لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
الاكتئاب، مصطلح يتداوله الناس كثيرًا، خاصةً في الآونة الأخيرة دون أن يدروا بمعنى الكلمة أو أبعادها، حتى إنهم أصبحوا لا يستطيعون التفريق بين نوبات الحزن العادية والاكتئاب بسبب كثرة تداول هذا المصطلح دون وضع اللفظ في موضعه الصحيح. وما لا يعرفه الكثير منا أنّ للاكتئاب عدة أنواع وهم أربعة أنواع، سنتناولهم بشيء من التفصيل خلال مقالنا التالي، لكن قبل التعرف عليهم أريد أن أوضح شيئًا مهمًّا للغاية، وهو أنه لا بد من أنك قد أُصبت بحالة اكتئاب من الحالات الآتية، تابعني في السطور التالية، وتَعرَّف على النوع الذي قد مررت به.
النوع الأول: الاكتئاب الظرفي
هل بكيت من قبل بسبب ظروف صعبة مررت بها؟ هل راودتك بعض الأفكار السيئة ولا أبالغ إن وصفتها بانتحارية عندما لم تحصل على شيء أردته بشدة، مثلًا رفضك من الكلية التي أحببت الدراسة فيها. إذا كنت قد شعرت بحالة بائسة أو عانيت في يومٍ من الأيام بسبب هذه الأحداث الواردة جدًّا في الحياة، فتهانينا لك يا صديق، أنت إنسان من ذوات الدم الحار ولك مشاعر. هذا النوع من الاكتئاب يسمى بالاكتئاب الظرفي ومن اسمه هو يحدث لظروفٍ معينة.نحن البشر نشعر بالحزن، وهذا شعور كلنا نعرفه بالتأكيد، قد يستمر هذا الحزن لفترات طويلة ردًّا على بعض الأحداث السلبية والمواقف السيئة التي قد تحدث لنا في حياتنا. فجميعنا نشعر بالقلق في وقتٍ من الأوقات لعدة أسباب منها فقدان وظيفة ما وهذا موقف سيئ، أو فقدان أحد أفراد الأسرة، وهذا موقف أسوأ. في مثل هذه الحالات، لا حرج في معاناة المرء من الاكتئاب الظرفي. حتى إنه ربما يكون من غير الطبيعي ألا يشعر الشخص بالاكتئاب. في بعض الأحيان قد يستمر هذا الاكتئاب لعدة أسابيع وقد يمتد لأبعد من ذلك وتستمر الأفكار الانتحارية المرهقة. في هذه الحالة قد يخرج المرء من دائرة الاكتئاب الظرفي ويدخل في حالة أخرى من الحالات الثلاث الأخرى.بالمناسبة، إنّ حالة الاكتئاب الظرفية هذه منتشرة عالميًّا، وبسبب ذلك، يعتقد أغلب الناس أنّ لديهم الخبرة الكافية التي تؤهلهم لإعطاء نصائح للغير، وهذا شيء غير مرغوب. قد تكون النصيحة التي تُعطى بحُسن نية وسيلة لزيادة حالة الاكتئاب. فكلام الناس التدعيمي المألوف مثل: الحياة أمامك، توقف عن الشعور بالأسف. هناك الكثير من الناس الذين يعانون من مشاكل أسوأ بكثير، هذه النصائح التي تُعطى بنية خالصة تَزيد حالة الاكتئاب ولا تُعالج شيئًا.
النوع الثاني: الاكتئاب البيولوجي
ترتبط حالة الاكتئاب البيولوجي بحدوث خلل لدى الأفراد، ويظهر هذا الخلل في النواقل العصبية مثل: السيروتونين أو النوربينفرين، قد يظهر هذا الخلل أيضًا في بعض الهرمونات مثل: هرمون الأستروجين أو البروجسترون أو الغدة الدرقية. تؤثر هذه النواقل العصبية والهرمونات على حالتنا المزاجية وفسيولوجيا أجسامنا. بمرور الوقت تبدأ المشاعر السلبية في مهاجمة المرء، مثل الشعور باليأس وفقدان الأمل في الحياة وانعدام التلذذ بالأشياء. ونتيجة الاضطرابات الفسيولوجية التي يتعرض لها المُصاب، تحدث بعض التغيرات في الجسم مثل انخفاض مستوى التمثيل الغذائي وضعف التركيز وقلة الإدراك أو بطء المعرفة. يشعر المرء بحالة من قلة احترام الذات.في هذه الحالة، يجب اللجوء إلى الطبيب المختص فورًا وتناول مضادات الاكتئاب -بإذنٍ من الطبيب طبعًا- لكن لا يجب الاعتماد على الأدوية فقط، فعلى المصاب استغلال الطاقة الكامنة بداخله في تحقيق بعض الأهداف التي يأس منها، وهنا يشعر بالإنجاز وهذا بدوره يُعزز مسألة العلاج.
