Loading Offers..
100 100 100

[سلسلة] من تجربتي الذاتية: كيف تبرمج نفسك على عدم إصدار الأحكام على الآخرين

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

أتعجب كثيرًا من منظمات حقوق الإنسان، التي تنادي بالحرية والعدالة ومكافحة الفقر والمرض، في حين أنها تتناسى تمامًا طريقة حل مشكلة الإنسانية من جذورها، ستسألون الآن: ما علاقة حقوق الإنسان بموضوع اليوم؟الإجابة ببساطة وهي أن كل شيء يدور في حلقة واحدة مغلقة؛ فلا داعي للتحدث عن معاملة الآخرين بحيادية وموضوعية وأغلب تصرفات البشر لا تحمل أي روح من الإنسانية، دعونا نترك المقدمة المملة كالعادة وندخل في موضوعنا مباشرة.في البداية يجب أن تختبر نفسك هل أنت حقًّا من أولئك الذين يصدرون أحكامًا مسبقة على الآخرين أم لا؟ وستعرف ذلك من خلال الآتي:

1-راقب نفسك أثناء تعرفك على أشخاص جدد

أنا على سبيل المثال حينما ذهبت لمعرض الصين التجاري في القاهرة العام الماضي لتغطية فعاليات الافتتاح لاحظت أن عيني وعقلي يعملان في تناغم لم أشهده من قبل، في هذا اليوم نسيت شغفي بالصحافة بسبب عشقي لبلدان شرق آسيا، خاصة الصين وكوريا الجنوبية، في هذا اليوم -بطريقة عفوية- أصدرت الأحكام على كل الصينيين الذين تحدثت معهم أو جمعتني بهم الصور التذكارية، وحتى من مررت بجوارهم، لكن أحكامي كانت إيجابية نابعة من الصورة الوردية المرسومة في خيالي عن الصينيين، شعرت كما نقول في مصر "مراية الحب عمية" لكن تخيلوا لو أن أحدًا غيري ذهب للافتتاح وهو يكنّ مشاعر الكره للصين ويعتبرها نذير شؤم، هل تعتقدون أنه سيصدر أحكامًا إيجابية مثلي؟بالطبع لا، وهنا بالتحديد أريد منك عزيزي القارئ أن تقوم معي بتلك التجربة، وتجلس في مطعم أو كافية أو حتى محطة المترو، وتأخذ معك ورقة وقلم، وتبدأ في رؤية المارة والجالسين بجوارك وتسجل كل الأفكار التي تراودك في الورقة، وبعد برهة أغلق عينيك لدقيقتين واسأل نفسك "على أي أساس كونت تلك الفكرة عن هؤلاء الأشخاص" ستلاحظ أن الإجابة لا علاقة لها بهؤلاء الأشخاص؛ لأن تلك الأفكار التي راودتك ما هي إلا برمجة بسيطة استخدمها عقلك على مدار سنوات، تلك البرمجة تصنف أي شخص جديد في حياتك بناء على التصنيفات التي سجلها في ملفاته بالفعل.لهذا السبب أغلب البشر يعجبون بالشخصية التي لا يوجد لها أي إطار مرجعي في عقولهم، ببساطة وبعيدًا عن تلك السطور المعقدة، حاول أن تستخدم عينيك في ملاحظة الشيء المميز في أي شخص جديد تتعرف عليه كي لا يتصرف عقلك على هواه ويعطيك برمجة خاطئة عن هذا الشخص.

2-انتبه لحالتك المزاجية جيدًا

حدثتكم من قبل في مقالة (كيف تكون صداقات ناجحة) عن انطباعي الأول -الخاطئ- عن صديقتي نيرمين وهالة، هل تعلمون أن سبب انطباعي السلبي بشأنهن هو حالتي المزاجية وقتها، أتذكر حينما قابلت هالة كان يومي مزدحمًا بالمحاضرات، وأكاد أموت جوعًا، وبالتالي لم أشعر برغبة في الانخراط مع أي كائن في العالم؛ فكل ما كنت أرغب به حينها هو وجبة عشاء و(10) ساعات نوم فقط لا غير؛ لهذا أقنعت نفسي بوهم الانطباع الأول، ومع نيرمين حدث نفس الشيء، الفرق الوحيد أن لقاءنا كان لقاء عمل في يوم لا يحمل صباحه سوى اجتماعات مملة ولم يمر مساؤه إلا بعد عزاء صديقتي في وفاة والدها، ومما سبق تيقنت تمامًا أن حالتي المزاجية لها عامل كبير على إصداري الأحكام على الآخرين.وبما أن المشكلة تكمن الآن في الحالة المزاجية، وما يخبرنا به عقلنا بشأن الآخرين، إذن ينبغي علينا الآن إيجاد الحل وسيكون كالأتي:

1-استخدم هوايتك لتشتيت أفكارك السلبية

أول طريقة استخدمتها لإنقاذ نفسي والآخرين من ويلات حكمي المسبق كانت ولا تزال التأليف، كنت أعرف أني كسائر البشر سأضع الآخرين في أطر غير مناسبة لشخصيتهم؛ فإما سأعتبرهم ملائكة وسأتجاهل أخطاءهم، أو سأعاملهم كشياطين وهنا سأظلمهم بكل تأكيد؛ لذا قررت أن أضعهم في أطر جديدة بدلًا من الأطر القديمة عن طريق إدخالهم ضمن أحداث رواية أو قصة سيلعبون فيها دور الضحية، وكل هذا بغرض برمجة نفسي على الإشفاق عليهم، ومنذ ذلك الحين وأنا أنظر للآخرين على أساس أن كُلًّا منهم لديه جانب مأساوي في حياته؛ فيزداد تعاطفي وشفقتي عليهم أكثر فأكثر، ومع الوقت برمجت نفسي على اكتشاف أجمل ما فيهم.وطبعاً من الممكن استخدام الرسم أو الموسيقى بنفس الطريقة؛ فمثلًا من يمتلك موهبة الرسم قد يستخدم رسوماته من أجل إظهار الجمال الحقيقي لأي شخص يراه لأول مرة، وبالنسبة للموسيقيين فربما يؤلفون نوتة موسيقية تعبر عن مشاعرهم الحقيقية وانطباعهم الأول عن الآخرين.. الهدف هنا هو أن نحرك مشاعر الشفقة والتعاطف تجاه البشر عوضًا عن ترك الأمر برمته لعقولنا وأفكارنا السلبية.

2- لا تحمل الآخرين أعباءك أو أعباء غيرهم

حتى الآن لا يعلم البشر أن الحكم المسبق ناتج عن تعميم الأخطاء؛ فمثلًا نجد بعض الرجال يكرهون المرأة بشكل عام لأنه تعرض للخيانة من زوجته أو للهجر من قبل أمه، هنا هذا الشخص وضع أمامه قاعدة، وهي"كل النساء على نفس الشاكلة"، وهكذا مع الأسف يبدأ البشر في تعميم تلك التجربة، ووضع عبء أخطائهم أو أخطاء غيرهم على شخص لا ذنب له في مرورهم بتاريخ مرير وقاسٍ.لكن في النهاية وبخلاف ما سبق أود أن أطرح تساؤلًا أستطيع الإجابة عليه حتى الآن، وهو كيف يستطيع البشر إصدار الأحكام في حق غيرهم، أو بأي صفة؟ بالنسبة لي لا يوجد أحد مؤهل للحكم على حياتي، حتى أقرب المقربين لأنهم ببساطة لم يعيشوا حياتي، لم يفكروا مثلي لم يمروا بتجاربي، عقلهم ومشاعرهم وأفكارهم مختلفة تمامًا عن مشاعري وأفكاري وبرمجة عقلي، إذن بأي حق يقفون أمامي كالقاضي والجلاد وينتقدونني أو حتى يوجهونني، ربما العلاج الأخير لأولئك هواة الأحكام المسبقة هو تكرار مقولة "دع الخلق للخالق" لعل التكرار يُرسخ في عقولهم فكرة أن الله وحده هو الحكم العدل.
إليك أيضًا

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..