لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
تربية الفتيات أكثر تعقيدًا وحساسية من تربية الفتيان؛ نظرًا لصعوبة التعايش وإثبات الذات في المجتمع بالنسبة للفتاة، وخاصة في مجتمعاتنا العربية. على عكس ما عاشه أجدادنا وبالتحديد جَدَّاتنا، اليوم أضحت الفتاة العربية تحمل بدل العبء ضعفَيْنِ، ففي القديم كانت مطالبة بتسيير شؤون بيتها والسهر على راحة الأب ثم الأخ ثم الزوج وتربية الأبناء، وهذا لا يعتبر قليلًا، وفي الوقت الحاضر أتيحت لها فرصة الدراسة والعمل -وهو حق- على إيجابيته أضحى حملًا ثقيلًا نظرًا لبقاء العقلية والمعاملة على حالها عند غالبية مجتمعنا، وعدم تقاسم الأدوار التي ليست حكرًا على المرأة، فالرجل مسؤول عن تربية أبنائه أيضا ومطالب بمساعدة زوجته أو أخته أو ابنته في القيام بأعمال المنزل عند الحاجة.
لكي تنشئ ابنة اليوم مسؤولةً يجب التخطيط لذلك ومناقشته بين الأم والأب، والتفاهم على أخذ دربٍ واحد للتربية للخروج بأخفّ الأضرار وتكوين فتاة قادرة على مواجهة المستقبل وما ينتظرها من تحديات. تُظِهر الدراسات باستمرارٍ أن الفتيات يشعرن أنهن تحت ضغط لإرضاء الأقران والأهل على حدٍّ سواء، وفي سنّ المراهقة، يزداد احتمال أن تصبح مكتئبة وغير سعيدة.
فيما يلي مكتسبات يجب على الوالدين التأكيد عليها لتنشئة فتيات قويّات وواثقات.
مهارات التواصل
تقول (90 في المائة) من الفتيات في سنّ الدراسة إنهن يجدن صعوبة في التعامل مع زملائهن في الصف. تجنّب في هذه الحالة التلقين المتسلط وتوجيه الأوامر لأنه عندما تناقش المشكلة مع ابنتك لتبحث عن الحلّ المحتمل عادةً ما تلزم الصمت وتخاف ردّة فعلك الغاضبة المتوقعة، أثناء بحثك عن حلّ لمشاكلها والمواقف الصعبة التي واجهتها يبدو أنك ببساطة خنقت قدرة فتاتك على التواصل، لتطوّر ردات فعل غير متزنة لحلّ نزاعاتها، والتي يمكن اعتبار الكثير منها على أنها عدوانية. باختصار، تُعَدُّ العدوانية وسيلة غير مباشرة للردّ على سلوكيات مثل التجاهل أو النميمة أو التنمر.
كيف يمكننا المساعدة؟
بتقديم خريطة طريق صحية لحلّ النزاعات، وهذا يوضح لها كيفية الدفاع عن أفكارها وآرائها دون التقليل من شخصية الآخر، عندما يشجع الوالدان ابنتهما على أن تكون حازمة، وتعبِّر بحرية عن احتياجاتها وآرائها، يغرِسان فيها المهارات الأساسية للدفاع عن النفس بالإضافة إلى تعزيز الشجاعة لتكون واثقة بما يكفي من نفسها.
الذكاء العاطفي
الذكاء العاطفي، هو “القدرة على تحديد وإدارة عواطفك وعواطف الآخرين”، يتضمن عمومًا ثلاث مهارات: الوعي العاطفي، حل المشكلات، وإدارة العواطف.
للأسف تتعلم الفتيات منذ الصغر أنه يجب عليهن تولّي دَور قوات حفظ السلام وتجنّب الصراعات بأيّ ثمن، فيتم حرمانهن من القدرة على تطوير المهارات اللازمة لإدارة عواطفهن، عندما يتم تعليم الفتيات أن بعض العواطف، مثل الغضب والحزن، غير مقبولة منها باعتبارها فتاة، فإنها ستخجل بشكل طبيعي من التعبير عن مجموعة كاملة وحقيقية من المشاعر.
كيف يمكننا المساعدة؟
يجب أن يسمح الوالدان بوجود مساحة للتعبير عن غضب ابنتهما وحزنها كمشاعر صحية طبيعية، من خلال الاستماع والتعاطف والدعم وتعليم التعبير الآمن والمناسب لهذه المشاعر، وبذلك فإنها تتعلم مهارات التأقلم والقبول الذاتي التي ستأتي بثمارها لفترة طويلة بعد الطفولة.
تجنب التركيز المفرط على المظهر
أفادت سَبْع من كل عشر فتيات بالقلق من مظهرهن، وعلى وجه التحديد وزنهن. بالطبع، هذا ليس مفاجئًا نظرًا للهوس النسبي الذي تسلطه ثقافتنا على الفتيات والمعايير غير الواقعية للجمال. لا يحتاج الوالدان إلى الشعور بالعجز في مواجهة هذه الثقافة، فمجرد إدراك الرسائل الضارة سيساعد على الإجابة على هذه الأسئلة: كيف يتم تصوير الفتيات عادة في التلفزيون أو في الأفلام أو وسائل التواصل؟ هل هذا يتماشى مع تجاربك وخبرات ابنتك؟ كيف تتجنب التأثير السلبي لهذه المعايير اللاواقعية على ابنتك؟
كأب وأم، يمكنك أن تعدّد لها كل صفاتها وسماتها المميزة التي تكوّن شخصيتها الفريدة، وهذا كافٍ لضمان تجنُّب جزء كبير من التأثير السلبي لهذه الآفة.
تعليمها قيمة الأخطاء وعقلية النموّ
يجب أن تُعِدّ ابنتك لعيش التوتر والفشل وخيبة الأمل التي لا مفرّ منها. عندما نعلّم الفتاة أن يكون لديها عقلية نموّ ودراية بقيمة الأخطاء وأنها جزء من النجاح، فنحن نعطيها مهارة المرونة في مواجهة التحديات والفشل.
عندما تكون الفتاة قادرة على المخاطرة والانفتاح على نقاط ضعفها، فإنها قادرة على مواجهة التحدي مهما كان صعبا. يمكن للوالدين أيضًا الإشارة إلى أخطائهم الخاصة والتحديات التي واجهتهم معتبرين أنها طريق إلى النجاح وليست النهاية. عند تلقينها هذه المهارات الاجتماعية منذ الصغر، تخلق مساحة آمنة لها للتعبير عن مشاعرها وتكوين وعيها الذاتي، وهذا الأساس القوي بالغ الأهمية لقوتها الداخلية ولسعادتها.