النوع الثالث: الاكتئاب النفسي
وهو النوع الأشهر، ويُسمى بالاكتئاب النفسي، نظرًا لارتباطه بعوامل نفسية، منها: فقدان المنظور، أو وضع توقعات غير واقعية والاعتماد عليها أو التحدث عن الذات بشكلٍ سلبي أو بسبب علاقة عاطفية غير فعّالة. هذه العوامل منطقية وحقيقية للغاية، مَن مِنا لم يتعرض لخيبة أمل من قبل؟ إنّ تحطيم آمالنا والتعرض لظروف سيئة من خلال الواقع من بين أسوأ التجارب التي تمر على الإنسان ويتحملها وحده. يمكنني القول بأنّ ذلك شكل من أشكال الخذلان.غالبًا ما يصل الكثير من الناس المصابين بهذا النوع من الاكتئاب إلى تفكير وهو عدم بناء آمال للمستقبل والقبول بالحياة كما هي، واخفاض سقف التوقعات، حتى لا يخيب أملهم في الحياة مرة أخرى. ويجدون في هذا التفكير أداة جيدة لحماية أنفسهم من خيبة الآمال. لكن مع الأسف، قد تؤدي هذه الإستراتيجية إلى وصول الشخص إلى حالة من اللامبالاة واليأس. في مثل هذه الحالة، يجب على الشخص الرجوع إلى الطبيب المختص، كما ثَبُتَ أنّ العلاج السلوكي المعرفي فعّالٍ للغاية في مثل هذه الحالات.
النوع الرابع: الاكتئاب الوجودي
عادةً ما يكون الدافع الرئيسي وراء الاكتئاب هو تعرُّض الشخص لحدثٍ سلبي، مثل فقدان الوظيفة. لكن الغريب في الأمر حقًّا أن يظهر نوع من أنواع الاكتئاب نتيجة حدث إيجابي. ويبقى السؤال الأهم هنا هو، كيف تتسبب الأحداث الإيجابية في حدوث اكتئاب؟ حسنًا، لنعود بشريط الذاكرة للوراء، تحديدًا في مرحلة المراهقة، هذا السن حيث الآمال والرغبة في الحياة. عندما قررنا تكريس حياتنا لهدف ما، كنا نعتقد أنّ هذا الهدف سيُعطي معنًا للحياة، ويساعدنا على تحقيق الذات.قد تكون هذه الأهداف مهنية أو رغبات شخصية محددة أو السفر حول العالم…إلخ. كثيرًا ما نتخيل سعادة غير واقعية عند تحقيق هذا الهدف في المستقبل، وبمجرد حدوثه، لا نجد أنّ مقدار السعادة التي حصلنا عليها كافية. وهذا ما يحدث مع بعض الناس الذين يسعون خلف أهدافٍ ويتفاجئون أنها لم تجلب لهم الرضا المرجو، هذا بدوره يدفعهم للتعرض إلى أزمة وجودية. ويبدأ في التساؤل، هل كنت أضيع الوقت في حياتي؟ أين معنى الحياة التي رجوته من تحقيق هذا الهدف؟ مع الأسف الشديد، هذا النوع من الاكتئاب يصعب معالجته، حتى إنّ إستراتيجات العلاج النفسي المتاحة لا تضمن التأثير الفعّال. ويحتاج هذا الاكتئاب إستراتيجيات طويلة المدى للعلاج، وتتطلب فترة زمنية طويلة. وقد يساعد الانغماس وسط المجموعات الدينية أو نوادي الكتب أو المنظمات الإنسانية في العلاج. فهذا يساعد المريض على التفكير في أهداف الحياة المختلفة.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد