مرتدية أفضل الملابس. جعل هذا الأمر زفايغ قادرًا على التفرغ للكتابة، دون حمل عبء ألا توجد نقود، كان يملك المال وهذا جعل أعماله تأخذ حقها من حيث المجهود والتفرد. قام زفايغ بكتابة أولى أعماله، والتي كانت مجموعة شعرية تحت اسم "حبال من الفضة"، وقد كان عمره (19) عامًا فقط.

أبرز أعماله

له عمل من جزأين، هذا العمل قد أوضح لقرائه كم هو باحث ذكي، وكاتب متمكن. "بناة العالم". سبعة عباقرة من أعلام الأدب و الثقافة. يقوم زفايغ بسرد حياتهم وتفاصيل غير معروفة عنهم، كما يذكر جهودهم البارزة في بناء العالم. السبعة هم: "دوستويفسكي"، "ديكنز"، "هولدرلن"، "بلزاك"، "تولستوي"، "ستندال"، "كلايست". لم يكن هذا فقط هو أبرز أعماله، فهو لديه العديد من الكتب والروايات المشهورة جدًّا، ولكننا هنا نبرز كم كان كاتبًا، باحثًا وأديبًا، كما نذكر أن دوستويفسكي كان كاتبه المفضل، أرشح لك "بناة العالم" لترى كيف تحدث عنه، وكيف تحدث عن الآخرين، شارحًا كيف أن الأدباء هم من بنوا العالم.

انتحاره المفاجئ وخيبة أمله

عندما نتساءل لماذا انتحر شخص ما، سنرى أسبابًا كخيبة الأمل، كالاستسلام، كالفشل. أرى أن الانتحار ليس حلًّا ولكني لست هذا الشخص، لا أرى بنفس وجهة نظره، لا أشعر ما يشعر به، لا أعلم كيف تلقى ما حدث أو ما يحدث له. لذا عندما بحثت عن انتحار زفايغ، علمت أنه كان يأمل في إنسانية وسلام. زفايغ كان يحب أوروبا جدًّا، كان يحلم بمجتمع أوروبي كبير كله سلام وثقافة، لكنه وجد الحرب العالمية تهدم أحلامه، كما رأى أوروبا تدمر نفسها، فلم يتحمل كما أن مجرد احتمالية أن تسود كل بلاد أوروبا الفاشية والنازية كما صعدت في إيطاليا وألمانيا، فقد الأمل في ذلك المجتمع السلمي الذي يحلم به.الغريب في الأمر، أنه طلب من أصدقائه في رسائل انتحاره التي أرسلها لهم ليشرح أسباب قيامه هو وزوجته الشابة لماذا يرفعون راية الاستسلام ويرحلون عن عالمنا، أن يظلوا بخير وعلى قيد الحياة ليشهدوا الفجر الجديد القادم من بعد الظلام، أليس هذا غريبًا؟

كيف انتحر؟

في الثاني والعشرين من فبراير عام(1942م)، بعد كتابة الرسائل للأصدقاء وشرح موقفه وموقف زوجته، دخل زفايغ وتناول حبوبًا منومة كثيرة هو وزوجته، كما جعل الكلب يتناولها أيضًا ليرحل في سلام معهم في مشهد أقرب للمشاهد الدرامية، فقد نام الكلب أمام الحجرة بتلك الحبوب. عندما تأخروا في صباح اليوم التالي عن الخروج من الحجرة، اقتحم الخدم الغرفة ليجدوا زفايغ ممددًا هو وزوجته على فراشهما وقد ودعا البشرية، وتخلصا من خيبة أملهم وحزنهم. "لذلك فإنني أفضل أن أنهي حياتي في الوقت المناسب، وأنا في أحسن حالاتي، كرجل كان العمل الثقافي يُمثل دائمًا بالنسبة له مصدر سعادته وحريته الشخصية، وهما أثمن ما يمكن أن يمتلكه الإنسان على هذه الأرض".بعد انتحاره، ظهرت مذكراته والتي تم نشرها تحت عنوان "عالم الأمس". قامت السينما بتكريمه عن طريق عمل فيلم، تناولت قصته مأساة انتحاره تحت عنوان "وداعًا أوروبا". "أن يبدأ المرء كل شيء من جديد بعد عامه الـ(60) لهو أمر يتطلب ميزات خاصة، ولقد استنفزت كل قواي بعد سنوات من التجوال بحثًا عن مأوى".

ما قرأته له وأرشحه لك

رسالة من مجهولة

إلى أيّ مدى يمكن للمرأة أن تعشق؟ أن تستمر في العشق من طرف واحد؟ أن تعيش فقط لتكون منبوذة بسبب هذا العشق دون انتظار لتبادله؟ كم يمكن أن تخلص لطرف لا يدري عنك شيئًا؟ يستقبل رجلًا خطابًا من مجهولة لم يكن يعلم يومًا أن ما في الخطاب مرّ في حياته في فترة ما.. ما الموجود في هذا الخطاب؟ من هي وما علاقتها بهذا الرجل؟ ماذا حدث؟ هل من الممكن أن تتحمل النفس البشرية كل هذا العناء باسم الحب؟ عندما انتهيت من تلك الرواية جلست في زاوية الغرفة أتخيل ما فكر به زفايغ وما شعر به تجاهنا نحن البشر.. ماذا لو كنت مكانها؟ أو مكان مُستقبل الرسالة؟ أو زفايغ الكاتب؟

آموك سعار الحب

أدب الاعتراف.. غريبان يلتقيان على سطح سفينة، أحدهم يحمل سرًّا، هناك تابوتًا على السفينة، فما قصته؟ من هذا الشخص؟ لماذا سيعترف لغريب بقصته المأساوية؟ مَن في التابوت؟ مَن مذنب؟ مَن محبّ؟ ولكننا سنعلم بالتأكيد في النهاية لماذا سُميت بسعار أو جنون الحب.

الخوف

حسنًا، لاحظتم من نبذاتي أن زفايغ يبحث عن النفس البشرية وبداخلها، يريد أن يرينا أن المشاعر ليست محددة ودقيقة، لا يُمكن أن تتوقع أبدًا كيف للعاطفة وللحب أن يكون مؤذيًا؟ هنا.. هناك زوجة خائفة من خطأ قد ارتكبته. مَن علم؟ مَن يهددها؟ كيف تحافظ على مكانتها وزوجها؟ إلى أيّ مدى يمكن أن تسامح؟الآن يمكنني أن أترك يدك، فقد وصلت معي لنهاية رحلتي بزفايغ، أو نهايتها الحالية، لأنني لم أنته منه ولن ينتهي مني.. سأستدعيه من بين الموتى لأحكي له بما شعرت عندما انتهيت من كتاب أو رواية من أعماله.. ماذا عنك؟
إليك أيضًا

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..